للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطَبَ لِلْجَمِيعِ خُطْبَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهُ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَجْزِيهِ لِلْجَمِيعِ خُطْبَتَانِ لَا أَنَّهُ يَخْطُبُ لِلْكُسُوفِ خُطْبَةً فَرْدَةً، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ كَفَاهُ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يُرِيدُوا الْفَرْدَةَ قَطْعًا (لَا مُفْرَدٌ) فَإِنَّهُ لَا يَخْطُبُ لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ، وَكَذَا النِّسَاءُ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ مِنْ سُنَنِهِنَّ لَكِنْ لَوْ وَعَظَتْهُنَّ وَاحِدَةٌ وَخَوَّفَتْهُنَّ كَانَ حَسَنًا (وَيُنْدَبُ فِي خُطْبَةٍ ثَانِيَةٍ حَثٌّ عَلَى خَيْرٍ) كَإِعْتَاقٍ وَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَاسْتِغْفَارٍ (وَ) عَلَى (تَوْبَةٍ) مِنْ الْمَعَاصِي لِلْآمِرِ بِذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَتَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَكَأَنَّهُ صَحَّفَهُ مِنْ لَفْظِ النَّاسِ فِي قَوْلِ غَيْرِهِ: وَيَحُثُّ فِي الْخُطْبَةِ النَّاسَ، أَوْ إنَّهُ قَاسَهُ بِالدُّعَاءِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ خُطْبَتَيْ الِاسْتِسْقَاءِ حَيْثُ قَالُوا: يُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ فِيهَا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَحُثُّ فِي الْخُطْبَتَيْنِ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَلِعِظَمِ التَّوْبَةِ أُفْرِدَتْ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا فِي الْخَبَرِ

(وَفَاتَتْ) صَلَاةُ الْخَسُوفَيْنِ (بِانْجِلَا) كُلِّ الْقُرْصِ يَقِينًا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ؛ وَلِحُصُولِ الْقَصْدِ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ لِلِاتِّبَاعِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ؛ وَلِأَنَّ مَا قُصِدَ بِهَا مِنْ الْوَعْظِ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ فَلَوْ انْجَلَى بَعْضُهُ صَلَّى لِلْبَاقِي، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْخَسِفْ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ وَلَوْ حَالَ سَحَابٌ، وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ صَلَّى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْخُسُوفِ فَإِنْ قُلْت لِمَ فَاتَتْ صَلَاةُ الْخُسُوفِ بِالِانْجِلَاءِ وَلَمْ تَفُتْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالْمَطَرِ؟ قُلْنَا: لَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْ مَجِيءِ الْغَيْثِ بَعْدَ الْغَيْثِ فَتَكُونُ صَلَاتُهُمْ هُنَاكَ لِطَلَبِ الْغَيْثِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهُنَا لِأَجْلِ الْخُسُوفِ، وَقَدْ زَالَ بِالِانْجِلَاءِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ.

(وَبِالْغُرُوبِ) لِلشَّمْسِ كَاسِفَةً (فَاتَهُ الْكُسُوفُ) أَيْ: صَلَاةُ كُسُوفِهَا؛ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ (وَ) فَاتَهُ (بِطُلُوعِ شَمْسِهِ) وَلَوْ بَعْضِهَا (الْخُسُوفُ) أَيْ: صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ؛ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ طُلُوعِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِغُرُوبِهِ خَاسِفًا لَيْلًا؛ لِبَقَاءِ سُلْطَانِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَمَامٍ وَلَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ لِبَقَاءِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنَّهُ لَوْ خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ صَلَّى لَهُ لِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ خَسَفَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يُصَلِّي لَهُ وَلَوْ ظَنَّ الْكُسُوفَ تَحْتَ الْغَمَامِ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَتَيَقَّنَ وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ بَعْدَهُ وَطَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ انْجَلَى الْكُسُوفُ فِي أَثْنَائِهَا.

(وَحَيْثُ لَا يَأْمَنُ مِنْ فَوْتٍ) بِأَنْ خَافَ فَوْتَ بَعْضِ صَلَوَاتٍ اُجْتُمِعَتْ عَلَيْهِ (بَدَا بِالْفَرْضِ) الْعَيْنِيِّ مِنْ جُمُعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا إنْ خَافَ فَوْتَهُ؛ لِتَعَيُّنِهِ؛ وَلِضِيقِ وَقْتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

النَّقْصِ بِنَحْوِ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ.

(قَوْلُهُ: قُلْنَا لَا غَيْرَ إلَخْ) هَلَّا صَلَّى هُنَا لِدَفْعِ الْكُسُوفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا صَلَّى ثَمَّ لِلْغَيْثِ الْمُسْتَقْبَلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا فِي نَحْوِ الصَّوْمِ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ: لَهُمْ أَوْ وَلِغَيْرِهِمْ أَيْضًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ بِحَسَبِ أَصْلِهَا خُرُوجًا عَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ فَاحْتِيطَ لَهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ لِغَيْرِهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّ الْبَاقِيَ إلَى الطُّلُوعِ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي لَا يَتَصَوَّرُ أَنْ يَسَعَ الصَّلَاةَ، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ مَعَ الْعِلْمِ مُطْلَقًا وَلَا مَعَ الْجَهْلِ إنْ صَلَّاهَا بِالْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ بَعْضِهِمْ: وَلَهُ الشُّرُوعُ فِيهَا إذَا خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَإِنْ عَلِمَ طُلُوعَ الشَّمْسِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ الطُّلُوعِ صَارَتْ قَضَاءً وَلَا يُرَدُّ عَلَى قَوْلِهِمْ: إنَّ ذَاتَ السَّبَبِ لَا تَقْضِي، فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: بَدَأَ بِالْفَرْضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ أَوْ ظُنَّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: بِالْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ) حَمَلَهُ الْجَوْجَرِيُّ عَلَى الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ مَعَ عِيدٍ إذَا فُرِضَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَقَوْلٌ الشَّارِحِ مِنْ جُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا صَرِيحٌ فِي مُخَالَفَةِ هَذَا الْحَمْلِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: بَدَأَ بِالْفَرْضِ بَدَأَ بِهِ إنْ كَانَ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَيِّتُ إلَخْ مَعْنَاهُ، ثُمَّ إنْ فَعَلَ الْفَرْضَ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَرْضٌ عَيْنِيٌّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إدْخَالَ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ فِي التَّصْوِيرِ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَلَا يُنَافِي ذِكْرَ الْعِيدِ وَلَا يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ أَدَاءِ الْفَرْضِ مَعَ الْعِيدِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَافَقَ الْجَوْجَرِيَّ فَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا نَذَرَ صَلَاةً فِي وَقْتِ الْعِيدِ فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُ اجْتِمَاعِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ الدَّالُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِقَضَاءِ الْعِيدِ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ قُلْت: هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَحَيْثُ لَا يَأْمَنُ مِنْ فَوْتِ الدَّالِ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِاجْتِمَاعِ صَلَوَاتٍ مُؤَدَّاةٍ خِيفَ فَوْتُ بَعْضِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

خُطْبَةِ الْكُسُوفِ تَكْبِيرٌ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بَلْ فِيهَا اسْتِغْفَارٌ. اهـ. نَاشِرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَيَقَّنَ وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ) نَازَعَ فِيهِ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ -: يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَلَوْ عَنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ بَلْ وَبِخَبَرِ نَحْوِ صَبِيٍّ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ، كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَالتَّعْلِيلُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ هُنَا لِلِاحْتِيَاطِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا مَمْنُوعٌ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الشُّرُوعِ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ فِي الِانْجِلَاءِ مَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَنْعِ فِيمَا لَوْ فَعَلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَدَأَ إلَخْ) ثُمَّ الْفَرِيضَةُ أَوْ الْعِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>