بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنُ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ اهـ.
وَمَحَلُّ عَدَمِ قَبُولِهِ لِلصَّوْمِ إذَا كَانَ (بِغَيْرِ وِرْدٍ فِيهِ، أَوْ مَنْذُورٍ وَلَا قَضَاءَ فِيهِ، أَوْ تَكْفِيرَ) فَإِنْ صَامَهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ حَيْثُ يَحِلُّ صَوْمُهُ كَمَا مَرَّ صَحَّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» بِأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَالِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ وَلَا يُشْكِلُ الْخَبَرُ بِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ» لِتَقَدُّمِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ وَسَوَاءٌ فِي الْقَضَاءِ الْفَرْضُ، وَالنَّفَلُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ لِوِرْدٍ وَكَذَا لِفَرْضٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى حُرْمَةِ يَوْمِ الشَّكِّ حُرْمَةُ إتْمَامِهِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ النِّيَّةُ، وَالشُّرُوعُ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْإِتْمَامُ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا) يُتَّجَهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ التَّبَيُّنَ نَهَارًا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَحِلُّ صَوْمُهُ) لَعَلَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ مَا قَبْلَهُ وَيَكُونُ هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ لَمْ يَصِلْ مَا قَبْلَهُ بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَوَصْلُ يَوْمِ الشَّكِّ بِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اعْتَادَ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيَحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ وَيُجَابُ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ.
وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ، وَالْخَمِيسَ فِي آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ، أَوْ نَقُولُ: كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ الْخَبَرُ) حَيْثُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِهِ: إلَّا رَجُلٌ إلَخْ وَدَلَّ خَبَرُ إذَا انْتَصَفَ عَلَى امْتِنَاعِهِ لِإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ النَّصِّ) أَيْ هَذَا الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ خَبَرِ إذَا انْتَصَفَ
ــ
[حاشية الشربيني]
بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ) فَيَعْتَمِدُ فِي تَصْحِيحِ النِّيَّةِ عَلَى إخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَّا بِأَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَصَحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدَّدَ نِيَّةً؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمَّا اسْتَنَدَتْ إلَى إخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ صَحَّتْ وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا اهـ.
فَقَوْلُ الشَّارِحِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى هَذَا لَكِنْ مَا وَجْهُ تَقْيِيدِ التَّبَيُّنِ بِكَوْنِهِ فِي الْيَوْمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ إلَخْ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ لِمَا ذَكَرَهُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ الصَّوْمَ حَرَامٌ مَعَ الْإِجْزَاءِ إذَا تَبَيَّنَ آخِرَ النَّهَارِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَيْلًا حَرُمَ الصَّوْمُ وَهُوَ مَا هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْذُورٍ) أَيْ نَذْرًا مُطْلَقًا إذْ لَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمٍ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي بِعَيْنِهِ بِأَنْ يَنْذُرُ يَوْمًا مِنْ نِصْفِهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ كَيَوْمِ الْخَمِيسِ، أَوْ لَا وَقَعَ النَّذْرُ قَبْلَهُ قَبْلَ النِّصْفِ، أَوْ فِيهِ أَمَّا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ فِيهِ وَلَوْ وَقَعَ النَّذْرُ أَيْضًا فِيهِ اهـ.
شَيْخُنَا ذ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ فِيهِ، أَوْ تَكْفِيرَ) أَيْ بِلَا تَحَرٍّ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَاضِيَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ صَامَ فِي سَنَةٍ الْخَمِيسَ وَفِي أُخْرَى الِاثْنَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ اهـ.
سم اهـ.
شَيْخُنَا ذ لَكِنْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ سُئِلَ الشِّهَابُ م ر هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ وَلَوْ قَدِيمَةً، أَوْ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؟ أَجَابَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا اهـ.
وَيُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى هَجْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ) قَالَ م ر وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: بِأَنْ يَصُومَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَمْنَعُهُ مِنْ صَوْمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مَانِعٌ لَمْ يَزُلْ إلَّا فِي يَوْمِ الشَّكِّ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ مُطْلَقًا بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ لَا تُؤَثِّرُ إلَّا إنْ وَقَعَتْ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَمْنَعُهُ إلَخْ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ الْفِطْرُ لِمَانِعٍ وَفِي فَتَاوَى حَجَرٍ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فِطْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي اعْتَادَهُ فَإِنْ يَتَخَلَّلْ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ غَالِبِ عَادَتِهِ الصَّوْمَ؛ لِذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى تُسَمَّى عَادَةً عُرْفًا وَيَكْفِي فِي الْغَلَبَةِ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ مَرَّتَيْنِ، وَالْفِطْرُ مَرَّةً لَكِنْ قَالَ ذَلِكَ اسْتِظْهَارًا مِنْهُ بِدُونِ نَقْلٍ فَلْيُحَرَّرْ، وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْأَفَاضِلِ نَقَلَ الشِّقَّ الْأَوَّلَ عَنْ الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ جَازَ مَا بِهِ وَقَوْلُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ يَرُدُّهُ مَا فِي شَرْحِ النَّوَوِيِّ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ إذَا وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ، أَوْ صَادَفَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، أَوْ آخِرَ الشَّهْرِ فَصَامَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا بِنِيَّةِ ذَلِكَ جَازَ سَوَاءٌ يَوْمُ الشَّكِّ وَغَيْرُهُ اهـ.
نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ عَادَتَهُ (قَوْلُهُ، وَالنَّفَلُ) كَمَا إذَا فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ مَثَلًا، أَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِهِ وَأَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ