وُجِدَتْ (وَامْتَنَعْ
إجْزَاءُ مَا مِنْ ذَيْنِ وَحْدَهُ يَقَعْ)
أَيْ: إجْزَاءُ مَا يَقَعُ وَحْدَهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَالِاعْتِكَافِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ
(وَنَاذِرٌ لِلِاعْتِكَافِ صَائِمًا) ، أَوْ بِصَوْمٍ (وَعَكْسُهُ يَلْزَمُهُ كِلَاهُمَا) أَيْ: الصَّوْمُ، وَالِاعْتِكَافُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُمَا فَلَا يَكْفِي اعْتِكَافُهُ صَائِمًا فِي رَمَضَانَ
(وَ) يَلْزَمُهُ (الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ كَالْوَلَاءِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَصْلُحُ وَصْفًا لِلِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَسْنُونَاتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَعَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُدَّةٍ مُتَوَالِيَةٍ صَائِمًا وَجَامَعَ لَيْلًا لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُمَا لِانْتِفَاءِ الْجَمْعِ وَلَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ كَالْعِيدِ اعْتَكَفَهُ وَلَا يَقْضِي الصَّوْمَ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (لَا بِنَذْرِ الِاعْتِكَافِ مُصَلِّيًا، وَالْعَكْسُ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ وَإِنْ لَزِمَهُ كِلَاهُمَا إذْ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهَا فِعْلًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْجَمْعُ إلَخْ) وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَكْفِي يَوْمَ الصَّوْمِ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِغْرَاقُهُ بِالِاعْتِكَافِ لِإِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ، وَاللَّفْظُ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ
(قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُدَّةِ مُتَوَالِيَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ مُتَتَابِعَةً صَائِمًا فَجَامَعَ لَيْلًا اسْتَأْنَفَهَا. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ لِانْتِفَاءِ الْجَمْعِ. اهـ. أَيْ: لِبُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِالْجِمَاعِ فَلَمْ يُوجَدْ اعْتِكَافٌ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَلَمْ يُجْمَعْ بَيْنَ اعْتِكَافِهَا، وَالصَّوْمِ فَلْيَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَسْنُونَاتِهِ) قَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ مِنْ مَسْنُونَاتِ الصَّوْمِ فَيَصْلُحُ وَصْفًا لَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهَا فِعْلًا إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ النَّذْرِ
[حاشية الشربيني]
النَّفْسِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْأَمْكِنَةِ وَبِالثَّانِي إرْفَاقُ الْمُحْتَاجِينَ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْأَزْمِنَةِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَأْخِيرُهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ هُنَا وَفَارَقَتْ الزَّكَاةَ بِتَشَوُّفِ النَّفْسِ إلَيْهَا فِي وَقْتِهَا دُونَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ تَعَيَّنَ زَمَنُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى دُونَ مَكَانِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا مَعَ مُضَاعَفَتِهِ بِمَكَّةَ كَمَا وَرَدَ دُونَ مَكَانِ الْأَوَّلَيْنِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ قُلْت: لِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَنَى بِالْأَزْمِنَةِ أَكْثَرَ مِنْهُ بِالْأَمْكِنَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لِمَا عَدَا الِاعْتِكَافَ مِمَّا ذُكِرَ زَمَنًا يَقَعُ فِيهِ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُ مَكَانًا كَذَلِكَ فَكَانَ اعْتِنَاؤُهُ بِالْأَوْقَاتِ أَكْثَرُ وَيَكُونُ الْقَصْدُ الْأَعْظَمُ مِنْ الِاعْتِكَافِ حَبْسَ النَّفْسِ كَالصَّوْمِ أُلْحِقَ بِهِ فِي الزَّمَنِ وَمِنْ الصَّدَقَةِ مَا مَرَّ اخْتَصَّتْ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ زَمَنِهَا وَأَمَّا الْمَكَانُ فَإِنْ امْتَازَ بَعْضُهُ بِمَزِيدِ مُضَاعَفَةٍ صَحَّتْ وَهُوَ الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّدَقَةِ فَلَزِمَتْ فِيهِ دُونَ مَا عَدَاهُ وَأُلْحِقَ بِهَا الِاعْتِكَافُ؛ لِأَنَّهُ خُصَّ شَرْعًا بِمَكَانٍ مَخْصُوصٍ هُوَ الْمَسْجِدُ وَلَمْ يُخَصَّ بِزَمَنٍ كَذَلِكَ فَكَانَ تَعَلُّقُهُ بِالْأَمْكِنَةِ أَشَدَّ لَكِنَّهُ قُصِرَ عَلَى مَا صَحَّتْ فِيهِ الْمُضَاعَفَةُ لِتَمَيُّزِهِ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَمْ تَصِحَّ فِيهِ الْمُضَاعَفَةُ بِمَكَّةَ وَلَا غَيْرِهَا وَحَدِيثُهُ بِهَا فِيهَا لَمْ يَصِحَّ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِمَكَانٍ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ وَأَعْرِضْ عَمَّا سِوَاهُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُدْفَعُ اعْتِرَاضُهُ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّهُ يَضُمُّ لِعَدَمِ تَكَرُّرِ الْمَنْذُورَةِ عَدَمَ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ فِي الْإِغْمَاءِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ
(قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ إجْزَاءُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي بَعْدُ أَنَّهُ إنْ نَوَى الِاعْتِكَافَ عَنْ الْمَنْذُورِ أَوْ الصَّوْمِ عَنْ الْمُقَيَّدِ بِهِ الْمَنْذُورُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ كِلَاهُمَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَقَدْ اُلْتُزِمَ الْمُقَيَّدُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ اللَّفْظِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ تُخَالِفُ فَلَزِمَ الْقَيْدُ أَيْضًا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُنَاكَ لَيْسَ مَنْذُورًا بَلْ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ صِفَةً لِلْيَوْمِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ أَوْ عَكْسَهُ أَيْ: يَصُومَ مُعْتَكِفًا أَوْ بِاعْتِكَافٍ لَزِمَاهُ، وَالْجَمْعُ أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا وَهُوَ صَائِمٌ كَأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا أَنَا أَوْ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ اشْتَرَطَ الصَّوْمَ فِي اعْتِكَافِهِ الْمُخْرِجِ لَهُ عَنْ نَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ كَذَلِكَ لَكِنْ أَجْزَأَهُ رَمَضَانُ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ نَفْلًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ صَوْمًا بَلْ اعْتِكَافُهُ بِصِفَةٍ وَقَدْ وُجِدَتْ وَفَارَقَ وَأَنَا صَائِمٌ صَائِمًا السَّابِقَ مَعَ أَنَّ كُلًّا حَالٌ بِأَنَّ الْمُفْرَدَةَ وَقَعَتْ قَيْدًا لِلِاعْتِكَافِ، وَالْجُمْلَةَ وَقَعَتْ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى الَّذِي يُرَاعِيهِ الْفَقِيهُ قَيْدًا لِلْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ الِاعْتِكَافُ فِيهِ فَهِيَ بِالذَّاتِ قَيْدٌ لِلظَّرْفِ لَا لِلْمَظْرُوفِ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ عَنْ النَّذْرِ يَوْمًا وَيَعْتَكِفَ فِيهِ عَنْ النَّذْرِ وَلَوْ لَحْظَةً حَتَّى فِي صُورَةِ الْعَكْسِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْجَوْهَرِيِّ حَيْثُ أَوْجَبَ فِيهَا اعْتِكَافَ يَوْمِ الصَّوْمِ لِيَصْدُقَ أَنَّهُ صَائِمٌ مُعْتَكِفًا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَصْدُقُ وَلَوْ مَعَ اعْتِكَافِ اللَّحْظَةِ بَلْ كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مُعْتَكِفًا بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا صَائِمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ يَوْمِ الصَّوْمِ جَزْمًا لِلتَّنْصِيصِ فِيهِ عَلَى الْيَوْمِ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْيَوْمَ فِيهِ ضَرُورِيٌّ فَالتَّنْصِيصُ فِيهِ كَلَا تَنْصِيصٍ فَإِنْ اعْتَكَفَ عَنْ النَّذْرِ وَهُوَ غَيْرُ صَائِمٍ عَنْ النَّذْرِ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِذَا بَطَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ الْآخَرُ عَنْ النَّذْرِ بَلْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إذَا بَطَلَ الصَّوْمُ بَطَلَ الِاعْتِكَافُ أَيْ: لَا الْعَكْسُ إذْ لَيْسَ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ بُطْلَانُ الِاعْتِكَافِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ إلَخْ) أَيْ: مَعَ تَنَاسُبِهِمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَوْ يَصُومَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute