للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمَحْمُولِ انْتَهَى بَلْ يَتَعَيَّنُ إنْ مَنَعَ حَمْلُهُ الصِّحَّةَ قَالَ فِي الْأُمِّ، وَالسِّلَاحُ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَقَوْسٍ وَتُرْسٍ وَمِنْطَقَةٍ وَجَعْبَةٍ وَنَحْوِهَا، فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ مِنْ أَنَّ التُّرْسَ، وَالدِّرْعَ لَيْسَا مِنْ السِّلَاحِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ وَلِمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْبَيْضَةَ مِنْهُ، وَالدِّرْعُ كَالْبَيْضَةِ بِلَا شَكٍّ

(وَسُنَّ فِي الْمَغْرِبِ أَنْ يُصَلَّى ثِنْتَانِ) أَيْ: رَكْعَتَانِ (لَا بِمَنْ تَلَتْ، بَلْ أَوْلَى) أَيْ: لَا بِالْفِرْقَةِ الَّتِي تَلَتْ الْأُولَى، بَلْ بِالْأُولَى وَيُصَلَّى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ؛ لِأَنَّ السَّابِقَةَ أَحَقُّ بِالتَّفْضِيلِ؛ وَلِأَنَّ فِي عَكْسِهِ الْمَفْضُولَ، بَلْ الْمَكْرُوهَ كَمَا فِي الْأُمِّ تَكْلِيفُ الثَّانِيَةِ تَشَهُّدًا زَائِدًا، وَاللَّائِقُ بِالْحَالِ التَّخْفِيفُ

(وَنَظْرَةٌ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ: وَسُنَّ انْتِظَارُ الْإِمَامِ (لِفِرْقَةٍ سَتَقْتَدِي) بِهِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ (فِي ثَالِثِ الْقِيَامِ) مِنْ الْمَغْرِبِ (لَا) فِي (التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ، فَانْتِظَارُهُ لَهَا فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ يَنْتَظِرُ فِي الثُّنَائِيَّةِ قَائِمًا، فَكَذَا هُنَا، وَلَوْ أَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَغْرِبِ كَانَ أَوْلَى

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْحَالَةِ الَّتِي يَنْتَهِي فِيهَا الْخَوْفُ إلَى حَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَرْكِ الْقِتَالِ بِأَنْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَالْعَدُوُّ كَثِيرٌ أَوْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَلَمْ يُؤْمَنْ هُجُومُهُ إذَا انْقَسَمْنَا، فَقَالَ (وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ، أَوْ حِلًّا يَفِرْ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (مِنْ الْعِدَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا أَيْ الْأَعْدَاءِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:، وَهُوَ جَمْعٌ لَا نَظِيرَ لَهُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَمْ يَأْتِ فَعَلٌ فِي النُّعُوتِ إلَّا عِدَى أَيْ: وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا الْكَفُّ عَنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ حَيْثُ يَفِرُّ أَحَدٌ فِرَارًا حَلَالًا مِنْ الْأَعْدَاءِ

(وَالنَّارِ، وَالْمَاءِ) ، وَالسَّيْلِ، وَالسَّبُعِ وَنَحْوِهَا أَيْ: مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا (عُذِرْ مُومٍ) أَيْ: فِي إيمَائِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا كَصَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْخُسُوفِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقَضِيَّةُ هَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الْفَائِتَةِ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) عُذِرَ (رَاكِبٌ) لِلدَّابَّةِ (وَذُو أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ) كَضَرَبَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ

(وَتَارِكُ اسْتِقْبَالٍ) لِلْقِبْلَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَتَارِكًا لِلْقِبْلَةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] قَالَ ابْنُ عُمَرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَاهُ إلَّا مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَيَسْتَوِي فِي جَوَازِ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ الرَّاكِبُ، وَالْمَاشِي، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَاشِي الِاسْتِقْبَالُ فِي التَّحَرُّمِ وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَلَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِهِ فِي نَفْلِ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ هُنَا مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهِلَالِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، وَلَوْ أَمْكَنَ الِاسْتِقْبَالُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لِرُكُوبِهِ رَكِبَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ، وَأَمَّا تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالدِّرْعُ كَالْبَيْضَةِ إلَخْ.) قَدْ يُجْمَعُ، بِأَنَّ كَلَامَ الْأُمِّ فِي الْمُرَادِ هُنَا بِالسِّلَاحِ، وَكَلَامَ ابْنِ كَجٍّ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ السِّلَاحِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ذِكْرَ مَا يُخَالِفُ مَا هُنَا، وَعِبَارَتُهُ مَعَ الرَّوْضِ، وَالتُّرْسِ، وَالدِّرْعِ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا، بِسِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيِّ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إطْلَاقَ الْقَوْلِ، بِأَنَّهُمَا مِنْ السِّلَاحِ إذْ لَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَغْرِبِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ) مُقَابِلُ إنْ أَمْكَنَ الْكَفُّ السَّابِقُ

(قَوْلُهُ: عُذِرَ إلَخْ.) الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْأَمْنَ، وَزَوَالَ الْمَانِعِ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ هَذِهِ الصَّلَاةِ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْت، وَإِلَّا، فَلَهُ فِعْلُهَا، وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ نَظِيرَ الْمُتَّجَهِ فِي صَلَاةِ، فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ م ر، وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ وَجَبَ قَضَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ كَأَنْ تَنَجَّسَ سِلَاحُهُ، وَعَجَزَ عَنْ إلْقَائِهِ هَلْ يَجُوزُ فِعْلُ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ تَقَعُ شُكْرًا إذَا سُقُوا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ. اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَسُنَّةِ الْفَرِيضَةِ، وَالتَّرَاوِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خِيفَ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا أَيْ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ. اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِعُذِرَ أَنَّ الْفَائِتَةَ، بِغَيْرِ عُذْرٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُشْرَعَ فِيهَا فِي الْحَالِ وُجُوبًا لِوُجُوبِ قَضَائِهَا عَلَى الْفَوْرِ مَعَ إجْزَاءِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، وَإِغْنَائِهَا عَنْ الْقَضَاءِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: بِالْمَوْتِ هَلْ يَلْتَحِقُ بِهِ الْجُنُونُ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ جُنُونٍ مُتَّصِلٍ، بِالْمَوْتِ شُرِعَتْ حِينَئِذٍ، وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ اتِّصَالُ الْجُنُونِ بِالْمَوْتِ لَمْ تُشْرَعْ، فَلْيُتَأَمَّلْ. م ر

(قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْعَدُوِّ) يَنْبَغِي أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ، فَخَرَجَ تَارِكُهُ، بِغَيْرِ ذَلِكَ كَجِمَاحِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِهَا) لَيْسَ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ نَبَّهَ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَرْكُهُ الِاسْتِقْبَالَ إلَخْ.) فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ، فَحَدَثَ الْخَوْفُ الْمُلْجِئُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعِصَابَةِ فَوْقَ جِرَاحَةٍ يَشُقُّ نَزْعُهَا عَنْهَا حَيْثُ يُصَلِّي، وَلَا إعَادَةَ نُدْرَةُ مَا هُنَا ع ش (قَوْلُهُ: لَيْسَا مِنْ السِّلَاحِ) أَيْ الَّذِي يُسَنُّ حَمْلُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ، وَهُمَا مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ، وَاَلَّذِي يُسَنُّ حَمْلُهُ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي فَلَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ. اهـ.

م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَلَا مُخَالَفَةَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فِي إيمَائِهِ بِالرُّكُوعِ) ، وَيَكْفِيهِ أَقَلُّ إيمَاءٍ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ إلَخْ.) مِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ ع ش (قَوْلُهُ: فِي الْفَائِتَةِ) أَيْ بِعُذْرٍ بِخِلَافِ مَا فَاتَ بِلَا عُذْرٍ. اهـ. م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>