للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (رُؤْيَةُ مَا لَا) أَيْ: مَا لَيْسَ لَهُ (حَاجَةٌ فِي نَظَرِهْ) مِنْ غَيْرِ عَوْرَتِهِ بِلَا شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ: وَإِنْ نَظَرَ إلَيْهِ، أَوْ مَسَّهُ بِلَا شَهْوَةٍ لَمْ يُكْرَهْ، بَلْ هُوَ تَارِكٌ لِلْأَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُكْرَهُ أَمَّا رُؤْيَةُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَإِرَادَةِ مَعْرِفَةِ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا وَلَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَأَمَّا غَيْرُ الْغَاسِلِ مِنْ مُعِينِ وَغَيْرِهِ، فَتُكْرَهُ لَهُ الرُّؤْيَةُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَمَّا رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا لَكِنْ بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَحَدِهِمَا عَوْرَةٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ، كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَسُّ فِي ذَلِكَ كَالرُّؤْيَةِ.

(وَ) نَدْبًا (يُمْسَحُ الْبَطْنُ) بِأَنْ يُمِرَّ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى بَطْنِهِ إمْرَارًا بَلِيغًا لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ (وَقَدْ أَجْلَسَهُ) عِنْدَ وَضْعِهِ عَلَى السَّرِيرِ، أَوْ نَحْوِهِ مَائِلًا إلَى قَفَاهُ قَلِيلًا وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ فِي نُقْرَةِ قَفَاهُ؛ لِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيُكْثِرُ حِينَئِذٍ مِنْ الْبَخُورِ وَصَبِّ الْمَاءِ؛ لِئَلَّا تَظْهَرَ رَائِحَةُ الْخَارِجِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِي الْبَيَانِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ حِينَ يَمُوتُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَغْلِبُهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ.

(وَ) يُسَنُّ لَهُ (غَسْلُ فَرْجَيْهِ وَمَا نَجَّسَهُ بِخِرْقَةٍ عَلَى يَدٍ قَدْ لَفَّا) أَيْ: لَفَّهَا عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فَيَغْسِلُ بِهَا بَعْدَ رَدِّهِ إلَى هَيْئَةِ الِاسْتِلْقَاءِ فَرْجَيْهِ وَمَا حَوْلَهُمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَقَذَرٍ، كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ، ثُمَّ يُلْقِيهَا لِتُغْسَلَ وَيَغْسِلُ يَدَهُ بِأُشْنَانٍ إنْ تَلَوَّثَتْ وَيَلُفُّ أُخْرَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَيَتَعَهَّدُ بِهَا مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُهَيِّئَ قَبْلَ الْغُسْلِ خِرْقَتَيْنِ نَظِيفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلْفَرْجَيْنِ وَالْأُخْرَى لِبَاقِي الْبَدَنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَفِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ: أَنَّهُ يُغَسِّلُ كُلَّ سَوْأَةٍ بِخِرْقَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ اهـ وَكَأَنَّ الْجُمْهُورَ رَأَوْا أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَالْبُعْدَ مِنْهُ أَوْلَى فَإِنْ قُلْتُ: غَسْلُ الْعَوْرَةِ بِالْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّهَا، كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَكْمَلِ قُلْتُ: الْوَاجِبُ غَسْلُهَا وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ مَسُّهَا نَعَمْ جَعْلُهُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ قَبْلَ تَغْسِيلِهِ مِنْ الْأَكْمَلِ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ وَرَدَّهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي غُسْلِ الْحَيِّ مِنْ أَنَّ الْغَسْلَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَكْفِي عَنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ لَكِنْ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ هُنَاكَ فَصَحَّ أَنَّهَا تَكْفِي عَنْهُمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَاكَ فَتَتَّحِدُ الْمَسْأَلَتَانِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يُلَوِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ اشْتِرَاطَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ أَوَّلًا وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ

(وَلْيَتَعَهَّدْ) بَعْدَ لَفِّ الْخِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (سِنَّهُ وَالْأَنْفَا) بِأَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِي فَمِهِ وَيُمِرَّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ بِمَاءٍ كَالسِّوَاكِ وَلَا يَفْتَحُ فَاهُ، وَيُدْخِلُ طَرَفَ أُصْبُعِهِ فِي مَنْخَرِهِ بِمَاءٍ لِيُزِيلَ الْأَذَى وَهَذَا لَا يُغْنِي عَنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاق، كَمَا يُفْهِمُهُ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يُوَضِّيهِ) بَلْ ذَلِكَ كَالسِّوَاكِ وَزَادَ قَوْلَهُ: (وُضُوءُ الْحَيِّ) تَأْكِيدًا لِذَلِكَ وَإِشَارَةً إلَى أَحَدِ دَلِيلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى وُضُوءِ الْحَيِّ وَالدَّلِيلُ الثَّانِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الْآتِي وَمَوَاضِعُ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَيُمِيلُ رَأْسَهُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ حَتَّى لَا يَبْلُغَ الْمَاءُ بَاطِنَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَسْنَانُهُ مُتَرَاصَّةً لَمْ يُكَلَّفْ فَتْحَهَا، بَلْ يَكْفِي إبْلَاغُ الْمَاءِ مَقَادِمَ ثَغْرِهِ.

(وَ) بَعْدَ ذَلِكَ يَغْسِلُ (شَعْرَهُ) أَيْ: شَعْرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ) يُفِيدُ جَوَازَ رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْآخَرِ بِلَا شَهْوَةٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ) يُفِيدُ جَوَازَ رُؤْيَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ بِلَا شَهْوَةٍ لَكِنْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ هُنَاكَ فَإِنْ مَاتَتْ صَارَ الزَّوْجُ كَالْمُحْرِمِ فِي النَّظَرِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اهـ. إذْ الْمُحْرِمُ يَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَتِهِ بِلَا شَهْوَةٍ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَسُّ فِي ذَلِكَ كَالرُّؤْيَةِ) يُفِيدُ جَوَازَ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ كَمَا يَجُوزُ رُؤْيَتُهَا لِذَلِكَ لَكِنْ ذَكَرُوا فِي بَابِ النِّكَاحِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَحَمَلَهُ م ر عَلَى مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ شَهْوَةٌ

(قَوْلُهُ: وَمَا نَجَّسَهُ) أَيْ: الْمَيِّتَ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَمَحَلَّ مَا نَجَّسَهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْغُسْلِ بِنَفْسِ مَا نَجَّسَهُ صَحِيحٌ بِمَعْنَى إزَالَتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنَّحْوِ الْأَوْسَاخُ الطَّاهِرَةُ الْغَيْرُ الْمُسْتَقْذَرَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ) شَامِلٌ لِلنَّجَسِ وَالطَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَكْمَلِ) وَقَدْ عَدَّهُ مِنْهُ بِجَعْلِهِ فِي حَيِّزِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ إلَخْ) فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخِرْقَةِ فَصَحَّ جَعْلُ الْغُسْلِ بِالْخِرْقَةِ مِنْ الْأَكْمَلِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يُكَلَّفْ فَتْحَهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحُ الْعُبَابِ

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ) مِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ كَذَا بِهَامِشِ الشَّرْحِ

(قَوْلُهُ: بِأُشْنَانِ) هُوَ بَزْرُ الْغَاسُولِ. اهـ. مَدَنِيٌّ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ لَفِّ الْخِرْقَةِ الثَّانِيَةِ) فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ وَحَاشِيَتُهُ أَنَّ مَا يُتَعَهَّدُ بِهِ الْأَسْنَانُ وَالْأَنْفُ خِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ نَظِيفَةٌ تَكُونُ عَلَى أُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: كَالسِّوَاكِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ غَسْلُ كَفَّيْ الْمَيِّتِ أَوَّلًا. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِهِ كَوُضُوءِ الْحَيِّ. (قَوْلُهُ: فِي مَنْخِرِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ أَشْهَرُ اللُّغَاتِ، وَأَمَّا عَكْسُهَا فَلَمْ يَرِدْ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجُ.

(قَوْلُهُ: يُوَضِّئُهُ إلَخْ) قَالَ م ر قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَتْبَعُ بِعُودٍ لَيِّنٍ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ قَالَ ع ش: وُجُوبًا إنْ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ، وَإِلَّا فَنَدْبًا. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وُصُولُ مَاءِ الْغُسْلِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُوَضِّئُهُ إلَخْ) وَيَأْتِي فِيهِ بِدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ وَبِمَا يُقَالُ: بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: اجْعَلْهُ أَوْ اجْعَلْنِي وَإِيَّاهُ مِنْ التَّوَّابِينَ إلَخْ وَكَذَا بَعْدَ الْغُسْلِ وَيُسَنُّ إعَادَتُهُ أَيْ: الْوُضُوءِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إعَادَتُهُ سَيَأْتِي عَنْ الْمُزَنِيّ وَنَظَرَ فِيهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ: بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>