للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِئَلَّا يُسْرِعَ فَسَادُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ» هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ يُنْسَجُ بِالْيَمَنِ وَسُجِّيَ غُطِّيَ وَقَوْلُهُ: فَرْدِ، مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ (رَأْسَاهُ تَحْتَهُ فَلَا يَنْكَشِفُ) أَيْ: وَيُجْعَلُ طَرَفَا الثَّوْبِ تَحْتَ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ وَسَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي.

(قُلْتُ وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُصَانَ عَنْهُ الْمُصْحَفُ) احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ

(وَبَطْنُهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ كَسِكِّينٍ وَمِرْآةٍ (ثُقِّلَا) نَدْبًا، ثُمَّ بِطِينٍ رَطْبٍ ثُمَّ بِمَا تَيَسَّرَ؛ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَنَسًا أَمَرَ بِوَضْعِ حَدِيدَةِ عَلَى بَطْنِ مَوْلًى لَهُ مَاتَ وَقَدَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا أَيْ: تَقْرِيبًا وَلَوْ أَخَّرَ النَّاظِمُ زِيَادَتَهُ السَّابِقَةَ عَنْ هَذَا، كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ كَانَ أَنْسَبَ.

(وَفِي رَفِيعٍ) أَيْ: وَعَلَى مُرْتَفَعٍ (كَالسَّرِيرِ جُعِلَا) أَيْ: الْمَيِّتُ فَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا وَلَا عَلَى فِرَاشٍ؛ لِئَلَّا يُحْمَى فَيَتَغَيَّرُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً جَازَ جَعْلُهُ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ.

قَوْلُهُ (وَنَزْعُ مَا فِيهِ قَضَى مِنْ أَثْوَبِهْ) أَيْ: وَيُسَنُّ نَزْعُ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُرَى بَدَنُهُ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ وَمِنْ هُنَا قَيَّدَهَا فِي الْوَسِيطِ بِالْمُدَفِّئَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَيُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يُنْزَعُ قَمِيصُهُ لِلْغُسْلِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: هُنَاكَ وَغَيْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَوْلَى مِنْهَا لِأَنَّهَا تُوهِمُ كَوْنَهُ فِي قَمِيصٍ قَبْلَ حَالَةِ الْغُسْلِ.

وَالْمَحْبُوبُ نَزْعُ الثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ عَنْهُ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ إلَى حِينِ غُسْلِهِ وَالْقَمِيصُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ يُلَبَّسُ لَهُ عِنْدَ غُسْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّ نَزْعِ الثِّيَابِ فِيمَنْ يُغَسَّلُ لَا فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ الْقَمِيصُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ إذَا كَانَ طَاهِرًا إذْ لَا مَعْنَى لِنَزْعِهِ، ثُمَّ إعَادَتِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَزْعِهَا إنَّمَا هُوَ خَوْفُ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ طَهَارَةِ الْقَمِيصِ وَعَدَمِهَا.

(وَكَاَلَّذِي يُحْتَضَرُ اسْتَقْبَلَ بِهْ) أَيْ: وَاسْتَقْبَلَ نَدْبًا بِالْمَيِّتِ الْقِبْلَةَ كَالْمُحْتَضَرِ فِي أَنَّهُ يُوَجَّهُ إلَيْهَا عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ وَقَوْلُ النَّظْمِ كَاَلَّذِي يُحْتَضَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ: اسْتَقْبَلَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ (أَرْفَقُ مَحْرَمٍ) أَوْ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ أَوْلَى وَأَرْفَقُ مَحْرَمٍ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا يُوَلِّي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [النور: ٣٦] {رِجَالٌ} [النور: ٣٧] عَلَى قِرَاءَةِ: يُسَبَّحُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَقَالَ: يَتَوَلَّاهُ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ بِهِ (بِرِفْقِ غَايَهْ) أَيْ: بِغَايَةِ رِفْقِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ بِأَسْهَلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ احْتِرَامًا لَهُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بِالْعَكْسِ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ لَهُمَا مَعَ الْغَضِّ وَعَدَمِ الْمَسِّ. اهـ. وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذَكَرَ الزَّوْجَانِ.

(وَغُسْلُهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَهْ) بِالْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الَّذِي وَقِصَّتُهُ نَاقَتُهُ الْآتِي (وَلَوْ) كَانَ (غَرِيقًا) ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِهِ وَلَمْ نُغَسِّلْهُ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غُسْلُهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْغَاسِلِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَدَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) إنْ أَرَادَ تَقْدِيرَ الْأَقَلِّ انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ يُشْكِلُ بِالتَّمْثِيلِ بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ قَوْلُهُ: تَقْرِيبًا إشَارَةً إلَى اغْتِفَارِ النَّقْصِ الْيَسِيرِ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَنْسَبَ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ صَوْنُ الْمُصْحَفِ عَنْ بَطْنِهِ فَقَطْ مِنْ حَيْثُ التَّثْقِيلُ بِمَعْنَى أَنَّ التَّثْقِيلَ بِالْمُصْحَفِ لَا يَكْفِي.

(قَوْلُهُ: جَازَ جَعْلُهُ إلَخْ) أَيْ: بِلَا نَهْيٍ فَلَا يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ مُوَافَقَتَهُ لِلْأَفْعَالِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لِلْمَفْعُولِ، وَكَوْنُ أَوْفَقَ عَلَى هَذَا يَتَأَتَّى تَعَلُّقُهُ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ) إنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ الِاسْتِقْبَالَ بِهِ فَهَلَّا قَدَّرَ فِعْلَ الِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ السُّؤَالُ الْمُقَدَّرُ النَّاشِئُ مِنْ قَوْلِهِ: اسْتَقْبَلَ بِهِ أَوْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَذُو احْتِضَارٍ قَبْلَهُ يُوَلِّي إلَى هُنَا فَفِي اعْتِبَارِ أَرْفَقِ الْمَحَارِمِ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ يَاسِينَ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ قِرَاءَةُ الْأَرْفَقِ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي الْمَقْصُودِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِانْتِفَاخَ لِسِرٍّ فِيهِ. اهـ. جَمَلٌ

(قَوْلُهُ: جُعِلَ) أَيْ: نَدَبًا م ر فَقَوْلُهُ: بَعْدُ جَازَ أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ نَعَمْ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ مُرْتَفِعَةً؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ وَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ مُطْلَقًا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ) هَذِهِ حِكْمَةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسَنُّ نَزْعُ ثِيَابِ النَّبِيِّ وَالشَّهِيدِ مَعَ أَنَّ كُلًّا لَا يَبْلَى. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا كَتَبَهُ سم مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْبَلَاءِ لَا يُنَافِي حُصُولَ الْفَسَادِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أُرِيدَ غُسْلُهُ حَالًا بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَقَالَ سم فِي حَوَاشِي حَجَرٍ بِخِلَافِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ م ر. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى جَنْبِهِ إلَخْ) أَيْ: يُوضَعُ أَوَّلًا كَذَلِكَ ثُمَّ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ لِيَثْبُتَ فَوْقَ بَطْنِهِ مَا يَثْقُلُ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرْبَطَ عَلَى بَطْنِهِ مَعَ وَضْعِهِ عَلَى جَنْبِهِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ إلَخْ) بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ زَالَتْ بِالْمَوْتِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا يَبْعُدُ) نَقَلَهُ م ر ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ع ش: فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فُرُوضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاةٍ حَقِيقِيَّةٍ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى حَجَرٍ ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا يَقُولُ: إنَّ الْغُسْلَ مَسْنُونٌ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا إلَخْ) أَيْ: مَعَاشِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>