عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَيْضًا وَإِنْ قُيِّدَتْ بِبَلَدٍ وَأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَنْقُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذَا أَخَذَهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَالْكَلَامُ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَقَالَ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ الْبَلَدِ مُجْزِئًا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ بَلَدَانِ مُتَسَاوِيَانِ قُرْبًا أَدَّى مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَبَيَّنَ مِنْ زِيَادَتِهِ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ لِغَالِبِ الْقُوتِ بِقَوْلِهِ: (لَدَى) أَيْ عِنْدَ (وُجُوبِهِ) ، وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ (لَا أَبَدًا) أَيْ لَا كُلَّ السَّنَةِ كَذَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا غَرِيبٌ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ:، وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ وَلِهَذَا قَالَ السَّرَخْسِيُّ لَوْ اخْتَلَفَ الْقُوتُ بِالْأَوْقَاتِ فَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ إجْزَاءُ أَدْنَاهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ؛ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى مُؤَدِّيًا لِقُوتِ الْبَلَدِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ غَالِبَ قُوتِهَا، أَوْ لَا يَكُونُ فِيهَا غَالِبٌ (مَعْشَرًا) كَانَ الْغَالِبُ (أَوْ أَقِطًا، أَوْ جُبْنًا، أَوْ لَبَنًا) إنْ بَقِيَ زَبَدُهَا لِثُبُوتِ بَعْضِ الْمَعْشَرِ، وَالْأَقِطِ فِي الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قُوتِ بَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنْ مَا أَدَّاهُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بَلْ ظَنَّ ذَلِكَ، أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَنْقُلُ إلَخْ) جَعَلَ الْجَوْجَرِيُّ الْمُخَلِّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُخْرِجَ الْبُرَّ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ، وَالْأَعْلَى يُجْزِئُ عَنْ الْأَدْنَى قَالَ: فَيَدْفَعُهُ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّقْلَ بِرّ (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ، مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعٌ، الْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ فَلَا يُجْزِئُ دُونَهُ وَاسْتِرْدَادُهُ كَاسْتِرْدَادِ رَدِيءِ النَّقْدِ عَنْ جَيِّدِهِ اهـ
قَالَ: فِي شَرْحِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعِبَارَتُهُ هَلْ يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ: مِنْ زَكَاتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الرَّدِيءَ مِنْ النَّقْدِ عَنْ الْجَيِّدِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ اهـ
، ثُمَّ قَالَ: فِي الْعُبَابِ وَيُرَاعَى غَالِبُ قُوتِ السَّنَةِ لَا وَقْتِ الْوُجُوبِ فَقَطْ فَإِنْ غَلَبَ فِي بَعْضِهَا جِنْسٌ وَفِي بَعْضِهَا آخَرُ أَجْزَأَ أَدْنَاهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ وَهَذَا مَنْقُولٌ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ رَدِّهِ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْغَزَالِيِّ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ إذَا اعْتَبَرْنَا قُوتَ الْبَلَدِ، أَوْ قُوتَ نَفْسِهِ فَكَانَ الْقُوتُ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ فَفِي بَعْضِهَا يَقْتَاتُونَ، أَوْ يَقْتَاتُ جِنْسًا وَفِي بَعْضِهَا جِنْسًا آخَرَ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: فِي الْأَمَالِي إنْ أَخْرَجَ مِنْ الْأَعْلَى أَجْزَأَهُ وَكَانَ أَفْضَلَ وَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ الْأَدْنَى فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ قَالَ: وَأَصَحُّهُمَا يُجْزِئُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى مُخْرِجًا مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ وَمِنْ قُوتِهِ اهـ
قَالَ: فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ اعْتِبَارُ الْغَلَبَةِ فِي وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ السَّنَةِ قَالَ: فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَحِينَئِذٍ التَّأْيِيدُ بِهِ السَّابِقُ أَيْ لِاعْتِبَارِ غَالِبِ قُوتِ السَّنَةِ أَنَّ فِيهِ رَدَّ اعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَقَطْ وَبِكَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَعِبَارَة السَّرَخْسِيِّ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سِيَّمَا قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ
وَقَوْلُهُ: التَّأْيِيدُ بِهِ لِلسَّابِقِ أَيْ تَأْيِيدُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِاعْتِبَارِ غَالِبِ قُوتِ السَّنَةِ بِكَلَامِ السَّرَخْسِيِّ.
(قَوْلُهُ: لَدَى وُجُوبِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِهِمْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ غَيْرَ غَالِبِهِ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ (قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَ الْقُوتُ بِالْأَوْقَاتِ) لَوْ غَلَبَ أَحَدُ الْقُوتَيْنِ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَغَلَبَ الْآخَرُ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ مَعَ اسْتِوَاءِ الْبَعْضَيْنِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِيهِ وَقْتُ الْوُجُوبِ، أَوْ يَتَخَيَّرُ، فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: مُعَشَّرًا) لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا شَعِيرًا وَنَحْوَهُ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَا لَمْ يُفَوِّضْ قَبْضَهَا لِغَيْرِهِ اهـ.
تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ:، وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ) أَيْ اعْتِبَارُ الْغَلَبَةِ فِي كُلِّ السَّنَةِ بِأَنْ تُعْتَبَرَ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْأَدْنَى غَالِبَ قُوتِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُجْزِئُ غَيْرُ الْأَدْنَى وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ لَبَنًا) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الصَّاعُ مِنْهُ صَاعَ أَقِطٍ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ