للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَوَقَعَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي عَيْنِ الْمَالِ بَعْدَ الْجَزْمِ بِكَوْنِهِ زَكَاةَ مَالِهِ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ: هَذَا زَكَاةُ كَذَا إنْ وَرِثَتْهُ فَبَانَ مَوْتُ مُورِثِهِ إذْ الْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَعَدَمُ الْإِرْثِ، وَالْأَصْلُ هُنَا سَلَامَةُ الْمَالِ فَاعْتَضَدَ بِهِ التَّرَدُّدُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ أَصُومُ غَدًا إنْ كَانَ مِنْهُ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَعَنْ الْفَائِتِ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إذْ الْأَمْرُ فِيهَا أَضْيَقُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَأَنْ يَقَعَ عَنْ آخَرَ مَا لَوْ رَدَّدَ فَقَالَ: هَذَا زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ، أَوْ صَدَقَةٌ فَلَا يَقَعُ عَنْ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِقَصْدِ الْفَرْضِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ الْغَائِبُ سَالِمًا فَهَذَا زَكَاتُهُ، أَوْ صَدَقَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ بَاقِيًا فَهَذَا زَكَاتُهُ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ (تَنْبِيهٌ)

قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي إنْ عَلِمَ الْمُسْتَحِقَّ كَالتَّصْرِيحِ بِمَا ذُكِرَ إنْ قَارَنَ الْأَخْذَ وَكَذَا إنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الْأَقْرَبِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ

(وَانْدُبْ بِأَنْ يَعْلَمَ شَهْرًا مَنْ سَعَى لِأَخْذِهَا) أَيْ وَانْدُبْ لِلسَّاعِي إعْلَامَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ يَأْتِيهِمْ فِيهِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ (مِمَّا) أَيْ مِنْ الْمَالِ الَّذِي (شَرَطْنَا الْحَوْلَا فِيهِ) لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَتَعَذُّرِ بَعْثِ سَاعٍ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ (وَأَوَّلَ الشُّهُورِ) وَهُوَ الْمُحَرَّمُ (أَوْلَى) بِذَلِكَ لِقَوْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَ قَبْلَهُ لِيَصِلَ أَوَّلَهُ فَمَنْ تَمَّ حَوْلُهُ أَعْطَى وَاجِبَهُ وَمَنْ لَمْ يَتِمَّ حَوْلُهُ نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ خَلَّفَ عَلَيْهِ مَنْ يَأْخُذُ زَكَاتَهُ، أَوْ أَخَّرَ إلَى مَجِيئِهِ مِنْ قَابِلٍ، أَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ إنْ وَثِقَ بِهِ، وَبَعْثُ السَّاعِي وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السَّعْيِ فِي إيصَالِ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ.

وَخَرَجَ بِمَا شُرِطَ فِيهِ الْحَوْلُ زَكَاةُ الْقُوتِ فَيَأْتِي السَّاعِي لِأَخْذِ زَكَاتِهِ وَقْتَ وُجُوبِهَا، وَهُوَ الْإِدْرَاكُ بِحَيْثُ يَصِلُهُمْ وَقْتَ الْجِدَادِ، أَوْ الْحَصَادِ وَلَوْ اعْتَبَرُوا فِي الْحُبُوبِ وُصُولَهُ حِينَ تَنْقِيَتِهَا كَانَ أَقْرَبَ إذْ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ إلَّا حِينَئِذٍ، وَالثِّمَارُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ فِيهَا إلَّا حِينَ جَفَافِهَا لَكِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى خَرْصٍ غَالِبًا حِينَ إدْرَاكِهَا فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ حِينَئِذٍ

(وَلِلْمَوَاشِي الْعَدُّ) أَوْلَى أَيْ، وَالْأَوْلَى لِلسَّاعِي عَدُّ الْمَوَاشِي إنْ لَمْ يَثِقْ بِقَوْلِ أَهْلِهَا (قُرْبَ الْمَرْعَى) إنْ لَمْ يَجِدْهَا عَلَى بَابِ دَارِهِمْ فَلَا يُكَلِّفُهُمْ الرُّجُوعَ بِهَا إلَى الْبَلَدِ (فِي) مَكَان (ضَيِّقٍ مَرَّتْ بِهِ) فُرَادَى لِيَسْهُلَ عَدُّهَا فَيَقِفُ الْمَالِكُ، أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ لِلْفَقِيرِ مَا ذَكَرَ فَقَدْ عَلِمَ الْفَقِيرُ وَسَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ أَنَّ عِلْمَهُ كَالصَّرِيحِ قُلْت الْمُرَادُ بِعِلْمِهِ الْآتِي فِي التَّنْبِيهِ عِلْمُهُ بِأَنَّ: الْمَالِكَ أَرَادَ الِاشْتِرَاطَ كَمَا هُوَ مَضْمُونُ الْحَاشِيَةِ الْآتِيَةِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ لِلْفَقِيرِ إنَّمَا يُوجِبُ عِلْمَهُ بِأَنَّهُ: عَنْ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ) حَيْثُ رَدَّدَ بِقَوْلِهِ: عَنْ الْحَاضِرِ، أَوْ صَدَقَةٌ (قَوْلُهُ: كَالتَّصْرِيحِ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ وَهُوَ شَرْطُ الِاسْتِنْقَاذِ وَقْتَ تَبَيُّنِ التَّلَفِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلِمَ بِأَنَّ: الْمَالِكَ مَرِيدٌ لِذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ عَلِمَ بِأَنَّهُ: عَنْ الْغَائِبِ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُحَرَّمُ) صَيْفًا، أَوْ شِتَاءً حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَّرَ إلَى مَجِيئِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ هَذَا التَّأْخِيرِ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمَالِ، وَالْأَصْنَافِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَى الْفَوْرِ حِينَئِذٍ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ: فِيمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا وَلَمْ يَأْتِ السَّاعِي أَخَّرَهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيئَهُ فَإِنْ أَيِسَ فَرَّقَ بِنَفْسِهِ، إنَّ تَأْخِيرَهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُضَادُّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ فَوْرًا قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَالِكَ يَكُونُ بِغَيْبَةِ السَّاعِي غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ الْقَمُولِيُّ وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ أَطَالَ الْكَلَامَ هُنَا عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَالْقَمُولِيِّ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ وَبِكَوْنِ الدَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ يُفِيدُ الْبَرَاءَةَ يَقِينًا كَمَا يَأْتِي كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ بَعْضِ أَعْذَارٍ ذَكَرُوهَا وَمَعَ جَوَازِ التَّأْخِيرِ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي اهـ

سم (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَهَا بِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَجِبْ الْبَعْثُ اهـ

(قَوْلُهُ: فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ حِينَئِذٍ) يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ اعْتِبَارِ الْوُصُولِ وَقْتَ الْجِدَادِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ: لَمْ يُرِدْ بِوَقْتِ الْإِدْرَاكِ أَوَّلَ حُصُولِهِ بَلْ مَا يَتَّصِلُ بِوَقْتِ الْجِدَادِ مِنْهُ فَإِنَّ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ يَصْدُقُ بِوَقْتِ الْجِدَادِ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَدُّ إلَيْهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، أَوْ لَا وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عِنْدَ إدْرَاكِ الثِّمَارِ، وَالْحُبُوبِ بِحَيْثُ يَصِلُونَ أَرْبَابَهَا وَقْتَ الْجِدَادِ، وَالْحَصَادِ اهـ

، ثُمَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُسْتَشْكِلَةِ، نَعَمْ اعْتِبَارُ وَقْتِ الْجِدَادِ قَدْ لَا يُنَاسِبُ مُلَاحَظَةَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْخَرْصِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَثِقْ بِأَهْلِهَا) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ هَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ بَعْثُ سَاعٍ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ بَعْضَ الْمُلَّاكِ قَدْ يَتِمُّ حَوْلُهُ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ لَكِنْ يُؤَخِّرُ الزَّكَاةَ إلَيْهِ لِبَعْثِ السَّاعِي فِيهِ وَأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ وُثُوقِهِ بِبَرَاءَةِ نَفْسِهِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَهُوَ فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: خَلَفَ إلَخْ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْهُمَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ فُوِّضَ إلَيْهِ إلَخْ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ التَّفْوِيضِ حَيْثُ يَجِبُ الدَّفْعُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا فَتَفْرِقَتُهُ بِنَفْسِهِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى إذْنِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّاعِي مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّفْوِيضِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَبَرُوا إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَةِ حِفْظِهَا مِنْ أَكْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>