للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ وَبِمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ النَّاظِمِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ثُمَّ الْأَسَنُّ وَالْحُرُّ الْعَدْلَانِ كَانَ أَوْلَى.

(ثُمَّ) بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا ذُكِرَ هُنَا، بَلْ وَفِي بَابِ الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّظَافَةِ وَحُسْنِ الْوَجْهِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَالصَّوْتِ يَجِبُ (اقْتِرَاعٌ) بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ (أَوْ تَرَاضِي نَاسِهِ) أَيْ: أَهْلِ الْمَيِّتِ بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلزَّوْجِ، وَلَا الْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ رَجُلٌ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الرَّجُلِ عَلَى مَا قَدَّمْته وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا الْقَرِيبُ وَالْمَوْلَى عَلَى الْوَالِي وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّتِ كَالدَّفْنِ وَالتَّكْفِينِ؛ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْغَرَضِ مِنْهَا الدُّعَاءُ، كَمَا مَرَّ وَالْقَرِيبُ وَالْمَوْلَى أَشْفَقُ وَأَنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ فِيهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَصَلَّى وَأَنَّ عُمَرَ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى وَأَنَّ عَائِشَةَ وَصَّتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَصَلَّى مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالتَّقْدِيمُ فِي الْأَجَانِب بِمَا تَقَدَّمَ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

(وَمَوْقِفُ الْإِمَامِ) وَالْمُنْفَرِدِ كَائِنٌ (عِنْدَ رَاسِهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ الذَّكَرِ (وَ) عِنْدَ (عَجُزِ الْأُنْثَى) نَدْبًا؛ لِلِاتِّبَاعِ رَوَى الْأَوَّلَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالثَّانِيَ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ مُحَاوَلَةُ سَتْرِ الْأُنْثَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى.

(وَغَيْرُ جَائِزِ) لِلْمُصَلِّي (تَقَدُّمٌ) عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْقَبْرِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ أَمَّا تَقَدُّمُهُ عَلَى الْغَائِبَةِ فَجَائِزٌ لِلْحَاجَةِ.

(وَجَازَ لِلْجَنَائِزِ صَلَاتُهُ) عَلَيْهَا صَلَاةً (وَاحِدَةً) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَلَّى عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِيهِ وَجَعَلَهَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَفِي الْقَوْمِ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَيُمْكِنُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ) بِخِلَافِ نَائِبِ الْأَقْرَبِ الْحَاضِرِ فَلَا يُقَدَّمُ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْقُوتِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِهَامِشِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْحَقَّ لِنَائِبِ الْأَقْرَبِ غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا. (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ) كَالْأَخِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَعِيدِ) كَابْنِ الْأَخِ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِاعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ فِي تَقْدِيمِ الْحُرِّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَالصُّوَرُ) أَيْ: وَغَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَجِبُ اقْتِرَاعٌ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ وُجُوبِ الِاقْتِرَاعِ حُرْمَةُ تَقْدِيمِ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مَعَ رَغْبَتِهِ فِي التَّقَدُّمِ، وَعَدَمِ رِضَاهُ بِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْعَهُ حَقَّهُ مَعَ رَغْبَتِهِ فِيهِ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ جَازَ هُنَا قَطْعًا وَفِي نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ خِلَافٌ وَالْفَرْقُ صِحَّةُ صَلَاةِ الْأَجْنَبِيِّ هُنَا بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ. اهـ. بِمَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ لَا عَدَمَ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا لَكِنْ رَأَيْت هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ غَيْرَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ كُرِهَ، وَأَنَّهُ لَوْ بَادَرَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ لَا كَرَاهَةَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْلَى عَلَى الْوَالِي) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ وَنَائِبَهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى ذُوِيّ الْأَرْحَامِ عِنْدَ الِانْتِظَامِ. (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ هُنَا الْأَسَنُّ عَلَى الْأَفْقَهِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَبْرِ) أَيْ: الْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَائِبَةِ) وَالْقَبْرِ الْغَائِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِمَ يَكُونُ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِمَرِّ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمْ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْقَرِيبِ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. اهـ. قَالَ ع ش: يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْأَجَانِبِ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْقَرِيبِ خِلَافُهُ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلزَّوْجِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرٌ، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْفَقِيهُ) أَيْ: الْفِقْهَ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُصَحِّحُ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ الْفَقِيهِ ذَلِكَ الْفِقْهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ إلَخْ) قَالَ م ر: وَالْعِلَّةُ لَا تُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي مُتَشَارِكَيْنِ فِي الْفِقْهِ فَكَانَ دُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأَسَنَّ لَيْسَ دُعَاؤُهُ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ فِي شَيْءٍ. اهـ. وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يُصَحِّحُ الصَّلَاةَ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ عُرْفًا فِي شَيْءٍ مِمَّا امْتَازَ بِهِ وَتَأَمَّلْهُ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَدَخَلَ فِي الْأَهْلِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَ مُصَحِّحِ الصَّلَاةِ فَيُقَدَّمُ إلَّا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى نَحْوِ الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ أَهْلًا وَاخْتَلَفَا دَرَجَةً كَأَبٍ وَابْنٍ قُدِّمَ الْأَبُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ غَيْرَ مُصَحِّحِ الصَّلَاةِ وَكَانَ الِابْنُ فَقِيهًا عُرْفًا فَإِنْ اسْتَوَيَا دَرَجَةً كَابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَعْرِفُ غَيْرَ مُصَحِّحِ الصَّلَاةِ وَالْآخَرُ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ فَقِيهًا عُرْفًا قُدِّمَ الْفَقِيهُ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ إذْ لَمْ يُقَدَّمُوا عَلَى الْأَسَنِّ إلَّا الْأَفْقَهَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ) سَوَاءٌ الزَّوْجَةُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ. (قَوْلُهُ: إنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) وَكَذَا الزَّوْجَةُ عِنْدَ فَقْدِ الذُّكُورِ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّيْنِ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الرَّجُلِ) ، وَأَمَّا الْأَجَانِبُ فَظَاهِرُ مُرَاعَاةِ مَا بِهِ التَّقْدِيمُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَسَنُّ مُقَدَّمًا كَمَا فِي الْأَقَارِبِ. اهـ. عَمِيرَةُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَيُقَيَّدُ بِهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا الْقَرِيبُ وَالْمَوْلَى عَلَى الْوَالِي إلَخْ) وَالْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْأَوْلَى الْوَالِي فَإِمَامُ الْمَسْجِدِ فَالْوَلِيُّ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَقَيَّدَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ تَقْدِيمَ الْوَالِي عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَدِيمِ بِمَا إذَا كَانَ الْوَالِي هُوَ الَّذِي وَلَّى إمَامَ الْمَسْجِدِ أَوْ أَعْلَى مِمَّنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>