للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الثَّالِثَةِ مَا أَعْدَدْت لَهَا قَالَ حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» ، فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا قُلْت: لِصَاحِبِك أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت» ، فَمَعْنَاهُ تَرَكْت الْأَدَبَ وَنَدْبُ الْإِنْصَاتِ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ السَّمَاعِ، وَيَسْتَوِي فِي نَدْبِ الْإِنْصَاتِ سَامِعُ الْخُطْبَةِ وَغَيْرُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَقَلَاهُ عَنْ النَّصِّ وَعَنْ قَطْعِ كَثِيرٍ، ثُمَّ نَقَلَا عَنْهُمْ أَنَّ غَيْرَ السَّامِعِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِنْصَاتِ، وَالِاشْتِغَالِ بِالتِّلَاوَةِ، وَالذِّكْرِ وَكَلَامِ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالتِّلَاوَةِ، وَالذِّكْرِ أَوْلَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ

(وَ) نُدِبَ (تَرْكُ بَدْءٍ) أَيْ: ابْتِدَائِهِ (بِسِوَى تَحِيَّتِهْ) بِالْمَسْجِدِ، أَوْ بِسِوَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مِنْ الصَّلَوَاتِ إذَا جَلَسَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ، وَالْمَعْرُوفُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ تَحْرِيمُ الِابْتِدَاءِ بِذَلِكَ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ خُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ وَخَرَجَ بِابْتِدَائِهِ دَوَامُهُ نَعَمْ يَحْرُمُ التَّطْوِيلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلَامِ حَيْثُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ مَا لَمْ يَبْتَدِئْ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَحْرُمُ حِينَئِذٍ إنْ قَطَعَ الْكَلَامَ هَيِّنٌ مَتَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ.) بَيَانُ، وَجْهِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: لَهُ وُجُوبُهُ) أَيْ: الْإِنْصَاتِ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي) بَلْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ السَّمَاعُ، بِالْقُوَّةِ، بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى لَسَمِعَ لَا الْفِعْلُ وَعَلَيْهِ، فَلَا يُتَوَهَّمُ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ وُجُوبِ السَّمَاعِ) لِإِمْكَانِ السَّمَاعِ مَعَ التَّكَلُّمِ

(قَوْلُهُ: بِسِوَى تَحِيَّتِهْ) أَيْ: مِنْ الصَّلَوَاتِ يَخْرُجُ بِالطَّوَافِ، فَلَا يُحْرِمُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ تَنْدَرِجُ فِي رَكْعَتَيْهِ، فَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ إنْ دَخَلَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلطَّوَافِ صَلَّى التَّحِيَّةَ، أَوْ مُرِيدًا لَهُ، وَطَافَ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ دُخُولِهِ، وَفَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ، وَإِنْ حَصَلَتْ بِهِمَا إلَّا أَنَّهَا تَفُوتُ إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِذَا فَاتَتْ التَّحِيَّةُ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ حَالَ الْخُطْبَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ تَحِيَّةً، أَوْ مُتَضَمِّنَةً لَهَا، وَإِذَا طَالَ الْفَصْلُ هُنَا لَمْ تَكُنْ مُتَضَمِّنَةً لَهَا لِفَوَاتِهَا بِطُولِ الْفَصْلِ، وَلَوْ صَرَفَهَا عَنْ التَّحِيَّةِ تَمَحَّضَتْ لِغَيْرِ التَّحِيَّةِ، فَتَمْتَنِعُ بَلْ الْمُتَمَحِّضَةُ لِغَيْرِ التَّحِيَّةِ مُمْتَنِعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: بِالْمَسْجِدِ) ، فَالضَّمِيرُ فِي تَحِيَّتِهِ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِسِوَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إلَخْ.) ، فَالضَّمِيرُ لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: إذَا جَلَسَ) أَخْرَجَ مَا قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُتِمُّهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْبَةِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ، بِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْمَنْعِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قَامَ لِلْخُطْبَةِ، وَجَبَ عَلَى هَذَا الْمُصَلِّي التَّخْفِيفُ نَعَمْ إنْ تَحَرَّى التَّأْخِيرَ لِيُوقِعَ بَعْضَهَا حَالَ الْخُطْبَةِ، فَفِيهِ نَظَرٌ م ر إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَخْرَجَ إلَخْ. قَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ الْآتِي خُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: إذَا جَلَسَ الْخَطِيبُ إلَخْ.) أَخْرَجَ مَا قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَلَوْ حَالَ الصُّعُودِ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ الِابْتِدَاءِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا حُرِّمَتْ، فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ انْعِقَادِهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ لَهَا إلَى أَنْ قَالَ: بَلْ إطْلَاقُهُمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْ الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ هُنَا فَرْضًا لَا يَأْتِي بِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ لِنَحْوِ صَمَمٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَحَلِّ الْخُطْبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْرُمُ التَّطْوِيلُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَيَنْبَغِي أَيْ: يَجِبُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ كَانَ فِيهَا عِنْدَ قِيَامِ الْخَطِيبِ أَيْ: صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ، وَجُلُوسِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ التَّطْوِيلُ) هَلْ تَبْطُلُ بِهِ يُتَّجَهُ الْإِبْطَالُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الصَّلَاةِ إلَخْ.) وَكَالصَّلَاةِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ كَمَا فِي، فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ: تَحْرُمُ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ صَعِدَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ تَمَّ صُعُودُهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَا تُبَاحُ نَافِلَةٌ بَعْدَ صُعُودِهِ، وَجُلُوسِهِ اهـ. وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِمْ جَوَازُ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَلَوْ، بِرُبَاعِيَّةِ فَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَى الْجُلُوسِ مَا يَسَعُ مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ التَّكْلِيفِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ. نَعَمْ إذَا جَلَسَ الْخَطِيبُ، وَجَبَ التَّخْفِيفُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ، بِقَوْلِهِ: نَعَمْ يَحْرُمُ التَّطْوِيلُ، وَيُحْتَمَلُ امْتِنَاعُ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْجُلُوسِ فِي وَقْتٍ يُعْلَمُ أَنَّ الْبَاقِيَ إلَى الْجُلُوسِ لَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: انْقَطَعَ الْكَلَامُ إلَخْ.) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الطَّوَافَ كَالْكَلَامِ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ هَيِّنٌ لِجَوَازِ الْبِنَاءِ فِيهِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

وَأَنْصِتُوا بَعْدَ الِاسْتِمَاعِ ذِكْرُ خَاصٍّ بَعْدَ عَامٍّ، وَالْإِصَاخَةُ الِاسْتِمَاعُ لِمَا يَصْعُبُ اسْتِمَاعُهُ، وَإِدْرَاكُهُ كَالسَّبِّ، وَالصَّوْتِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ نَقَلَهُ ع ش عَنْ الْمُنَاوِيِّ عَنْ الرَّاغِبِ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي مَا مَرَّ إلَخْ.) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ السَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: يُسَنُّ الْإِنْصَاتُ هُوَ السُّكُوتُ مَعَ الْإِصْغَاءِ، وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ السَّمَاعِ أَيْ: عَلَى طَرِيقَةِ الْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ السَّمَاعِ بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِسِوَى تَحِيَّةٍ) أَيْ: مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ قَضَاءً سُنَّةَ الصُّبْحِ، أَوْ نَفْسَ الصُّبْحِ سَوَاءٌ نَوَى مَعَهَا التَّحِيَّةَ، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَرَفَهَا عَنْهَا. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِسِوَى تَحِيَّتِهِ بِالْمَسْجِدِ) أَيْ: بِغَيْرِ تَحِيَّةِ الشَّخْصِ حَالَ كَوْنِهِ بِالْمَسْجِدِ، أَوْ بِغَيْرِ تَحِيَّةِ الشَّخْصِ الْوَاقِعَةِ بِالْمَسْجِدِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَلَسَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكَانَ الْمُصَلِّي بِغَيْرِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ لِغَيْرِ التَّحِيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْوِ فِعْلَ الْجُمُعَةِ مَعَهُمْ بِمَحَلِّهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَقْتَ فِعْلِهَا مَانِعُ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَعَلَى الثَّانِي يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فَالصَّوَابُ فِي حِلِّهِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى إرْجَاعِ ضَمِيرِ تَحِيَّتِهِ لِلشَّخْصِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْرُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>