للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْدِيرُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ الْبَقَرَةِ وَتَطْوِيلُهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ، ثُمَّ الثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ، وَأَمَّا نَقْصُ الثَّالِثِ عَنْ الثَّانِي أَوْ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فِيمَا أَعْلَمُ فَلِأَجْلِهِ لَا بُعْدَ فِي ذِكْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فِيهِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الثَّانِي (وَ) الْأَوْلَى (أَنْ يُسَبِّحَا أَيْ فِي الرُّكُوعَاتِ زَمَانًا فَسِيحًا) وَفِي نُسْخَةٍ صَلِحًا أَيْ: زَمَنًا صَالِحًا (لِمِائَةٍ) مِنْ آيَاتِ الْبَقَرَةِ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ (وَضِعْفِ أَرْبَعِينَا) أَيْ: وَلِثَمَانِينَ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْآيَاتِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الطِّوَالِ فِي الثَّانِي (وَلِلسَّبْعِينَ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ فِي الثَّالِثِ (وَالْخَمْسِينَا) فِي الرَّابِعِ تَقْرِيبًا فِي الْجَمِيعِ؛ لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ مِنْ الشَّارِعِ بِلَا تَقْدِيرٍ.

(وَلَا يُطَوِّلْهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ أَيْ: لَا يَجُوزُ تَطْوِيلُهَا بِأَنْ يَزِيدَ رُكُوعًا مَثَلًا (لِبُطْءِ الِانْجِلَا) ، كَمَا لَا يُزَادُ عَلَى أَرْكَانِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْخَطَّابِيُّ بِجَوَازِ زِيَادَةِ رُكُوعٍ ثَالِثٍ فَأَكْثَرَ إلَى الِانْجِلَاءِ لِأَخْبَارٍ فِي مُسْلِمٍ مِنْهَا مَا فِيهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَمِنْهَا مَا فِيهِ أَرْبَعَةٌ وَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ خَمْسَةٌ، وَأَجَابَ أَئِمَّتُنَا عَنْهَا بِأَنَّ أَخْبَارَ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا وَالْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِكَلَامِهِمْ أَنْ يُجَابَ عَنْهَا بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا أَنْشَأَ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ: لَا يَصِحُّ جَوَابُهُمْ بِمَا ذَكَرَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْوَاقِعَةُ وَاحِدَةً وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقَائِعَ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ صَلَاتُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّابِتَةِ؛ لِأَنَّهَا جَرَتْ فِي أَوْقَاتٍ وَاخْتِلَافُ صِفَاتِهَا مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ الْجَمِيعِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا قَوِيٌّ اهـ وَقَوْلُ الْقَمُولِيِّ إنَّهَا كَانَتْ وَاقِعَةً وَاحِدَةً فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ يَوْمَ مَوْتِ إبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرُدُّهُ قَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ فِي كِتَابِهِ الثِّقَاتِ «أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فَصَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ» الْحَدِيثَ ثُمَّ كَسَفَتْ أَيْضًا فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ يَوْم مَاتَ إبْرَاهِيمُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَصَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخُسُوفِ.

(وَلَا يُكَرِّرْهَا) بِأَنْ يُصَلِّيَهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا لِبُطْءِ الِانْجِلَاءِ، كَمَا لَا يَزِيدُ رُكُوعًا فَلَوْ أَخَّرَ عَنْ هَذَا قَوْلَهُ: لِبُطْءِ الِانْجِلَاءِ كَانَ أَوْلَى وَقِيلَ: يُكَرِّرُهَا لِظَاهِرِ خَبَرِ النُّعْمَانِ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إنْ صَلَّاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَتُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ فَمَحَلُّ خِلَافُهُمْ إذَا صَلَّاهَا بِهَيْئَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ، نَعَمْ لِغَيْرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَا بُعْدَ) وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الْقِيَامَاتِ لَيْسَتْ رَكَعَاتٍ، وَمَجْمُوعُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَطْوَلُ مِنْ مَجْمُوعِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْقِيَاسِ فِي الصَّلَوَاتِ. (قَوْلُهُ: الْمَفْهُومَةُ مِنْ الطِّوَالِ) أَيْ: مِنْ ذِكْرِ الطِّوَالِ فِيمَا سَبَقَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُطَوِّلُهَا) الْمُنَاسِبُ لِاحْتِيَاجِ النَّظْمِ إلَى تَسْكِينِهِ وَلِقَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا يُطَوِّلَا فِي سَجْدَةٍ أَنَّ " لَا " نَاهِيَةٌ لَا نَافِيَةٌ

(قَوْلُهُ: بِجَوَازِ زِيَادَةِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ الزِّيَادَةُ بِلَا نِيَّتِهَا وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ أَخْبَارِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ نِيَّةُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ ابْتِدَاءً فَلْيَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْوَاقِعَةُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَقَائِعَ لَمْ يَبْلُغُ عَدَدُهَا عَدَدَ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ وَالتَّعَارُضُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْقَيْدِ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ أَظْهَرُ مِنْ رُجُوعِهِ لِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: لِظَاهِرِ خَبَرِ النُّعْمَانِ إلَخْ) عَبَّرَ بِالظَّاهِرِ كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِمَا عَدَا الْفِعْلَ الْأَوَّلَ الْكُسُوفَ بَلْ كَانَ نَفْلًا مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَبَعْضُهُمْ بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ: التَّيْسِيرُ وَالتَّسْهِيلُ مِنْ الشَّارِعِ بِمَعْنَى أَنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَزَادَ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ: عَلَى التَّقْرِيبِ مَا لَفْظُهُ: وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَمِثْلُهُ فِي النَّاشِرِيِّ وَلَكَ أَنْ تُرِيدَ التَّقَارُبَ فِي الْعَدَدِ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُ تَحْدِيدٌ إذْ عَدَدُ آيِ آلِ عِمْرَان مِائَتَانِ وَأَنْ تُرِيدَ التَّقَارُبَ فِي الْقَدْرِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ تَحْدِيدٌ إنْ أَرَدْت بِالْقَدْرِ قَدْرَ كُلٍّ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَابِلِهِ فَإِنْ أَرَدْتَ قَدْرَ كُلٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يَلِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ نِسْبَةَ كُلٍّ إلَى مَا يَلِيهِ فِي إحْدَى النَّصَّيْنِ كَهِيَ فِي الْآخَرِ ظَهَرَ فِي غَيْرِ الثَّالِثِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي لِاخْتِلَافِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا عَلَيْهِمَا. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: وَضِعْفِ أَرْبَعِينَ إلَخْ) التَّفَاوُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ كَالتَّفَاوُتِ بَيْنَ الرَّابِعِ وَمَا قَبْلَهُ كُلٌّ بِعِشْرِينَ وَتَعْيِينُ هَذِهِ الْمَقَادِيرِ مَوْكُولٌ لِلشَّارِعِ. (قَوْلُهُ: بِلَا تَقْدِيرٍ) أَيْ: نَصًّا، وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَ مَأْخُوذًا مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ: لِأَخْبَارٍ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهَا جَرَتْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَا مَحَلَّ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ إلَّا الْحَمْلَ عَلَى الزِّيَادَةِ لِتَمَادِي الْكُسُوفِ هَذَا مَا رَآهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَمَنْ مَعَهُ وَمَنَعَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ: وَلَا مَحَلَّ إلَخْ بِأَنَّ هُنَاكَ مَحَلًّا أَظْهَرَ مِنْ هَذَا وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى مَا إذَا أَنْشَأَ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ. اهـ. وَحَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُنْذِرِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِتَمَادِي الْكُسُوفِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَاَلَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ إلَخْ تَدَبَّرْ، نَعَمْ يُمْكِنُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ وَلَنَا بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ، وَأَمَّا خَبَرُ الْمُنَجِّمِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: الْعَاشِرَةِ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الثَّامِنَةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>