كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: (قُلْت قَرِيبُ أَرْبَعِ حِفَانٍ عَلَى اعْتِدَالِ كَفَّيْ الْإِنْسَانِ) ، وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الصَّاعُ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدِلِ الْكَفَّيْنِ وَيَجُوزُ فِي قَرِيبٍ نَصْبُهُ بِالْحَالِيَّةِ وَرَفْعُهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ (أَوْ) أَدَاؤُهُ (بَعْضُهَا) أَيْ بَعْضِ خَمْسَةِ الْأَرْطَالِ، وَالثُّلُثِ (الْمَوْجُودُ) عِنْدَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَيُخَالِفُ مَا إذَا وَجَدَ بَعْضَ خَصْلَةٍ فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ كَمَا فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ؛ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا حَتَّى لَوْ انْتَهَى إلَى آخِرِ الْمَرَاتِبِ.
وَالْمَقْدُورُ طَعَامُ ثَلَاثِينَ فَرَأَى الْإِمَامُ الْقَطْعَ بِوُجُوبِهِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ (مَهْمَا يَفْضُلُ عَنْ قُوتِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ ثَوْبِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي وَهِيَ أَوْلَى لِدُخُولِ قُوتِهِ فِيمَا يَأْتِي أَيْ يَجِبُ أَدَاءُ مَا ذُكِرَ إنْ فَضَلَ عَنْ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ إذْ الْفِطْرَةُ لَيْسَتْ بِأَشَدَّ مِنْ الدَّيْنِ (وَ) عَنْ (خَادِمٍ وَمَنْزِلٍ) يَحْتَاجُهُمَا وَيَلِيقَانِ بِهِ كَالْكَفَّارَةِ؛ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْمُهِمَّةِ كَالثَّوْبِ فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ يُمْكِنُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقَيْنِ وَيُؤَدِّي التَّفَاوُتُ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ قَالَ: لَكِنْ فِي لُزُومِ بَيْعِهِمَا إذَا كَانَا مَأْلُوفَيْنِ وَجْهَانِ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَجْرِيَانِ هُنَا وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ كَوْنِ مَا يُؤَدِّيهِ فَاضِلًا عَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَوْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ بَيْعًا فِيهِ لِالْتِحَاقِهِ بِالدُّيُونِ، وَالْمُرَادُ بِحَاجَتِهِ لِلْخَادِمِ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ لَا لِعَمَلِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَرِدْ التَّجْدِيدُ (قَوْلُهُ: الْقَطْعُ بِوُجُوبِهِ) إذْ لَا بَدَلَ لِآخِرِ الْمَرَاتِبِ وَإِذَا أَخْرَجَ طَعَامَ الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْبَاقِي وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَرْتَبَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا فَهَلْ يَكْفِيهِ تَكْمِيلُ الْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ، أَوْ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ الْبَابِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا مَرَّ أَيْ وَمِثْلُ الْحَجِّ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَيَجْرِي الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ فِيهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) أَيْ فَيَجِبُ هُنَا إبْدَالُهُمَا بِلَا تَعَيُّنٍ وَإِنْ كَانَا مَأْلُوفَيْنِ جَزْمًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ ثَبَتَ) أَيْ مَا ذَكَرَ فِي ذِمَّتِهِ
[حاشية الشربيني]
وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ حِفَانٍ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَقَدْ اعْتَبَرَ فِي الصَّاعِ الْمُقَدَّرِ بِالْوَزْنِ الْقُرْبَ مِنْهَا فَأَفَادَ فِيهِ التَّقْرِيبَ تَدَبَّرْ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّ صَرِيحٍ فِي أَنَّ التَّقْرِيبَ رَاجِعٌ لِكَوْنِهِ بِقَدْرِ الْأَرْبَعِ حِفَانٍ حَيْثُ قَالَ: زَادَ النَّاظِمُ أَنَّهُ بِقَدْرِ أَرْبَعِ حِفَانٍ تَقْرِيبًا فَقَوْلُهُ: تَقْرِيبًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَنَّهُ بِقَدْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدَّرَ الصَّاعَ فِي الرَّوْضَةِ أَوَّلًا بِالْوَزْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ فَمَعْنَاهَا أَنَّ الصَّاعَ الْمُقَدَّرَ بِهَذَا الْوَزْنِ أَرْبَعُ حِفَانٍ وَمَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِ الْحَبِّ خِفَّةً وَرَزَانَةً أَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ كَوْنُهُ أَرْبَعَ حِفَانٍ فَلَا بُدَّ أَنَّ كَوْنَهُ أَرْبَعَ حِفَانٍ تَقْرِيبٌ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ التَّقْرِيبِ لِلْأَرْبَعِ حِفَانٍ إذْ لَيْسَ هُوَ مَعْنَى الْعِبَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعُ حِفَانٍ تَقْرِيبِيَّةً أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَأَوْضَحَهُ شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَرَأَى الْإِمَامُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُمْ:؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ كَذَا نَقَلَهُ الْمَرْصَفِيِّ عَنْ هَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ قُوتِهِ إلَخْ) الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَنْ يَمْلِكَ مَا يَفْضُلُ عَنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ، وَاللَّيْلَةُ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُمَا فِي الْقُوتِ لِتَجَدُّدِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ بِتَجَدُّدِهِمَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُتَّخَذُ لِلدَّوَامِ، أَوْ لِلْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَلَمْ يَحْسُنْ اعْتِبَارُهُمَا فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيمَا عَدَا الْقُوتِ الْعُمُرُ الْغَالِبُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُهُمَا) هَلْ يَتَقَيَّدُ الِاحْتِيَاجُ لَهُمَا بِيَوْمِ الْعِيدِ أَمْ لَا قَالَ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ: اخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمَسْكَنِ الثَّانِيَ اهـ.
وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ الْخَادِمُ وَدَسْتُ الثَّوْبِ أَيْضًا فَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: كَالْكَفَّارَةِ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الْمُخْرَجِ عَنْ خَادِمٍ وَمَنْزِلٍ يَكْفِيَانِهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ مَا فِي الْكَفَّارَةِ وَإِنْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَ فِي مَوْقُوفٍ يَسْتَحِقُّهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَقَدْ ظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ مِلْكَهُ، أَوْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْخَادِمُ كَمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي بِيعَا فِيهِ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ الْمَمْلُوكُ مَوْجُودًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يَحْتَاجُ لِصَرْفِهِ إلَيْهِ فَكَالْعَدِمِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَعْتَدْ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ الْخَادِمُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ صُعُوبَةُ بَيْعِ الْمَمْلُوكِ دُونَ غَيْرِهِ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ، وَالنِّهَايَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَمْنَعُ الْفَقْرُ مَسْكَنَهُ وَثِيَابَهُ مَا نَصُّهُ وَثَمَنُ مَا ذُكِرَ مَا دَامَ مَعَهُ يَمْنَعُ إعْطَاءَهُ بِالْفَقْرِ حَتَّى يَصْرِفَهُ فِيهِ اهـ.
فَهَلْ هَذَا إنْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ، أَوْ مُطْلَقًا فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ وَيُفَرَّقُ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمَلْبَسِ دَسْتُ ثَوْبٍ وَمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ زِيَادَةٍ وَلَوْ لِلْبَرْدِ، وَالتَّجَمُّلِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْتَقَضُ إلَخْ) كَتَبَ شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا نَصُّهُ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ الْحَمَلَةِ اهـ.
فَتَأَمَّلْ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ السَّابِقِ وَإِلَّا فَالْحَاجَةُ ثَابِتَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ) بِأَنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ وَاجِدٌ لَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ وَتَمَكَّنَ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى تَلِفَ ذَلِكَ الْفَاضِلُ (قَوْلُهُ: لِالْتِحَاقِهِ بِالدُّيُونِ) لَكِنَّهَا تُقَدَّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute