وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَ الْكَرَاهَةَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَنَقَلَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَمْعٍ وَرَجَّحَهَا وَمَنَعَ قِيَاسَ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ بِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ
(وَ) لَا (رَمَضَانَ) فَإِنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ (لِلسِّوَى) أَيْ لِصَوْمِ سِوَاهُ وَلَوْ فِي سَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَهُ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِيهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصُومَهُ نَفْلًا لَمْ يَصِحَّ بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَقُلْنَا يَتَعَيَّنُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُقْبَلُ غَيْرُ النَّذْرِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ
(وَنُدِبَتْ سُرْعَةُ فِطْرٍ إنْ يَقِينًا غَرَبَتْ) أَيْ الشَّمْسُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» وَفِي ثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ صَائِمًا لَمْ يُصَلِّ حَتَّى نَأْتِيَهُ بِرُطَبٍ وَمَاءٍ فَيَأْكُلَ» وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجَّهُ وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَايَأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَالَ: وَكَأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخُلُوفَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِيَقِينِ الْغُرُوبِ ظَنُّهُ فَلَا تُنْدَبُ سُرْعَةُ الْفِطْرِ بِهِ وَشَكُّهُ فَيَحْرُمُ بِهِ كَمَا مَرَّ (بِالتَّمْرِ، ثُمَّ الْمَاءِ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسُوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ وَهُوَ حَسَنٌ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي حَرْمَلَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْبِيرِ جَمَاعَةٍ بِتَمْرَةٍ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ وَهَذَا عَلَى كَمَالِهَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَوَّلًا جَوْفَهُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ
(وَ) نُدِبَ (السَّحُورُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَنْعُ قِيَاسِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ) أَيْ فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُهُ) أَيْ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ سم
(قَوْلُهُ: أَوْ مَرَضٍ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ أَرَادَ الصَّبِيُّ أَنْ يَصُومَهُ عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا بِرّ
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إتْيَانُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ الْكَرَاهَةِ بِالْغُرُوبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السِّوَاكَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ حَالٍ فَإِذَا حَصَلَ الْغُرُوبُ رَجَعَ إلَى أَصْلِ طَلَبِهِ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ فِي غَيْرِ وُضُوءٍ، وَالتَّقَيُّؤِ لَا يُطْلَبَانِ مُطْلَقًا فَكُرِهَا لِعَدَمِ طَلَبِهِمَا مَعَ إزَالَةِ أَثَرِ الْعِبَادَةِ م ر.
(قَوْلُهُ: ظَنُّهُ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِاجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: وَشَكُّهُ) وَكَذَا ظَنُّهُ بِلَا اجْتِهَادٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِالتَّمْرِ، ثُمَّ الْمَاءِ) فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ خَالَفَ التَّرْتِيبَ فَأَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّمْرِ هَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ، أَوْ لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ. ثَانِيهمَا أَنَّ ظَاهِرَهُ تَأْخِيرُ الْمَاءِ عَنْ التَّمْرِ وَإِنْ كَانَ مَاءَ زَمْزَمَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي حِكْمَةِ الْبَدْءِ بِالتَّمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهُ نَارٌ مَعَ إزَالَتِهِ ضَعْفَ الْبَصَرِ الْحَاصِلِ بِالصَّوْمِ فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي هَذَا مَاءُ زَمْزَمَ فَيَكُونُ فِي رُتْبَتِهِ إذَا شَرِبَهُ بِنِيَّةِ إزَالَةِ الضَّعْفِ لِخَبَرِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» قُلْت الْمُسَاوَاةُ مَمْنُوعَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحْصُلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَإِنْ نَوَى إزَالَةَ الضَّعْفِ مَا يَحْصُلُ بِالتَّمْرِ مِنْ إزَالَتِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِعِ مَعَ حِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْقَضَاءُ اهـ.
م ر وَع ش وَرَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ اهـ.
شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ذِمَّتَهُ إلَخْ) رُدَّ هَذَا الْفَرْقُ بِجَرَيَانِهِ فِي الْوَرْدِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ شُغْلٌ نُدِبَ لِعَدَمِ قَابِلِيَّةِ رَمَضَانَ لِلنَّفْلِ أَيْضًا اهـ.
سم عَلَى ع ش، وَالْمُرَادُ الْقَضَاءُ وَلَوْ لِنَفْلٍ بِأَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ وَأَفْسَدَهُ اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَتْ سُرْعَةُ فِطْرٍ) وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ وَلَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ اهـ.
ع ش اهـ.
شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ فِي اللَّيْلِ اهـ.
حَجَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأُولَى لِمُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ فَالْمُرَادُ بِالْبَأْسِ الْكَرَاهَةُ اهـ.
مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ كَغَيْرِهِ عَدَمُهَا اهـ.
حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَنَقَلَ الْمُحَشِّي عَنْ م ر كَرَاهَةَ هَذَا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِكَرَاهَةِ السِّوَاكِ لِنَدْبِ السِّوَاكِ كُلَّ وَقْتٍ دُونَ هَذَا مَعَ إزَالَتِهِ أَثَرَ الصَّوْمِ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ الْمَضْمَضَةِ وَسَطَ النَّهَارِ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: بِالتَّمْرِ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الرُّطَبُ، وَالْبُسْرُ، وَالْعَجْوَةُ وَبَعْدَهُ مَاءُ زَمْزَمَ ثُمَّ غَيْرُهُ، ثُمَّ الْحَلْوَاءُ بِالْمُدِّ وَيُقَدَّمُ الْعَسَلُ عَلَى اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ هُنَا الْحُلْوُ بَعْدَ فَقْدِ التَّمْرِ، وَالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ أَفْضَلَ كَمَا اعْتَمَدَهُ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ تَعَارَضَ التَّعْجِيلُ بِالْمَاءِ، وَالتَّأْخِيرُ بِالتَّمْرِ قُدِّمَ الْمَاءُ اهـ.
تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: بِالتَّمْرِ) وَأَوْجَبَ ابْنُ حَزْمٍ الْفِطْرَ عَلَى التَّمْرِ قِيلَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ اهـ.
شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ طَهُورٌ) أَيْ يُزِيلُ الْمُرَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ الْمُتَرَاكِمَةِ عَلَى الْأَسْنَانِ اهـ.
حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ) أَيْ فَأَكْثَرَ فَالْغَرَضُ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِيتَارُ بِوَاحِدٍ
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ السُّحُورُ) وَيُسَنُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرِ مِنْ تَمْرٍ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَمْ يُسَنَّ اهـ.
ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ: إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا أَيْ مِنْ السُّحُورِ كَمَا فِي عب، وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّوْمِ كَسْرُ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ، وَالْفَرْجِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِتَغْيِيرِ الْعَادَةِ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ فَمَا كَانَ كَالْعَادَةِ، أَوْ أَزْيَدَ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَرَفِّهُونَ لَا سُنَّةَ فِيهِ اهـ.
شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: السُّحُورُ) بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ، وَالْبَرَكَةَ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ