للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَبْطُلُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَمَا فِي غَيْرِ الْخَوْفِ

(وَ) عُذِرَ (الْمُقْتَدِي) بِالْإِمَامِ (مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْجِهَهْ) كَالْمُصَلِّينَ فِي الْكَعْبَةِ وَحَوْلِهَا وَمَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَى إمَامِهِ قَالَ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَحَالَةِ الْأَمْنِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فِي فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ

(وَ) عُذِرَ (مُمْسِكُ السِّلَاحِ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ) كَالثَّوْبِ (مُلَطَّخًا) بِدَمٍ (عِنْدَ احْتِيَاجِهِ) إلَى حَمْلِهِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ

(وَمَا يُعْذَرُ) الْمُصَلِّي (فِي صِيَاحِهِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، بَلْ سُكُوتُهُ أَهْيَبُ وَخَرَجَ بِالْفِرَارِ الْحَلَالُ تَابِعُ الْمُنْهَزِمِ لِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لَا فَارٌّ إذْ لَا خَوْفَ، وَالْفِرَارُ الْحَرَامُ كَأَنْ لَا يَزِيدَ الْعَدُوُّ عَلَى ضِعْفِنَا أَوْ يَجِدَ لَهُ، وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَعْدِلًا عَنْ النَّارِ، أَوْ نَحْوِهَا إذْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: فِي التَّيَمُّمِ، أَوْ كَقِتَالٍ وَفِرَارٍ حِلًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ ثَمَّةَ لِبَيَانِ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِذَلِكَ وَهُنَا لِبَيَانِ التَّرَخُّصِ بِتَرْكِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ

(وَتَمَّمَا مُسَافِرٌ) لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُسَافِرٌ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُقِيمَ كَذَلِكَ، وَالْمَعْنَى وَتَمَّمَ مَنْ خَافَ فَوْتَ الْوُقُوفِ (فِي حَجِّهِ صَلَاتَهُ) ، وَلَا يُصَلِّيهَا صَلَاةً شِدَّةَ الْخَوْفِ (وَإِنْ وُقُوفُ عَرَفَاتٍ فَاتَهُ) بِاشْتِغَالِهِ بِإِتْمَامِهَا. وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَلِأَنَّ وَقْتَهَا بِخِلَافِ وَقْتِهِ وَلِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لَا خَائِفٌ وَقِيلَ: يُصَلِّيهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَا فِي فَوْتِ الْحَجِّ مِنْ الضَّرَرِ (قُلْتُ وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ) لِيَأْتِيَ بِالْوُقُوفِ هُوَ (الْحَقُّ) وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ (فَالْحَجُّ فِي قَضَائِهِ يَشُقُّ) أَيْ: فَإِنَّ الْحَجَّ يَشُقُّ فِي قَضَائِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَدْ عَهِدْنَا تَأْخِيرَهَا بِمَا هُوَ أَسْهَلُ مِنْ مَشَقَّةِ قَضَاءِ الْحَجِّ وَهَذَا التَّأْخِيرُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي حَجَّةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

رَكِبَ، وَبَنَى، وَإِنْ رَكِبَ احْتِيَاطًا أَعَادَ إنْ أَمِنَ نَزَلَ، وَبَنَى إنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ فِي نُزُولِهِ، وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ، فَإِنْ أَخَّرَ النُّزُولَ بَطَلَتْ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ أَيْ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي نُزُولِهِ يَمْنَةً، وَيَسْرَةً، وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَتَحَوَّلَ إنْ انْحَرَفَ مُخْتَارًا، فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْكَرَاهَةِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَبْعُدُ الْبُطْلَانُ، أَوْ غَيْرَ مُخْتَارٍ، فَفِي إثْبَاتِ الْكَرَاهَةِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: كَحَالَةِ الْأَمْنِ) أَيْ: فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ، وَذِكْرُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِيهِ، بِتَقْدِيرِ دَلَالَتِهَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَا يُنَافِي أَنَّهَا فِي الْأَمْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا سُنَّةً، فَتَصْدُقُ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِيَاجِهِ) هُوَ مُرْتَبِطٌ، بِكُلِّ مَا سَلَفَ كَمَا صَنَعَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، بِتَقْدِيرِهِ فِيمَا سَلَفَ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُقُوفُ) أَيْ: وَإِنْ، فَاتَهُ وُقُوفٌ، فَوُقُوفٌ، فَاعِلٌ لِفَاتَ مُقَدَّرًا (قَوْلُهُ: قُلْت، وَتَأْخِيرُ إلَخْ.) ، وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِمَنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ مَعَ إدْرَاكِ الْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ اخْتَارَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ مَا ذُكِرَ مَعَ عِلْمِهِ، بِالْحَالِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ، وَوُجُوبِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ) شَامِلٌ لِلصَّلَوَاتِ الْكَثِيرَةِ كَأَنْ كَانَ إنْ لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَوَاتِ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ مَثَلًا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ لَكِنْ قَدْ يَقَعُ لَهُمْ التَّصْوِيرُ، بِالْعِشَاءِ، فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ أَسْهَلُ) كَمَا فِي الْجَمْعِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: إنْ طَالَ) أَيْ: عُرْفًا. اهـ. م ر، وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْخَوْفِ) أَيْ: نَفْلِ السَّفَرِ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ لَا يَزِيدَ الْعَدُوُّ إلَخْ.) فَلَوْ صَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ هَارِبِينَ مِنْ الْعَدُوِّ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ ضِعْفِهِمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ضِعْفُهُمْ، وَجَبَ الْقَضَاءُ إذْ لَا يَجُوزُ الْهُرُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَنْ الشَّيْخِ الْعَرُوسِيِّ، وَصَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ قَيْدٌ فِي اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ عَلَى الضِّعْفِ، أَمَّا صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَعُسْفَانَ، فَيَجُوزَانِ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الضِّعْفِ لِكَوْنِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا دُونَهُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُقُوفُ عَرَفَاتٍ فَاتَهُ) مِثْلُهُ إنْقَاذُ الْغَرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَبْدَهُ، وَلَا دَابَّتَهُ، وَنَحْوَهُمَا، وَخَوْفُ صَائِلٍ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، وَخَوْفُ انْفِجَارِ مَيِّتٍ فَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، بَلْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْغَرِيقُ عَبْدَهُ، أَوْ دَابَّتَهُ، أَوْ خَافَ الصَّائِلَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِخَوْفِ فَوَاتِ مَا هُوَ حَاصِلٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوَاتَ مَا كَانَ حَاصِلًا لِغَيْرِهِ. اهـ. م ر وَق ل (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُحَصِّلُ إلَخْ.) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خُطِفَ نَعْلَهُ، وَهُوَ يُصَلِّي لَمْ تَجُزْ لَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ، بَلْ مُحَصِّلٌ نَعَمْ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ، وَالْأَخْذُ فِي طَلَبِهِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ، وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ بِرّ، وَخَالَفَ م ر فَقَالَ يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَخَافُ ضَيَاعَهَا فَيُقَيَّدُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخَفْهُ، بَلْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ عَطْفًا عَلَى مَا تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَهُ مَا نَصُّهُ، أَوْ خَاطِفُ نَحْوِ نَعْلِهِ إنْ خَافَ ضَيَاعَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَتَدَبَّرْ. قَالَ ق ل، وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِ نَحْوِ مَسْأَلَةِ خَطْفِ النَّعْلِ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ قَطْعُ قُدْوَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بُعْدُ مَسَافَتِهِ عَنْهُ، وَلَا تَأَخُّرُهُ عَنْهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ حَجَرٌ وَالْخَطِيبُ، وسم، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُصَلِّيهَا) أَيْ:؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ عَنْ ضَرَرِ الْحَبْسِ أَيَّامًا فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ، وَقَدْ جَوَّزُوهَا لَهُ لِذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُصَلِّيهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَنْبَغِي فِي الْمُحْرِمِ إذَا جَوَّزْنَا لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْمُقْصِرِ بِالتَّأْخِيرِ، وَغَيْرِهِ، فَيَقْضِي الْمُقْصِرُ. اهـ. نَاشِرِيٌ (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ.) هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>