تَبْطُلُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ لِإِبْطَالِ مُتَعَلَّقِهَا كَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ وَلَوْ بَاعَهُ بِمُحَابَاةٍ، فَقَدْرُهَا كَالْمَوْهُوبِ (وَقَدْرَهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (يُخْرِجُ) الْمَالِكُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا (مِنْ رَهْنٍ) أَيْ: مَرْهُونٍ قَبْلَ الْحَوْلِ (إذَا سِوَاهُ لَمْ يَمْلِكْ) لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِهِ (بِلَا إبْدَالِ ذَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا جَبْرَ لِذَا أَيْ: الْمُخْرَجِ بِمَا يَرْهَنُ مَكَانَهُ إذَا أَيْسَرَ الْمَالِكُ بَلْ يُجْعَلُ كَالتَّالِفِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ قَهْرًا أَمَّا إذَا مَلَكَ سِوَاهُ، فَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الْمَالِ كَالنَّفَقَةِ وَقِيلَ يُخْرِجُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا فِي عَيْنِ الْمَالِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ كَمَا لَا يَجِبُ فِدَاءُ الْمَرْهُونِ إذَا جَنَى.
(وَالْحَوْلُ لَوْ كُرِّرَ فِي نِصَابٍ فَقَطْ) كَأَرْبَعِينَ شَاةً أَوْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ (فَلَا تَكْرَارَ لِلْإِيجَابِ) إذْ الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكٌ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ بِشَاةٍ وَفِي الثَّانِي بِقَدْرِ قِيمَةِ شَاةٍ وَالْخُلْطَةُ مَعَهُ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ إذْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ كَمَا مَرَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لِانْحِصَارِهِ فِي الْبَلَدِ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ مَا لَوْ كَانَ فَوْقَ نِصَابٍ فَيَجِبُ لِكُلِّ حَوْلٍ زَكَاةٌ فَلَوْ حَدَثَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي كُلِّ حَوْلٍ سَخْلَةٌ فَأَكْثَرُ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ شَاةٌ وَلَوْ مَلَكَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بَعِيرًا وَمَضَى عَلَيْهَا حَوْلَانِ وَلَا نِتَاجَ فَعَلَيْهِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلِلثَّانِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ أَمَّا إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَكَرَّرُ الْإِيجَابُ وَتَكْرَارُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا حُكِيَ فِي الصِّحَاحِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الثَّمَرَةَ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ مِنْهَا فَهِيَ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ التَّصْحِيحِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْرَهَا يُخْرِجُ مِنْ رَهْنٍ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَمْنَعُ أَصْلَ الْوُجُوبِ، وَلَا وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ: وَالدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ كَيْفَمَا وَقَعَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَدِينِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُجَابَ حَجْرُ الْحَاكِمِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّهْنِ وَلِهَذَا تَعَدَّى إلَى الْأَمْوَالِ الْحَادِثَةِ وَقِيلَ بِالِاحْتِيَاجِ فِي انْفِكَاكِهِ إلَى فَكِّ الْحَاكِمِ سم (قَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ لَازِمِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ أَنْ تَجِبَ فِيهِ الزَّكَاةُ كَانَ رَهْنُهُ الْتِزَامًا لَهَا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ لَازِمِ الْمَالِ الْجِنَايَةُ لَمْ يَكُنْ رَهْنُهُ الْتِزَامًا لِفِدَائِهِ سم.
(قَوْلُهُ: أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَإِنْ أَخْرَجَا الزَّكَاةَ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ النِّصَابِ فَقَدْ نَقَصَ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ابْتَدَأَ لَهُ حَوْلٌ آخَرُ مِنْ حِينِ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: فَيَتَكَرَّرُ الْإِيجَابُ) لَكِنَّهُ يَنْبَغِي إذَا تَأَخَّرَ الْإِخْرَاجُ عَنْ تَمَامِ الْحَوْلِ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ نَعَمْ فِي مِثَالِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلشِّيَاهِ مِنْ تَمَامِ الْأَوَّلِ لَا يُقَالُ: هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ لَا يُبْتَدَأَ الْحَوْلُ الثَّانِي إلَّا مِنْ حِينِ الْإِخْرَاجِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ يَمْلِكُونَ بِتَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ الْإِبِلِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى وَرَاءَ مَا يَمْلِكُونَ قَدْرُ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ الشِّيَاهَ
[حاشية الشربيني]
نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَفْرَزَ قَدْرَ نَصِيبِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُمْ بِإِفْرَازِهِ بَلْ نَصِيبُهُمْ شَائِعٌ فِي الْمُفْرَزِ وَغَيْرِهِ أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يُصَادِفْ شَيْئًا مِنْ حَقِّ الْفُقَرَاءِ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ بِعْتُك حَقِّي مِنْ هَذَا الْمَالِ صَحَّ. اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ أَيْ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْبَيْعِ. اهـ. مِنْهُ فِي مَوْضِعٍ وَلَوْ قَالَ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ، ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَهَلْ تَسْتَمِرُّ الصِّحَّةُ، وَتَنْتَقِلُ الزَّكَاةُ إلَى ذِمَّتِهِ، أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ فِي قَدْرِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر لِلثَّانِي. اهـ. سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ قَالَ م ر وَمَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَتَعَيَّنُ إخْرَاجُ هَذِهِ الشَّاةِ بَلْ لَهُ إخْرَاجُ غَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْرُهَا كَالْمَوْهُوبِ) فَلَوْ بَاعَ مَا يُسَاوِي أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا بِعِشْرِينَ بَطَلَ فِي نِصْفِ دِينَارٍ.
(قَوْلُهُ: كَالنَّفَقَةِ) وَنَفَقَةُ الْمَرْهُونِ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ.
(قَوْلُهُ فَقَطْ) خَرَجَ مَا لَوْ لَمْ يُزَكِّ سِتًّا مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إنْ كَانَ إذَا أَخْرَجَ لِكُلِّ سَنَةٍ وَاجِبَهَا بَقِيَ النِّصَابُ كَذَا فِي الْعُبَابِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَاةً بَقِيَ النِّصَابُ وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ السِّتِّ أَوْ قِيمَةُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تُسَاوِي قِيمَةَ شَاةٍ فِي الثَّانِي وَقِيمَةَ شَاتَيْنِ فِي الثَّالِثِ مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُقَالُ: أَنَّ السَّادِسَةَ وَقْصٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا فِي مِلْكِهِ فَيَكْمُلُ بِهَا النِّصَابُ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ أَنَّ السَّادِسَةَ وَقْصٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَيْءٌ عَلَى الرَّاجِحِ فَمُضِيُّ الْأَعْوَامِ الثَّلَاثِ عَلَى السِّتَّةِ كَمُضِيِّهَا عَلَى الْخَمْسَةِ فَلَا تَكْرَارَ لِلزَّكَاةِ اهـ وَأَظُنُّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ تَحْقِيقٍ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ) أَيْ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ الْفُقَرَاءَ مَلَكُوا شَاةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَخْرُجُوا بِهَا عَنْ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ أَثَّرَتْ خُلْطَتُهُمْ لَلَزِمَهُمْ زَكَاةُ تِلْكَ الشَّاةِ وَهُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ فَتَجِبُ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَإِذَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَجِبْ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الْوُجُوبِ كَمَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ لِمُوَرِّثِهِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ إذَا سَقَطَ بَعْضُهُ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ سَقَطَ بِهِ بَاقِيهِ أَيْ وَلِذَا شُرِطَ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْخُلْطَةِ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: ثُمَّ رَأَيْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute