(ثُمَّ) بِصَلَاةِ (الْمَيْتِ) وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ مَا يَأْتِي لِمَا يَخْشَى مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأْخِيرِهَا؛ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقَّ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي (ثُمَّ عَيَّدَا) أَيْ: أَتَى بِصَلَاةِ الْعِيدِ إنْ خَافَ فَوْتَهَا؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، كَمَا مَرَّ فِي النَّفْلِ (ثُمَّ) بِصَلَاةِ (الْكُسُوفِ) لِلشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوْتَهَا بِالِانْجِلَاءِ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَى الْوَتْرِ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُهُ أَيْضًا بِالْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْهُ وَكَوْنُ فَوْتِهَا غَيْرَ مُتَيَقَّنٍ بِخِلَافِ فَوْتِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِرِعَايَتِهِمْ خَوْفَ فَوْتِهَا بِالِانْجِلَاءِ فَإِنْ قِيلَ: رَاعُوهُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يَتَيَقَّنُ فَوْتَهُ قُلْنَا: مُعَارَضٌ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الْوَتْرِ بِالْقَضَاءِ دُونَ هَذِهِ (وَلِأَمْنِ الْفَوْتِ) قَسِيمٌ لِحَيْثُ لَا يَأْمَنُ (كُسُوفَهُ) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: وَلَا مِنْهُ فَوْتُ الصَّلَوَاتِ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ شَيْءٍ مِنْهَا بَدَأَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ (بَعْدَ صَلَاةِ الْمَوْتِ) فَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِمَا مَرَّ وَلَا يَتْبَعُ الْإِمَامُ الْجِنَازَةَ، بَلْ يَشْتَغِلُ بِبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ تَأَخَّرَ حُضُورُ الْجِنَازَةِ أَوْ وَلِيُّهَا أَفْرَدَ جَمَاعَةً يَنْتَظِرُونَهَا وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهَا.
(وَلْتَكْفِهِ الْخُطْبَةُ) أَيْ: الْخُطْبَتَانِ (مَرَّةً) وَاحِدَةً (فِي) اجْتِمَاعِ (عِيدٍ وَجُمُعَةٍ) كَائِنَةً (عَقِيبَ) صَلَاةِ (الْكَسْفِ) أَيْ: بَعْدَهَا، كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي سَوَاءٌ أَتَى بِالْعِيدِ بَيْنَهُمَا أَمْ قَدَّمَهُ فَيَأْتِي بِالْخُطْبَةِ بَعْدَ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَقَبْلَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ خُطْبَتَهَا قَبْلَهَا وَخُطْبَةَ الْآخَرِينَ بَعْدَهُمَا وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ أَحَدِهِمَا، إذْ لَا يَجِبُ الْوِلَاءُ بَيْنَ أَحَدِهِمَا وَخُطْبَتِهِ (قُلْت: نَوَى بِالْخُطْبَتَيْنِ) الْمَذْكُورَتَيْنِ (الْجُمُعَهْ لَا غَيْرَهَا) مِنْ الْآخَرِينَ (ذَاكِرَ هَذَيْنِ) أَيْ: مُتَعَرِّضًا لِشَأْنِهِمَا فِي الْخُطْبَتَيْنِ (مَعَهْ) أَيْ: مَعَ شَأْنِ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْوِهِمَا مَعَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَهُمَا بِخُطْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السُّنَّتَيْنِ إذَا لَمْ يَتَدَاخَلَا، لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُمَا بِفِعْلِ وَاحِدٍ كَسُنَّةِ الصُّبْحِ الَّتِي عَلَيْهِ وَالضُّحَى بِخِلَافِ سُنَّةِ الصُّبْحِ وَالتَّحِيَّةِ قَالَ السُّبْكِيُّ:
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ظُنَّ تَغَيُّرُهُ قُدِّمَتْ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ الْمَكْتُوبَةِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عِيدٌ) يُفِيدُ اجْتِمَاعَ الْعِيدِ مَعَ الْجُمُعَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْإِفْضَاءُ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْجِنَازَةِ حَتَّى عَلَى الْمَكْتُوبَةِ إذَا اتَّسَعَ وَقْتُهَا. اهـ. وَاعْتَمَدَ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَأَفْتَى بِهَا وَإِذَا قُلْنَا بِهَا: فَهَلْ يَجِبُ أَيْضًا الْمُبَادَرَةُ إلَى تَشْيِيعِهَا أَوَّلًا، فَلَهُمْ بَعْدِهَا أَنْ يُؤَخِّرَ وَلِتَشْيِيعِهَا حَيْثُ أَمِنَ التَّغَيُّرَ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِمْ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ الثَّانِي، ثُمَّ لَعَلَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ عَنْ الْفَرْضِ لِانْتِظَارِ كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ فَلَا تَهَاوُنَ بِهِ وَلَا ازْدِرَاءَ
(قَوْلُهُ: وَلْتَكْفِهِ الْخُطْبَةُ إلَخْ) إنْ أَمِنَ فَوَاتًا وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جِنَازَةٌ وَكُسُوفٌ وَفَرِيضَةٌ أَوْ عِيدٌ فَبِجِنَازَةٍ يَبْدَأُ نَدْبًا عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ لَمْ يَخْشَ التَّغَيُّرَ، وَإِلَّا فَوُجُوبًا قَبْلَ الْكُلِّ، ثُمَّ كُسُوفٍ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ لَكِنْ يُخِفُّهُ فَلَا يَزِيدُ عَلَى نَحْوِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ قِيَامٍ، ثُمَّ الْفَرِيضَةِ أَوْ الْعِيدِ لَكِنْ يُؤَخِّرُ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ عَنْ الْفَرِيضَةِ وَلَوْ جُمُعَةً كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَانْظُرْ قَوْلَهُ: لَكِنْ يُؤَخِّرُ إلَخْ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْتَكْفِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عِيدٌ وَجُمُعَةٌ) أَيْ: بِأَنْ قَضَى الْعِيدَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْآخَرِ وَالْخُطْبَةِ. (قَوْلُهُ: قُلْت: نَوَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهَا حَتَّى لَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ تَقَدُّمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي صَرْفَهَا لَهَا وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ سَقَطَتْ وَهُوَ الْأَقْوَى نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. أَيْ: وَإِنْ سَقَطَتْ فَلَا صَارِفَ وَقَدْ يَمْنَعُ سُقُوطَهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الْجُمُعَةَ لَا غَيْرَهَا) هُوَ مِثْلُ تَعْبِيرِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: وَقَصَدَ بِالْخُطْبَةِ الْجُمُعَةَ فَقَطْ. اهـ.
وَإِنَّمَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهَا إذْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ نَفْيُ جَوَازِ قَصْدِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَعَهَا فَقَطْ لَا نَفْيُ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مُتَعَرِّضًا لِشَأْنِهِمَا) أَيْ: مَا يُنْدَبُ ذِكْرُهُ فِي خُطْبَتِهِمَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: وَيُحْتَرَزُ عَنْ التَّطْوِيلِ الْمُوجِبِ لِلْفَصْلِ. اهـ. وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ فِي شَأْنِهِمَا بِحَيْثُ يُعَدُّ فَاصِلًا بَيْنَ أَرْكَانِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ مَا يَأْتِي بِهِ فِي شَأْنِهِمَا مِنْ قَبِيلِ الْوَعْظِ وَالْحَثِّ عَلَى الْخَيْرِ وَالتَّقْوَى فَهَذَا لَا يُنَافِي خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ وَلَا يُعَدُّ فَاصِلًا بَيْنَ أَرْكَانِهَا
[حاشية الشربيني]
شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) وَلَوْ عَلَى الْجُمُعَةِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَلَوْ حَالَ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَكُونُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ مَنْعِ ابْتِدَاءِ صَلَاةٍ بَعْدَ جُلُوسِهِ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْحَمَّالِينَ وَأَهْلِ الْمَيِّتِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ تَجْهِيزُهُ لِيَذْهَبُوا بِهَا وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ تَجْهِيزُهُ قَالَ م ر: بَلْ كُلُّ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ عَنْ تَشْيِيعِهِ. اهـ. سم عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَتَى إلَخْ) صَرِيحٌ فِي اجْتِمَاعِ الثَّلَاثَةِ وَلَا تَكُونُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعِيدُ قَضَاءً وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: قُلْت: نَوَى إلَخْ) وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute