للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَأْسِهِ، ثُمَّ لِحْيَتَهُ (بِسِدْرٍ، أَوْ خِطْمِيٍّ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ غَسْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ أَوْ غَيْرِهَا فَاجْعَلِي فِيهِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ: فَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَضَفَرْنَا نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» وَقَوْلُهُ: «إنْ رَأَيْتُنَّ» أَيْ: احْتَجْتُنَّ وَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ وَقَوْلُ النَّظْمِ، أَوْ خِطْمِيٍّ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ: أَوْ نَحْوَهُ كَانَ أَعَمَّ وَالسِّدْرُ أَوْلَى مِنْهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ.

(وَبَعْدَهُ بِوَاسِعِ السِّنِّ مَشَطْ) أَيْ: وَبَعْدَمَا ذَكَرَ سُرِّحَ شَعْرُهُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ إنْ تَلَبَّدَ شَعْرُهُ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ سِدْرٍ وَوَسَخٍ، كَمَا فِي الْحَيِّ وَلْيَكُنْ بِرِفْقٍ؛ لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ (ثُمَّ) بَعْدَ غَسْلِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (يَصُبُّ) مَاءً (بَارِدًا بِهِ اخْتَلَطْ يَسِيرُ كَافُورٍ لِشِقٍّ أَيْمَنِ ثُمَّ يَسَارٍ) أَيْ: يَصُبُّهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ (بَعْدَ غَسْلِ الْبَدَنِ بِالسِّدْرِ وَالشَّرْطُ) أَيْ: وَالْعِبْرَةُ مَعَ هَذَا (بِأَنْ لَا يَبْقَى) شَيْءٌ مِنْ السِّدْرِ عَلَى بَدَنِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَ بَدَنَهُ بِسِدْرٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِذَا غَسَّلَهُ بِهِ، ثُمَّ أَزَالَهُ لَا يَعْتَدُّ لَهُ عَنْ الْوَاجِبِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْغَسْلَتَيْنِ لِتَغَيُّرِ مَائِهِمَا وَإِنَّمَا يَعْتَدُّ لَهُ بِالْوَاقِعَةِ بَعْدَهُمَا فَتَكُونُ هَذِهِ غَسْلَةً وَاحِدَةً وَمَا تَقَدَّمَهَا تَنْظِيفٌ، وَأَمَّا نَدْبُ كَوْنِهِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ؛ فَلِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُسَخَّنِ الَّذِي يَحُلُّهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا نَدْبُ كَوْنِهِ بِكَافُورٍ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِتَقْوِيَتِهِ الْبَدَنَ وَدَفْعِهِ الْهَوَامَّ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَخَرَجَ بِيَسِيرِهِ كَثِيرُهُ فَقَدْ يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا فَمُجَاوِرٌ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَلَا يَخْتَصُّ الْبَارِدُ بِهَذِهِ الْمَرَّةِ، بَلْ يُنْدَبُ فِي سَائِرِ الْمَرَّاتِ وَيُنْدَبُ أَنْ يُبْعِدَ الْإِنَاءَ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ عَنْ الْمُغْتَسَلُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشٌ عِنْدَ الْغُسْلِ.

وَكَيْفِيَّةٌ غُسْلِ بَدَنِهِ بِالسِّدْرِ أَوْ نَحْوِهِ أَنْ يَغْسِلَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقْبِلَ مِنْ عُنُقِهِ وَصَدْرِهِ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ وَقَدَمِهِ، ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرَ إلَى الْقَدَمِ، ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَحَكَى الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يَغْسِلُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ مِنْ مُقَدِّمِهِ، ثُمَّ يُحَوِّلُهُ فَيَغْسِلُ جَانِبَ ظَهْرِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يُلْقِيهِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَغْسِلُ جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدِّمُهُ، ثُمَّ يُحَوِّلُهُ فَيَغْسِلُ جَانِبَ ظَهْرِهِ الْأَيْسَرِ قَالُوا: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ سَائِغٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، وَيَجِبُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ. اهـ. وَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ إنْ عُدَّ ازْدِرَاءً بِهِ أَوْ غَلَبَ ظَنٌّ لِسَبْقِ الْمَاءِ لِجَوْفِهِ وَإِسْرَاعِهِ فَسَادَهُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَصُبُّ بَارِدًا) إشَارَةً إلَى الْغَسْلَةِ الْوَاجِبَةِ وَقَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا عَنْ الْوَاجِبِ كَوْنُهَا بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ مَا يُؤَثِّرُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْإِشَارَةَ إلَى الْغَسْلَةِ الْمُزِيلَةِ لِلسِّدْرِ فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ الْإِشَارَةَ إلَى ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ وَاحِدَةٍ بِالسِّدْرِ وَأُخْرَى بَعْدَهَا مُزِيلَةٌ لَهُ وَأُخْرَى بَعْدَهَا بِالْقَرَاحِ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ سم. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَعْتَدُّ لَهُ إلَخْ) بَقِيَ قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ إلَخْ إشَارَةً إلَى هَذَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ بِشِقٍّ أَيْمَنَ، ثُمَّ يَسَارٍ أَنَّ غُسْلَ الْأَيْمَنِ مُقَدِّمَهُ وَمُؤَخِّرَهُ سَابِقٌ عَلَى غُسْلِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَوْ خِطْمِيٍّ) رَأَيْت نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الطِّبِّ لِلْأَزْرَقِيِّ أَنَّ الْخِطْمِيَّ شَجَرَةُ الْقَرْبُنَاءِ بِلُغَةِ الْيَمَنِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْمُلُوخِيَّا وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بِوَرْدِ الْحِمَارِ يَزْرَعُونَهُ لِلتَّنَزُّهِ بِرُؤْيَةِ زَهْرِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ ذَلِكُنَّ لِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْجَمِيعِ ع ش

(قَوْلُهُ: بِوَاسِعِ السِّنِّ مُشِطْ) أَيْ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا سم. (قَوْلُهُ: بِمُشْطٍ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ وَيُقَالُ: مِمْشَطٌ كَمِنْبَرٍ وَالْمَشْقَأُ وَالْمُكِدُّ وَالْقَيْلَمُ وَالْمِرْجَلُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ تَلَبَّدَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِأَصْلِ التَّسْرِيحِ فَإِنْ لَمْ يَتَلَبَّدْ لَمْ يُسَنُّ التَّسْرِيحُ لَا بِوَاسِعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا سُرِّحَ بِضَيِّقِ الْأَسْنَانِ أَوْ بِغَيْرِ رِفْقِ بِحَيْثُ اُنْتُتِفَ كُلُّ الشَّعْرِ أَوْ أَكْثَرُهُ أَنْ يَحْرُمَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَاءً بَارِدًا) أَيْ: مَالِحًا. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: يَسِيرُ كَافُورٍ) خَرَجَ بِالْيَسِيرِ الْكَثِيرُ بِحَيْثُ يَفْحُشُ التَّغَيُّرُ بِهِ وَيَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ صُلْبًا لَا تَتَحَلَّلُ عَيْنُهُ فِي الْمَاءِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُجَاوِرٌ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَإِنْ فَحُشَ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَلَيْهِ اهـ ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ الْفَرْقُ الطَّرِيقُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَرْنِهِ وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَهُوَ الصَّبُّ مِنْ أَوَّلِ جَانِبِ الرَّأْسِ الْمُسْتَلْزِمِ دُخُولَ شَيْءٍ مِنْ الْفَرْقِ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشٌ عِنْدَ الْغُسْلِ) أَيْ: لِئَلَّا يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ الظَّاهِرَ أَنَّ إصَابَةَ مَاءِ الْوُضُوءِ لَا تُوجِبُ الِاسْتِعْمَالَ إذْ لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ. فَحَرِّرْ

(قَوْلُهُ: مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَعْلَى قَفَاهُ وَيَحْذِفَ الظَّهْرَ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ احْتِرَامًا لَهُ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>