إذَا وَقَعَ الْفَرْضُ بِمَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ مُوَكِّلُهُ: أَدِّ زَكَاتِي مِنْ مَالِكِ لِيَنْصَرِفَ فِعْلُهُ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَجِّ نِيَابَةً وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ التَّخْيِيرَ فِي النِّيَّةِ
(وَ) لِيَنْوِ وُجُوبًا (الْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ ذِي التَّكْلِيفِ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ كَمَا يُفَرِّقُ عَنْهُ لِفَقْدِ أَهْلِيَّتِهِ فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَكْفِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ ذِي التَّكْلِيفِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَنْوِي عَنْ السَّفِيهِ لَكِنْ نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ يَنْوِي عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ
(وَ) لِيَنْوِ وُجُوبًا (السُّلْطَانُ عَنْ مُمْتَنِعٍ) مِنْ أَدَائِهَا فَإِنَّهُ فِيهَا كَالْوَلِيِّ، وَالْمُمْتَنِعُ مَقْهُورٌ كَالطِّفْلِ وَتَسْقُطُ عَنْ الْمَالِكِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقِيَامِ السُّلْطَانِ مَقَامَهُ فِي النِّيَّةِ كَمَا فِي التَّفْرِقَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَصَى وَلَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا (وَسَبْقُهَا كَمَا اقْتَرَنَ) أَيْ وَسَبْقُ النِّيَّةِ عَلَى الْأَدَاءِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِعَزْلِ الْقَدْرِ الْمُؤَدَّى، أَوْ وُجِدَتْ بَعْدَهُ كَاقْتِرَانِهَا بِالْأَدَاءِ فِي الْإِجْزَاءِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِأَدَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا كَمَا فِي الصَّوْمِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَظْهَرَ فِي الزَّكَاةِ سَدُّ الْخَلَّةِ وَلِهَذَا جَازَتْ النِّيَابَةُ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَلَمَّا كَانَتْ النِّيَّةُ بِمَعْنَى الْقَصْدِ ذَكَّرَ ضَمِيرَهَا فِي قَوْلِهِ اقْتَرَنَ
(وَهُوَ وَمَنْ وَكَّلَ) أَيْ، وَالْمَالِكُ، وَالْوَكِيلُ (يَدْفَعَانِ) الزَّكَاةَ (لِلْمُسْتَحِقِّ) لَهَا (أَوْ إلَى السُّلْطَانِ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ كَانُوا يَبْعَثُونَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ» سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، الْمَالُ الْبَاطِنُ، وَهُوَ النَّقْدُ وَعَرْضُ التِّجَارَةِ، وَالرِّكَازُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ، وَالظَّاهِرُ، وَهُوَ النَّعَمُ، وَالْقُوتُ، وَالْمَعْدِنُ (وَهُوَ) أَيْ دَفْعُهَا إلَى السُّلْطَانِ (الْأَحَبُّ) أَيْ أَوْلَى مِنْ دَفْعِهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّ (إنْ يَكُنْ عَدْلًا) فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّ وَأَقْدَرُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَلِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ بِقَبْضِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ جَائِرًا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّ مُبَاشَرَةً، أَوْ تَوْكِيلًا أَوْلَى مِنْ دَفْعِهَا إلَى الْجَائِرِ سَوَاءٌ الْمَالُ الْبَاطِنُ، وَالظَّاهِرُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْلَوِيَّةَ دَفْعِ زَكَاةِ الظَّاهِرِ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا هَذَا إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا
ــ
[حاشية العبادي]
وَيَهْدِي الْوَكِيلُ وَيَنْوِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: زَكِّ، أَوْ اهْدِ يَقْتَضِي التَّوْكِيلَ فِي النِّيَّةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُقْتَضَى مَا فِي الْعَزِيزِ، وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَجُلٌ لِغَيْرِهِ أَدِّ عَنِّي فِطْرَتِي فَفَعَلَ أَجْزَأَ كَمَا لَوْ قَالَ: اقْضِ دَيْنِي اهـ كَلَامُ النَّاشِرِيِّ.
وَعَلَيْهِ فَصُورَةُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّصْرِيحِ بِالتَّوْكِيلِ فِي النِّيَّةِ أَنْ يَقُولَ: لَهُ أَدِّ هَذَا الشَّيْءَ لِهَذَا الْفَقِيرِ مَثَلًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مَفْرُوضَةً فِي الْأَدَاءِ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: إذَا وَقَعَ الْفَرْضُ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِاشْتِرَاطِ إذْنِ الْمَالِكِ حِينَئِذٍ فِي النِّيَّةِ، أَوْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَلِيَّ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَظَاهِرٌ أَنَّ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ النِّيَّةَ كَغَيْرِهِ اهـ
وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِيَّةُ السَّفِيهِ اسْتِقْلَالًا وَلَا يَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ
(قَوْلُهُ: وَالسُّلْطَانِ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ نِيَّتِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي لَا عِنْدَ الصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ اهـ
وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَكَتَبَ بِهَامِشِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا السُّلْطَانَ فِي الْمُمْتَنِعِ مَنْزِلَتَهُ وَلِذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ فَلْتَصِحَّ عِنْدَ الصَّرْفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَسَبْقُهَا) أَيْ عَلَى الْأَدَاءِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَائِبُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: وَزَكَاةُ الْفِطْرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَالِ لَا عَلَى النَّقْدِ مِنْهُ بِرّ (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةً إلَخْ) ، وَالْمُبَاشَرَةُ أَوْلَى مِنْ التَّوْكِيلِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا) أَيْ زَكَاةَ الظَّاهِرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِنَّمَا تَعَيَّنَتْ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ لِلْوَكِيلِ وَلَمْ تَجُزْ نِيَّةُ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ عَكْسَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ ثَمَّ فِعْلُ النَّائِي فَاشْتُرِطَتْ نِيَّتُهُ، وَالْمَالُ هُنَا مِلْكُ الْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَكْفِ نِيَّةُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُفَوِّضَهَا إلَيْهِ اهـ.
شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ حَيْثُ زَادَ قَوْلُهُ: وُجُوبًا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلْيَنْوِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَنْوِي عَنْ السَّفِيهِ وُجُوبًا وَأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَنْوِي وُجُوبًا وَإِنْ تَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْوُجُوبِ أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ وَيَجُوزُ لِلسَّفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْهَا إلَيْهِ الْوَلِيُّ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ عَنْ م ر
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّفْرِقَةِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ نَقْلِ زَكَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بِالنِّيَّةِ لَا بِالْوَلَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَنْوِ إلَّا عِنْدَ الصَّرْفِ فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْأَخْذِ فَفِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: عَصَى الْإِمَامُ) لِوُجُوبِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ بَاطِنًا أَيْ فَيَبْقَى الْإِثْمُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهَا كَمَا اقْتَرَنَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَتُجْزِئُ النِّيَّةُ فِيمَا لَوْ قَبَضَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى الْمَالِكُ وَمَضَى بَعْدَ نِيَّتِهِ إمْكَانُ الْقَبْضِ وَفِيمَا لَوْ قَبَضَهَا نَحْوُ صَبِيٍّ، أَوْ كَافِرٍ بِلَا نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى الْمَالِكُ وَهِيَ فِي يَدِ الْقَابِضِ، ثُمَّ دَفَعَهَا الْقَابِضُ لِلْإِمَامِ، أَوْ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَهِيَ فِي يَدِ الْقَابِضِ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ عِنْدَ إفْرَازِهَا وَفِيمَا لَوْ قَبَضَ السَّاعِي مَا يَتَتَمَّرُ رُطَبًا وَتَتَمَّرَ فِي يَدِهِ وَنَوَى الْمَالِكُ بَعْدَ تَتَمُّرِهِ فِي يَدِهِ وَمَضَى بَعْدَ نِيَّتِهِ إمْكَانُ الْقَبْضِ فَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ تَتَمَّرَ فِي يَدِهِ يُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الْإِجْزَاءِ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ السَّابِقِ، وَالنِّيَّةِ السَّابِقَةِ اهـ.
م ر (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنَتْ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: لِلْمُسْتَحِقِّ) وَإِنْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ قَاصِدًا غَيْرَ الزَّكَاةِ كَالْغَصْبِ، وَالْمَكْسِ فَإِنْ دَفَعَهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ كَالْإِمَامِ اعْتَبَرَ نِيَّةَ الْأَخْذِ لِعَدَمِ وُصُولِ الْحَقِّ مَحَلَّهُ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ التُّحْفَةِ وَحَاشِيَتِهَا عَنْ م ر (قَوْلُهُ: وَزَكَاةُ الْفِطْرِ) قَدْ يُشْكِلُ عَدُّهَا مِنْ الْبَاطِنَةِ مَعَ ظُهُورِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِمَا ذَكَرَهُ