للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحِلُّ، وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ» ، فَأَمَّا الْعَلَمُ وَسَدَى الثَّوْبِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْمُصْمَتُ الْخَالِصُ، وَالْعَلَمُ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَكَّةَ هِيَ الْجَرَبُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَا يَلِيقُ ذِكْرُهُمَا مَعًا نَعَمْ فَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالْجَرَبِ الْيَابِسِ، فَذِكْرُهُ بَعْدَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَالْحَاوِي تَرَكَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَكَانَ النَّاظِمُ رَأَى أَنَّ قَوْلَ الْحَاوِي: كَجَرَبٍ يُقْرَأُ بِالْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بِالْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، فَذَكَرَهُمَا مَعًا

(وَالْحَشْوِ) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ لِلْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ وَلِلْحَشْوِ بِهِ بِأَنْ يَحْشُوَ بِهِ قَبَاءً، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَ لَيْسَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا، وَلَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ لَابِسَ حَرِيرٍ وَبِهَذَا فَارَقَ تَحْرِيمَ الْبِطَانَةِ، وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ عَلَى الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ وَنَحْوِهَا، أَمَّا لَوْ اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ، فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ. اهـ.

، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ قَالَ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّ لُبْسِ ثَوْبٍ ظِهَارَتُهُ وَبِطَانَتُهُ قُطْنٌ وَفِي وَسَطِهِ حَرِيرٌ مَنْسُوجٌ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ الثَّوْبَ الْحَائِلَ بَيْنَهُمَا، فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ لِأَنَّهُ لَابِسُ ثَوْبٍ حَرِيرٍ، بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي السَّرَفِ. اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ فِي الْحَشْوِ وَيُؤَيِّدُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ حِلُّ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ إذَا غُشِيَ بِنُحَاسٍ وَحِلُّ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ، فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الثَّوْبَ مَحْمُولٌ لِلْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ، وَالْفُرُشِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَرِيرَ تَوَسَّعُوا فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَبِأَنَّ الْمَعْنَى فِي حُرْمَتِهِ الِاسْتِعْمَالُ، وَالْخُيَلَاءُ لَا الْحَمْلُ، وَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَحْمُولِ، وَالْمَفْرُوشِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ جَازَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَفِيهِ احْتِمَالٌ

(وَالْكَعْبَةِ) أَيْ وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ لِلْكَعْبَةِ بِأَنْ يَسْتُرَهَا بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْ فِعْلِ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ تَعْظِيمًا لَهَا بِخِلَافِ سَتْرِ غَيْرِهَا بِهِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فَفِي الرَّوْضَةِ يَحْرُمُ تَنْجِيدُ الْبُيُوتِ أَيْ: تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ، وَالثَّوْبِ الْمُصَوَّرِ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهَا (أَوْ لِلطِّفْلِ) إلَى الْبُلُوغِ، فَإِنَّهُ لَائِقٌ بِحَالِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ عَلَى الْحَرِيرِ، بِحَائِلٍ) ، وَكَذَا يَحِلُّ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ كَالِاسْتِنَادِ إلَى الْمِخَدَّةِ، بِحَائِلٍ، وَأَمَّا النَّامُوسِيَّةُ الْمَنْصُوبَةُ تَحْتَ الْجِدَارِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهَا، بِلَا حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ، وَهَذَا لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِلِاسْتِنَادِ إلَيْهَا بَلْ لِلدُّخُولِ تَحْتَهَا مَفْتُوحَةً كَذَا جَزَمَ بِهِ م ر فِي تَقْرِيرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ فَوْقَهَا مَفْرُوشَةً عَلَى الْأَرْضِ، وَالتَّدَثُّرُ بِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْحَرِيرِ، بِحَائِلٍ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ ظِهَارَةُ اللِّحَافِ حَرِيرًا دُونَ بِطَانَتِهِ، فَقَلَبَهُ، وَجَلَسَ عَلَى بِطَانَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَطَّى بِهِ، بِحَيْثُ كَانَ الْمُمَاسُّ لِبَدَنِهِ بِطَانَتَهُ دُونَ ظِهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: بِحَائِلٍ) ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَطَّى، بِلِحَافٍ ظِهَارَتُهُ حَرِيرًا، وَسَتَرَهَا بِثَوْبٍ، فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلْحَرِيرِ م ر

(قَوْلُهُ: الْمُصَوَّرُ) ، بِصُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ إلَخْ.) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ أَنَّ الْجَوَازَ لِلصَّبِيِّ لَا يَخْتَصُّ، بِاللُّبْسِ بَلْ عَامٌّ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلِلْمَوْلَى تَمْكِينُهُ مِنْ الْجَمِيعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَرَدَ فِيمَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ أَيْ: لَيْسَ شَيْءٌ يُسَمَّى حَرِيرًا، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ فِيمَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ تَأَمَّلْهُ لِيَنْدَفِعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ: هُنَا، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ، وَقَوْلُهُمْ فِيمَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَرِيرِ الْحُرْمَةُ أَيْ: الْأَصْلُ فِيمَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ الْحُرْمَةُ، وَمَا شَكَّ فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُسَمَّى ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا شَكَّ فِيهِ هُنَا حَيْثُ حَرُمَ، وَمَا شَكَّ فِيهِ فِي الْإِنَاءِ الْمُضَبَّبِ حَيْثُ حَلَّ أَنَّ الْإِنَاءَ ثَبَتَ لَهُ الْحِلُّ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهُ مُتَحَقِّقَةٌ بِدُونِ الضَّبَّةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَلَا غُبَارَ عَلَى هَذَا إلَّا مَا قَالَهُ ع ش مِنْ أَنْ الْمُطَرَّزَ بِالْحَرِيرِ بِالْإِبْرَةِ الْمَشْكُوكَ فِيهِ ثَبَتَ لَهُ الْحِلُّ قَبْلَ التَّطْرِيزِ فَكَانَ مُقْتَضَى الْفَرْقِ الْحِلُّ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحُرْمَةُ. اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّطْرِيزَ بِالْإِبْرَةِ يَجْعَلُ الْحَرِيرَ كَأَنَّهُ مِنْ أَصْلِهِ فَلِذَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ الْآنَ بِخِلَافِ التَّضْبِيبِ تَدَبَّرْ. لَكِنْ فِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمٍ، وَغَيْرِهِ إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ احْتِمَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ طَارِئًا عَلَى الثَّوْبِ، وَلِذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي زِيَادَةِ وَزْنِ الْمُطَرَّزِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا فِي الضَّبَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَدَى الثَّوْبِ) السَّدَا بِوَزْنِ الْحَصَى مَا يُمَدُّ طُولًا فِي النَّسْجِ، وَاللُّحْمَةُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: الْخَالِصُ) لَعَلَّهُ أُلْحِقَ بِهِ مَا غَالِبُهُ حَرِيرٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الْخَالِصُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا أَكْثَرُهُ حَرِيرٌ فَيُقَيَّدُ جَوَازُ الطِّرَازِ، وَالسَّدَا بِمَا إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ غَلَبَ غَيْرُ الْحَرِيرِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ

(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ إلَخْ.) أَيْ: بَدَلَ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّ إلَخْ. وَلَوْ قَدَّمَ عِبَارَةَ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بِجَانِبِ مَقَالَةِ الْإِمَامِ كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَانَ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: لِلْكَعْبَةِ) ، وَكَذَا قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. اهـ. م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>