وَالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ فَمُبْطِلٌ وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ
(وَالْأَكْلِ) أَيْ وَبَطَلَ بِالْأَكْلِ (كَرْهًا) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ لِغَرَضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ لِدَفْعِ الْجُوعِ؛ وَلِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ الْإِثْمِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَهَذَا الَّذِي رَجَّحَ يَعْنِي رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
وَقَالَ فِي الصَّغِيرِ لَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ كَمَا فِي الْحِنْثِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ كَالنَّاسِي بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْأَكْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِخِلَافِ النَّاسِي وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْأَكْلِ لِدَفْعِ الْجُوعِ فَرُدَّ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ قَادِحٌ فِي اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْجُوعِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ بَلْ يَزِيدُهُ تَأْثِيرًا (وَ) بَطَلَ بِالْأَكْلِ (كَثِيرًا) ثَلَاثَ لُقَمٍ فَأَكْثَرَ (نَاسِيًا) لِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ غَالِبًا كَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ الْكَثِيرِ نَاسِيًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ مُقَابِلَهُ لِعُمُومِ خَبَرِ مَنْ نَسِيَ السَّابِقِ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ لَهَا هَيْئَةً تُذَكِّرُ الْمُصَلِّيَ أَنَّهُ فِيهَا فَيَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ (وَ) بِالْأَكْلِ (بِاجْتِهَادِ مَنْ يُبَيِّنُ) لَهُ بَعْدَ ظَنِّهِ الْأَكْلَ لَيْلًا أَنَّهُ كَانَ (خَاطِيًا) سَوَاءٌ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَمْ آخِرَهُ لِتَحَقُّقِ خِلَافِ مَا ظَنَّهُ بِخِلَافِ مَنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ، أَوْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الصَّوَابُ وَلَا الْخَطَأُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِخَاطِئًا كَلَامٌ سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ (وَالْهَجْمِ) أَيْ وَبِالْأَكْلِ بِالْهَجْمِ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ (لَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ) إذَا لَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ الْأَكْلُ بِالْهَجْمِ آخِرَ النَّهَارِ دُونَ أَوَّلِهِ.
وَلَوْ أَكَلَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يُفْطِرْ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِلَّا أَفْطَرَ
(وَ) بَطَلَ (لِلَّذِي جَامَعَ بِاسْتِمْرَارِ) الْجِمَاعِ (مِنْ بَعْدِ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِمْرَارِ فَنَزَعَ حَيْثُ عَلِمَ إذْ بَعْضُ النَّهَارِ مَضَى، وَهُوَ مُجَامِعٌ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّافِعِيِّ أَنَّهُ انْعَقَدَ، ثُمَّ بَطَلَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا (وَلْيُكَفِّرْ) إنْ اسْتَمَرَّ فِي جِمَاعِهِ عَالِمًا لَا غَالِطًا كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ الْفَجْرِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا، وَالْوَطْءُ ثَمَّةَ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ نَعَمْ لَوْ اسْتَمَرَّ لَظَنَّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ.
وَخَرَجَ بِالِاسْتِمْرَارِ مَا إذَا نَزَعَ حَالَةَ الطُّلُوعِ وَصَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (فَنَزَعَ لِكَيْ يَصِحَّ الصَّوْمُ إنْ فَجْرٌ طَلَعْ) أَيْ فَطَرِيقُهُ فِي صِحَّةِ صَوْمِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
ثُمَّ جَرَى بِهِ رِيقُهُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْجَرَيَانِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ م ر
(قَوْلُهُ: وَالْغَسْلَةُ الرَّابِعَةُ) أَيْ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِاثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ فَزَادَ أُخْرَى؟ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ دُخُولُ مَائِهَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْخَطَأُ) أَيْ سَوَاءٌ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ، أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ بَانَ الصَّوَابُ لَمْ يَضُرَّ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ اسْتَدَامَ أَيْ عَالِمًا أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا
(قَوْلُهُ: وَلْيُكَفِّرْ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَكَذَا أَيْ يَصِحُّ صَوْمُهُ أَيْ مُجَامِعٍ عَلِمَ بِالْفَجْرِ حِينَ طَلَعَ فَنَزَعَ أَيْ فِي الْحَالِ فَإِنْ اسْتَدَامَ أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالطُّلُوعِ أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا اهـ.
أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ مَسْبُوقَةٌ بِالْإِفْطَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ مَكَثَ مُجَامِعًا بَعْدَ الطُّلُوعِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِنْ مَكَثَ جَاهِلًا بِالطُّلُوعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُكْثُ الْمُبْطِلُ مَعَ الْعِلْمِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، أَوْ مَعَ الْجَهْلِ فَلَا وَإِنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَمَرَّ فِي جِمَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَمَا تَرَى أَنَّ الِاسْتِمْرَارَ بَعْدَ الْعِلْمِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ مُتَأَخِّرًا عَنْ اسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلصَّوْمِ سَبْقُ الِاسْتِمْرَارِ الْكَائِنِ مَعَ الْعِلْمِ فَلَا كَفَّارَةَ لَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ، ثُمَّ رَأَيْته
فِي مَتْنِ الرَّوْضِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ تَنَاوَلَهُ لَا لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ أَفْطَرَ وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَحَدِ إنَاءَيْنِ مُعَيَّنٍ فَأَكَلَ مِنْ الْآخَرِ وَكَذَا الْأَكْلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ إنَاءَيْنِ أُكْرِهَ عَلَى الْأَكْلِ مِنْ أَحَدِهِمَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيُفْطِرُ وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا لَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ لَمْ يُحِلَّ اهـ.
ق ل بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَخْلُوَ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَاسْتُشْكِلَ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ سَبْقُ النِّيَّةِ هُنَا اهـ.
عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ هُنَا فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إفْسَادٌ كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ الطُّلُوعِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَبَّلَ وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ اغْتَابَ إنْسَانًا وَاعْتَقَدَ بُطْلَانَ صَوْمِهِ فَجَامَعَ وَإِنْ لَمْ يُفْتِهِ مُفْتٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَيَّدَ الْأُولَى بِهِ وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: يُكَفِّرُ مُطْلَقًا اهـ.
شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْفِطْرَ فَأَكَلَ عَامِدًا