للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَايَتُهُ أَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ (وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ) وُجُوبَهَا (كَيْفَمَا وَقَعْ) مِنْ كَوْنِهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ مُسْتَغْرِقًا لِمَالِهِ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِهِ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الدَّيْنِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَفْرَزَ الْحَاكِمُ لِكُلٍّ مِنْ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ وَمَكَّنَهُمْ مِنْهُ، فَلَمْ يَأْخُذُوهُ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِمْ أَحَقَّ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَخَذُوهُ بَعْدَ الْحَوْلِ، فَلَوْ تَرَكُوهُ لَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ لِتَبَيُّنِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، ثُمَّ مَا صَحَّحَاهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا بَيْعٍ أَوْ تَعْوِيضٍ. قَالَ وَقَدْ صَوَّرَهَا بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي السِّلْسِلَةِ وَنَقَلَ ابْنُ دَاوُد عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

ا. هـ. (وَقُدِّمَتْ) إذَا اجْتَمَعَتْ زَكَاةٌ، وَدَيْنُ آدَمِيٍّ (فِي التَّرِكَاتِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّكَوِيُّ فِيهَا (التَّزْكِيَهْ) أَيْ: الزَّكَاةُ وَلَوْ لِلْبَدَنِ (عَنْ ذَا) أَيْ: عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» وَلِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ؛ وَلِأَنَّ مَصْرِفَهَا أَيْضًا الْآدَمِيُّ، فَقُدِّمَتْ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا، وَسَائِرُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ كَالزَّكَاةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَالْمُتَعَلِّقَةِ بِالذِّمَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَفِي التَّعْلِيلِ بِكَوْنِ الزَّكَاةِ مُتَعَلِّقَةً بِالْعَيْنِ قُصُورٌ لِإِيهَامِهِ أَنَّهَا إذَا تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ بِأَنْ تَلِفَ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ لَا تُقَدَّمُ. وَجَرَى عَلَيْهِ الْجَارْبُرْدِيُّ، فَقَالَ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ زَكَاةُ التَّرِكَةِ احْتِرَازًا عَنْ أَنْ تَكُونَ الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ تَلِفَ مَالُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ مَالٌ، فَهِيَ غَيْرُ مُقَدَّمَةٍ عَلَى الدَّيْنِ بَلْ يُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا حُكْمُ الْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَسْتَرْسِلُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. ا. هـ. وَالْمَنْقُولُ الْأَوَّلُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ اجْتِمَاعُ الْجِزْيَةِ، وَالدَّيْنِ فَالْأَصَحُّ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهَا مَعَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَوْ اجْتَمَعَ حُقُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ السُّبْكِيُّ: فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ مَوْجُودًا فَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ.

ا. هـ.

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْحَيَوَانُ وَغَيْرُهُمَا بِالنَّذْرِ أَوْ الْجَعْلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الْأُضْحِيَّةَ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا خِلَافَهُ، وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ بِمَا أَشَارَ وَلَدُهُ الْجَلَالُ إلَى رَدِّهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)

مَنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ النِّصَابَ لَزِمَهُ زَكَاتُهُ وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَكَالْمَغْصُوبِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ سَلَامَتُهُ مِنْ أَخْذِ الْغُرَمَاءِ بِأَنْ أَبْرَءُوهُ أَوْ وَفَّاهُمْ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَجْرِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ دُونَ أَصْلِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْإِفْرَازِ وَالتَّمَكُّنِ الْمَذْكُورَيْنِ يَمْنَعَانِ أَصْلَ الْوُجُوبِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا عَلَيْهِمْ م ر (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْخُلْطَةِ مِمَّا نَصُّهُ (فَرْعٌ) .

وَإِنْ بَاعَهُ أَيْ: النِّصَابَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَحَكَمْنَا بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفٌ بِأَنْ كَانَ لَهُمَا وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِيهِمَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ زَكَّاهُ أَيْ الْمَبِيعَ. اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغُرَمَاءَ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَظْهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ فَكَانَ التَّسَلُّطُ عَلَى الْآخِذِ إثْمٌ أَوْ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا بِالْخِيَارِ مِنْ الْفَسْخِ وَدَفْعِ تَعَلُّقِ الْمُشْتَرِي رَأْسًا كَانَ مِلْكُهُ الْحَاصِلُ أَوْ الْمُسْتَبِينُ الْحُصُولَ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمَحْجُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) هَذَا الِاحْتِمَالُ أَوْجَهُ وَإِلَّا اتَّحَدَ حُكْمُ الْإِفْرَازِ وَحُكْمُ عَدَمِهِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَوَّرَهَا بِذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ) بِأَنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لَكِنْ طُولِبَ بِالدُّيُونِ فَأَفْرَزَ الْحَاكِمُ أَمْوَالَهُ لِدُيُونِهِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ) وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ كَالْمَرْهُونِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَقَدْرُهَا يُخْرَجُ مِنْ رَهْنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ بِالْفَلَسِ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ قَرِيبًا بِرّ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُخْرَجُ مِنْ الرَّهْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ) وَبَحَثَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ حَجٌّ أُجْرَتُهُ مِائَةٌ وَزَكَاةٌ مِائَةٌ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قُدِّمَ الْحَجُّ إذْ لَوْ قُسِمَتْ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَحْصُلْ الْحَجُّ فَتُصْرَفُ الْمِائَةُ إلَيْهِ وَالْبَاقِي يُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ. اهـ. قِيلَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ إنْ كَانَ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ، ثُمَّ الْبَاقِي إنْ كَفَى الْحَجَّ وَلَوْ مِنْ مَكَّةَ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَارِثِ أَوْ مَفْقُودًا تَخَيَّرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْحَجِّ أَوْ الزَّكَاةِ نَعَمْ لَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْحَجِّ لِتَحْصِيلِهِ مَعَ بَعْضِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَكَسَ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ الْحَجِّ لَكَانَ مُتَّجَهًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْجَلَالِ. اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ كَلَامَ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقًا بِهِ) كَمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالتَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَأْخُذُوهُ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ) أَيْ: وَأَخَذُوهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ لِتَبَيُّنِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، ثُمَّ رَأَيْته عَلَى الْأَثَرِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ) أُخِذَ هَذَا مِنْ كَوْنِ الزَّكَاةِ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ السَّابِقُ عَامًّا لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَيَّدَ) أَيْ: الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ وَجَعْلُهُ أُضْحِيَّةً، وَنَذْرُ التَّصَدُّقِ بِهِ مَانِعٌ لَا الدَّيْنُ وَتُقَدَّمُ زَكَاةُ التَّرِكَةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: قَدْ تَلِفَ مَالُهُ) أَيْ: الزَّكَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ اسْتِوَاؤُهُمَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>