للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاحْتِرَازُ عَنْ كَبِّهِ عَلَى الْوَجْهِ وَلَا يُعَادُ فِي هَذِهِ غُسْلُ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ غُسِلَ أَوَّلًا.

(وَثَلَّثَ) الْغَاسِلُ (الْغُسْلَ) بِمَاءٍ مُخْتَلِطٍ بِيَسِيرِ كَافُورٍ بَعْدَ إزَالَةِ السِّدْرِ، أَوْ نَحْوِهِ لَكِنْ الْكَافُورُ فِي الثَّالِثَةِ آكَدُ (فَإِنْ لَمْ يُنْقَ) أَيْ: الْبَدَنُ بِالثَّلَاثِ (خَمَّسَ، أَوْ سَبَّعَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَزِيدُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ وَيَخْتِمُ بِالْوَتْرِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَيِّ لَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى الثَّلَاثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَيِّ مَحْضُ تَعَبُّدٍ وَهُنَا الْمَقْصُودُ النَّظَافَةُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ السِّدْرِ بِالْأَوْلَى، بَلْ الْوَجْهُ التَّكْرِيرُ بِهِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ فَإِذَا حَصَلَ النَّقَاءُ وَجَبَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْخَالِصِ عَنْ السِّدْرِ وَيُسَنُّ بَعْدَهَا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً كَغُسْلِ الْحَيِّ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ الْخَالِصَ بَعْدَ كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ غَسَلَاتِ التَّنْظِيفِ كَفَاهُ ذَلِكَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ تَمَامِهَا وَتَكُونُ كُلُّ مَرَّةٍ مِنْ التَّنْظِيفِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْخَالِصِ غَسْلَةً وَاحِدَةً قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطَّى وَجْهُ الْمَيِّتِ بِخِرْقَةٍ مِنْ أَوَّلِ مَا يَضَعُهُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضَفَّرَ شَعْرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ وَتُلْقَى خَلْفَهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَأَنْ يَتَعَاهَدَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إمْرَارَ يَدِهِ عَلَى بَطْنِهِ، وَمَسْحَهُ بِأَرْفَقَ مِمَّا قَبْلَهَا وَإِذَا رَأَى مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَيَتَعَهَّدُ بَعْدَ غُسْلِهِ تَلْيِينَ مَفَاصِلَهُ تَوَخِّيًا لِبَقَاءِ لِينِهَا.

(ثُمَّ لِيُحْكِم) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ غُسْلِهِ يُتْقِنُ (تَنْشِيفَهُ) ؛ لِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ فَيُسْرِعَ فَسَادَهُ وَبِهَذَا فَارَقَ غُسْلُ الْحَيِّ وَوُضُوءُهُ حَيْثُ اسْتَحَبُّوا تَرْكَ التَّنْشِيفِ فِيهِمَا.

(وَأَثَرًا لِلْمُحْرِمِ) الْمَيِّتِ أَيْ: أَثَرَ إحْرَامِهِ مِنْ مَنْعِ الطِّيبِ وَالْمَخِيطِ وَسَتْرِ رَأْسِهِ إنْ كَانَ رَجُلًا وَوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ كَانَ امْرَأَةً وَأَخْذِ ظُفْرِهِ وَشَعْرِهِ (بَقَّاهُ) الْغَاسِلُ عَلَيْهِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ لَمْ يُبْقِهِ عَصَى وَلَا فِدْيَةٌ كَقِطْعَةِ عُضْوٍ مَيِّتٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَا بَأْسَ بِالتَّجْمِيرِ عِنْدَ غُسْلِهِ كَجُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُحْلَقُ رَأْسُهُ إذَا مَاتَ وَبَقَى عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَنَّهُ يَحْلِقُ تَكْمِيلًا لِلنُّسُكِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ فِي هَذِهِ غُسْلُ رَأْسِهِ) أَيْ: وَلِحْيَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِهَذِهِ غَسْلَةُ السِّدْرِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: وَكَيْفِيَّةُ غُسْلِ بَدَنِهِ بِالسِّدْرِ أَوْ نَحْوِهِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُسِلَ أَوَّلًا، وَأَمَّا جَعْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ غَسْلَةَ السِّدْرِ وَمُزِيلَتَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا تَقَدَّمَ لِمُزِيلَةٍ لِغَسْلِ الرَّأْسِ بِالسِّدْرِ فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُسِلَ أَوَّلًا فَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ فِي هَذِهِ) يَعْنِي غَسْلَةَ الْبَدَنِ بِالسِّدْرِ وَالْمُزِيلَةَ لَهَا، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ الَّتِي بِالْقَرَاحِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِهِ إلَى قَدَمِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عِنْدَ غَسْلِ الرَّأْسِ أَوَّلًا فَعَلَ السِّدْرَ وَمُزِيلَتَهُ ثُمَّ الْقَرَاحَ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُهُ تَفْرِيقُ الْوَاجِبَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ مَعَ بَاقِي الْبَدَنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَثَلَّثَ الْغُسْلَ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُثَلِّثُ مَا مَضَى بِأَنْ يُغَسِّلَ بِالسِّدْرِ وَاحِدَةً، ثُمَّ ثَانِيَةً مُزِيلَةً، ثُمَّ ثَالِثَةً بِالْقَرَاحِ، ثُمَّ يُعِيدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْغُسْلَ مَرَّتَيْنِ بِالْقَرَاحِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ السَّابِقَةِ فِي الْمَتْنِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مَا فَهِمَهُ شَارِحَا الْإِرْشَادِ مِنْهُ، ثُمَّ نَبَّهَا عَلَى أَنَّ الْأَكْمَلَ خِلَافُهُ وَبَيَّنَّاهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: السَّابِقَةُ فِي الْمَتْنِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ بَارِدًا إلَخْ فَالْغَسَلَاتُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ تِسْعٌ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسٌ غَسْلَةُ السِّدْرِ ثُمَّ مُزَايَلَتُهُ، ثُمَّ ثَلَاثٌ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ الْوَاجِبَةُ أُولَاهَا سم. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَصَلَ النَّقَاءُ) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُغَسَّلُ بِالسِّدْرِ ثُمَّ مُزِيلَتِهِ، وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ ثُمَّ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَوْلُهُ: الْمَاءُ الْخَالِصُ غَسْلَةً إلَخْ) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْغَسَلَاتِ حِينَئِذٍ تِسْعٌ غَسْلَةُ السِّدْرِ، ثُمَّ مُزِيلَتُهُ ثُمَّ الْمَاءُ الْقَرَاحُ وَهَكَذَا ثَانِيًا وَثَالِثًا. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ غَسَلَاتِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّبْخِيرِ عِنْدَ غُسْلِهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْحَيَاةِ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) بَلْ يُعَادُ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَالْأُولَى. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِمَاءٍ يَخْتَلِطُ بِيَسِيرِ كَافُورٍ) أَيْ: بِمَاءِ قَرَاحٍ يَخْتَلِطُ بِيَسِيرِ كَافُورٍ فَيُفِيدُ أَنَّ التَّثْلِيثَ لَا يَكُونُ فِيمَا يَخْتَلِطُ بِالسِّدْرِ وَسَيَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ لَمْ يُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى أَقَلِّ الْكَمَالِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ إلَخْ) صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلِهِ بِأَنْ يُكَرَّرَا مَعًا وَيَكُونَ وَتْرًا إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِشَفْعٍ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْمَقْدِسِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْإِنْقَاءِ إنَّمَا هِيَ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْحَدِيثِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْإِرْشَادُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ غَسَلَاتِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ. اهـ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ الْأَوَّلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَعْمَلَ إلَخْ) لَكِنْ مَا قَبْلَهَا أَوْلَى، وَأَمَّا مَا حَمَلَ الشَّارِحُ الْمَتْنَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُغْسَلُ أَوَّلًا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ثُمَّ يُزِيلُ ذَلِكَ بِغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ، ثُمَّ يَغْسِلُهُ ثَلَاثًا بِمَاءٍ قَرَاحٍ فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ فَبَيَانٌ لِأَقَلِّ الْكَمَالِ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَحَدَّثَ أَيْضًا كَأَنْ رَأَى مِنْ مُبْتَدِعٍ أَمَارَةَ خَيْرٍ فَيَنْبَغِي كَتْمُهَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فِدْيَةَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَ شَعْرَ مُحْرِمٍ نَائِمٍ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَقَ وَقُلْنَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>