للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَصْلِهَا فِي بَابِ النُّذُورِ كَالصَّلَاةِ فِي هَذَا الِاعْتِكَافِ وَلَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ الصَّلَاةَ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ الْمَسَاجِدُ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ النَّذْرِ عَنْ الْوَسِيطِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ وَجَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ أَدَاءَ الْفَرْضِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ ثُمَّ إنْ أَدَّاهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَتْ جَمَاعَتُهُ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ أَيْضًا إنْ اسْتَوَتْ جَمَاعَتَاهُمَا

(وَمَتَى مَا عَيَّنَا لِلِاعْتِكَافِ زَمَنًا) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (تَعَيَّنَا) وَفَاءً بِمَا الْتَزَمَهُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالتَّأْخِيرِ وَيَأْثَمُ بِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ

(كَالصِّيَامِ) أَيْ: كَنَذْرِهِ لِلصِّيَامِ فِي زَمَنٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ نَذْرِهِ لَهُ فِي مَكَان وَلَوْ بِمَكَّةَ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْحَرَمُ لِلصَّوْمِ عَنْ وَاجِبَاتِ الْإِحْرَامِ (لَا) نَذْرُهُ (لَأَنْ يُصَلِّيَا) أَيْ: لِلصَّلَاةِ (وَالصَّدَقَاتِ) فِي زَمَنٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ كَذَا فِي الرَّافِعِيِّ هُنَا، لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي كِتَابِ النَّذْرِ التَّعْيِينَ فِي الصَّلَاةِ وَجَرَى عَلَيْهِ سَلَامَةُ بْنُ جَمَاعَةَ فَارِقًا بِأَنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ بِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَالصَّدَقَةُ كَالزَّكَاةِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ (، وَالْفَوَاتُ) بِمَعْنَى الْغَائِبِ مِمَّا تَعَيَّنَ زَمَنُهُ مِنْ اعْتِكَافٍ وَصَوْمٍ (قُضِيَا) كَسَائِرِ الْمُؤَقَّتَاتِ

(وَنَاذِرٌ لِلَّهِ أَنْ يَعْتَكِفَا ... يَوْمًا يَكُونُ صَائِمًا فِيهِ)

، أَوْ هُوَ صَائِمٌ فِيهِ (كَفَى) لَهُ (عُكُوفُهُ) صَائِمًا (فِي رَمَضَانَ) ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ صَوْمًا بَلْ اعْتِكَافًا بِصِفَةٍ وَقَدْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ نَذْرَهُ الصَّلَاةَ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ يُفْهِمُ التَّعَيُّنَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي النَّفْلِ الَّذِي يُطْلَبُ لَهُ الْبَيْتُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمَسَاجِدِ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ الْمَسَاجِدُ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ مَا يَشْمَلُ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ لَكِنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ، ثُمَّ إنْ أَدَّاهَا إلَخْ لَا يُنَاسِبُ بِشُمُولِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ إذْ جَمَاعَةُ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَا تَقُومُ مَقَامَ جَمَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) هُوَ شَامِلٌ لِبَقِيَّةِ مَسَاجِدِ الْحَرَمِ خُصُوصًا مَعَ تَفْسِيرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ السَّابِقِ وَبِالْأَوْلَى بِقَاعُ الْحَرَمِ حَيْثُ لَا مَسْجِدِيَّةَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ غَيْرَهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ لِلصَّلَاةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يُذْكَرْ لِبَيَانِ حُكْمِهِ قَصْدًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَكَذَا فِي الِاعْتِكَافِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَا يَتَعَيَّنُ مَسْجِدٌ لِلِاعْتِكَافِ بِنَذْرٍ لَهُ فِيهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الِاعْتِكَافُ فِيمَا عَيَّنَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَتَعَيَّنُ الْمَسَاجِدُ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ وَاحِدًا مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَا عَيَّنَهُ وَقَامَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ مَقَامَهُ وَلَا يَقُومُ غَيْرُ الْمَسَاجِدِ مَقَامَهُ

(قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ الْفَرْضِ) لَمْ يُقَيَّدْ بِالْجَمَاعَةِ وَقَوْلُهُ الْآتِي فَإِنْ كَانَتْ جَمَاعَتُهُ أَعْظَمَ إلَخْ قَدْ يُشْعِرُ بِالتَّقْيِيدِ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ فِي الْمَسْجِدِ لَزِمَهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَسْجِدٌ. اهـ. فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ النَّفْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَدَاءَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي شُمُولِ الِانْفِرَادِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي، ثُمَّ إنْ أَدَّاهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَتْ جَمَاعَتُهُ أَعْظَمَ إلَخْ مَا نَصُّهُ: هَذَا إنَّمَا يَتَّجِهُ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ الْمَسْجِدُ الَّذِي عَيَّنَهُ وَهُوَ لَا يَتَّجِهُ إلَّا إذَا عَيَّنَ الصَّلَاةَ جَمَاعَةً وَكَلَامُهُ فِي الْأَوَّلِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ نَذَرَ صَلَاةَ الْفَرْضِ فِي مَسْجِدٍ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ لَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ

(قَوْلُهُ: وَمَتَى مَا عَيَّنَا لِلِاعْتِكَافِ زَمَنًا) وَأَمَّا تَعْيِينُ الْمَكَانِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ حَيْثُ خُصَّا إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ) فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَهَا وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: لَا لَأَنْ يُصَلِّيَا إلَخْ) وَأَمَّا الْمَكَانُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي كِتَابِ النَّذْرِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانُ لِلصَّوْمِ وَلَوْ مَكَّةَ وَلَا زَمَانٌ لِلصَّدَقَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالصَّدَقَةُ كَالزَّكَاةِ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا امْتِنَاعَ تَأْخِيرِ الصَّدَقَةِ مَعَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُهُ مِنْ اعْتِكَافٍ وَصَوْمٍ) أَيْ: وَكَذَا الصَّلَاةُ بِنَاءً عَلَى مَا رَجَّحَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيمَا سِوَاهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ فِيمَا سِوَاهُ لَا يَشْمَلُ الْأَقْصَى لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْأَقْصَى. اهـ. أَيْ: فَلَا تَكُونُ بِأَلْفٍ فِي كُلِّ مَا سِوَاهُ بَلْ فِي الْأَقْصَى فَقَطْ وَفِي غَيْرِهِ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ وَقَدْ أَطْلَقَ أَنَّهَا فِي غَيْرِهِ بِأَلْفٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَمَتَى مَا عَيَّنَّا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنًا لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ صَوْمٍ تَعَيَّنَ وَيَأْثَمُ بِتَعَمُّدِ تَقْدِيمِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ وَيَقَعُ الْمُؤَخَّرُ قَضَاءً وَيَقْضِي مَا قَدَّمَهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَإِنْ فَاتَ بِعُذْرٍ عَلَى الْأَوْجَهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْعُذْرُ يُسْقِطُ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ كَالْإِغْمَاءِ، وَالْجُنُونِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجُنُونُ دُونَ الْإِغْمَاءِ فِي الصَّوْمِ أَسْقَطَ ذَلِكَ الْمَنْذُورَ وَإِذَا عَمَّ وَقْتَهُ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ نَعَمْ الْحَيْضُ، وَالنِّفَاسُ يُسْقِطَانِ الْمَكْتُوبَةَ لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورَةِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ: وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ، وَالْإِغْمَاءَ إنَّمَا أَسْقَطَاهَا لِتَكَرُّرِهَا أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا لَمْ يَتَكَرَّرْ الصَّوْمُ أَسْقَطَهُ الْجُنُونُ دُونَ الْإِغْمَاءِ فَإِمَّا أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ جَمِيعِ الْأَعْذَارِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، وَالْمَنْذُورَةِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَيُجْعَلُ كُلُّ مَا مَنَعَ قَضَاءَ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ يَمْنَعُ قَضَاءَ الْمَنْذُورِ الَّذِي مِنْ جِنْسِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِتَكَرُّرٍ وَلَا لِعَدَمِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ

وَإِمَّا أَنْ يُوجِبَ قَضَاءَ النَّذْرِ مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ بِعُمُومِهِ وَعَدَمِ إيجَابِهِ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُنَاسِبُهُ مِنْ التَّوْسِعَةِ مَا لَا يُنَاسَبُ الْمَنْذُورَ بِخُصُوصِهِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ لِلصَّوْمِ وَلَوْ مَكَّةَ وَلَا زَمَانٌ لِلصَّدَقَةِ وَلَوْ رَمَضَانَ قَالَ الشَّرْحُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْأَوَّلِ كَسْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>