للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا عَلِمَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ مُجَامِعٌ أَنْ يَنْزِعَ حِينَ طُلُوعِهِ فَيَصِحُّ وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ؛ وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ أَنْ يَقْصِدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ

(وَالْعَقْلُ) أَيْ صِحَّةُ الصَّوْمِ بِمَا مَرَّ وَبِالْعَقْلِ أَيْ التَّمْيِيزِ (وَالْإِسْلَامُ، وَالنَّقَاءُ) عَنْ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا وَلَا كَافِرٍ أَصْلِيٍّ، أَوْ مُرْتَدٍّ وَلَا حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (جَمِيعَ يَوْمٍ) أَيْ يَوْمِ الصَّوْمِ فَلَوْ جُنَّ، أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ حَاضَتْ، أَوْ نَفِسَتْ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَالصَّلَاةِ.

وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرُدَّ مَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَانْتِفَا) أَيْ وَبِانْتِفَاءِ (الْإِغْمَاءِ فِي أَيِّ جَزْءٍ) وَوُجِّهَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ اشْتِرَاطُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِكُلِّ الْعِبَادَةِ لَكِنْ اكْتَفَى الشَّرْعُ بِتَقْدِيمِهَا تَخْفِيفًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْمَنْوِيُّ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ قَصْدُهُ، وَإِمْسَاكُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ قَصْدُهُ فَإِذَا اسْتَغْرَقَ الْإِغْمَاءُ النَّهَارَ امْتَنَعَ التَّصْحِيحُ وَإِذَا انْتَفَى فِي جَزْءٍ مِنْهُ تَبِعَ الْبَاقِيَ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّوْمِ لَا يَضُرُّ عَدَمُ انْتِفَائِهِ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذَا النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ فَجُعِلَ الْإِغْمَاءُ لِقُصُورِهِ عَنْ الْجُنُونِ وَزِيَادَتِهِ عَلَى النَّوْمِ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَا فِي بَعْضِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالنَّائِمِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ

(وَقَبُولِ) أَيْ وَبِقَبُولِ (الْيَوْمِ) لِلصَّوْمِ (لَا) يَوْمَيْ (الْعِيدِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ: الْوِلَادَةَ مَظِنَّةُ الدَّمِ، وَالْمَظِنَّةُ تَقُومُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِإِغْمَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَيُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْ الْجُنُونِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ، وَالسُّكْرِ فِي جَزْءٍ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حِينَ طُلُوعِهِ) الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ابْتِدَاءِ النَّزْعِ مُقَارِنًا لِلطُّلُوعِ سَوَاءٌ كَانَ تَمَامُهُ مُقَارِنًا لَهُ أَيْضًا، أَوْ عَقِبَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الصَّوْمُ اهـ.

شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ يُجَامِعُ فَنَزَعَ سَوَاءٌ وَافَقَ نَزْعُهُ الطُّلُوعَ أَيْ ابْتِدَاءَهُ بِأَنْ يُحِسَّ وَهُوَ يُجَامِعُ بِتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فَيَنْزِعُ بِحَيْثُ يُوَافِقُ آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ، أَوْ عَلِمَ بِأَوَّلِهِ فَنَزَعَ فَوْرًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ وَلَوْ لَحْظَةً بَعْدَ الطُّلُوعِ وَهُوَ يُجَامِعُ، ثُمَّ عَلِمَهُ قَضَى اهـ.

لَكِنَّ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَشَايِخِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَنْ يَنْزِعَ حِينَ طُلُوعِهِ اهـ.

، ثُمَّ رَأَيْت الرَّوْضَةَ وَشَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ لمر وَحَجَرٍ وَشَرْحَيْ الْمَنْهَجِ، وَالرَّوْضِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مُوَافِقَيْنِ لِشَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ فَيُؤَوَّلُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا (قَوْلُهُ: حِينَ طُلُوعِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر، وَالرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَوْلَجَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ اللَّيْلِ مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ، وَالنَّزْعَ، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ وَلَمْ يَظُنَّ مَا ذُكِرَ فَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِذَا أَوْلَجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِنْ نَزَعَ حَالَ الطُّلُوعِ مُقَارِنًا هَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ اهـ.

ز ي (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْصِدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ) خَرَجَ مَا إذَا قَصَدَ التَّلَذُّذَ، أَوْ أَطْلَقَ وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَاعْتَمَدَ الرَّشِيدِيُّ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ وَلِكُلٍّ وَجْهٌ اهـ.

شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: أَيْ التَّمْيِيزِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَصِحُّ صَوْمُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً كَمَا سَيَأْتِي وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّمْيِيزَ يَزُولُ بِهِ بَلْ النَّوْمُ يُزِيلُ التَّمْيِيزَ اهـ.

عَمِيرَةُ أَيْ مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ كَمَا فِي الْمَتْنِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ بِالْعَقْلِ الْمُشْتَرَطِ صِحَّةُ الصَّوْمِ بِهِ التَّمْيِيزَ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ لَوْ زَالَ تَمْيِيزُهُ بِمَرَضٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ مَعَ بَقَاءِ عَقْلِهِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ بِمَرَضٍ، أَوْ دَوَاءٍ لِحَاجَةٍ كَالْإِغْمَاءِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ اهـ.

إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيِّ لَا قَضَاءَ مَعَهُ إذْ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْإِغْمَاءُ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوَالَ بِهِ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ إلَخْ) أَيْ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ زَالَ بِمَرَضٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ فِي الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ بِمُجَرَّدٍ يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَإِثْمَ التَّرْكِ وَبِمَرَضٍ، أَوْ دَوَاءِ الْحَاجَةِ كَالْإِغْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ اهـ.

تُحْفَةٌ، وَقَوْلُهُ: زَوَالُ الْعَقْلِ أَيْ التَّمْيِيزِ بِدَلِيلٍ وَبِمَرَضٍ إلَخْ إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيِّ بِالْمَرَضِ لَا قَضَاءَ مَعَهُ كَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ إلَخْ) فَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الْفَرْقِ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّائِمِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ عَلَى كُلٍّ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَفَّالُ: إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ إنَّهُ وَهِمَ (قَوْلُهُ: وُجُوبِ الْإِعَادَةِ) أَيْ لِلصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>