للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفْسَدَ نُسُكَهُ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ، أَوْ الْبُلُوغِ ثُمَّ أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا وَقَعَ لِلْفَرِيضَةِ لِأَصَالَتِهَا وَلِأَهَمِّيَّتِهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ لَبَّى عَنْ شُبْرُمَةَ أَخٌ، أَوْ قَرِيبٌ لَهُ حُجَّ عَنْ نَفْسِك ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» ثُمَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ يَقَعُ لِلْقَضَاءِ لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ تَدَارُكًا لِمَا فَسَدَ (فَالنَّذْرِ) أَيْ: ثُمَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ يَقَعُ لِلنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ النَّفْلِ (فَالنَّفْلِ هُوَ، أَوْ لِلَّذِي اكْتَرَى) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ النَّذْرِ يَقَعُ (لِلنَّفْلِ) ، أَوْ لِنُسُكِ الْمُكْتَرِي فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرَى لَهُ وَاجِبًا فَلَوْ تَطَوَّعَ الْأَجِيرُ بِحَجَّةٍ لَمْ تَنْصَرِفْ إلَى حَجَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْحَجِّ وَلَفْظَةُ هُوَ تَكْمِلَةٌ

(تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ لِمَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْتَمِرْ أَنْ يُقَدِّمَ حَجَّةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلِمَنْ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحُجَّ أَنْ يُقَدِّمَ عُمْرَةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحَجِّ (وَإِنْ غَيْرًا نَوَى) أَيْ: يَقَعُ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَوْ نَوَى قَضَاءً وَعَلَيْهِ فَرِيضَةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا كَمَا لَوْ نَوَى بِطَوَافِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ طَوَافًا آخَرَ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْفَاعِلُ فَإِنْ تَعَدَّدَ جَازَتْ الْمَعِيَّةُ كَمَا قَالَ

(لَوْ حَجَّ ذَا) أَيْ: شَخْصٌ (عَنْ فَرْضِ مَنْ فِي قَبْرِهِ) أَيْ: عَنْ فَرْضِ مَيِّتٍ (أَوْ فَرْضِ مَعْضُوبٍ) وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ لِزَمَانَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ (وَذَا) أَيْ: وَآخَرُ (عَنْ نَذْرِهِ، أَوْ الْقَضَا) لَهُ (فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ (لَمْ يُمْنَعْ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ أَنَّ غَيْرَ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا لَا أَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَعَلَيْهِ لَوْ حَجَّ وَاحِدٌ عَنْ فَرْضِ مَيِّتٍ وَآخَرُ عَنْ قَضَائِهِ وَآخَرُ عَنْ نَذْرِهِ وَآخَرُ عَنْ نَفْلِهِ فِي سَنَةٍ جَاوَزَ الْمَعْضُوبُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ سُمِّيَ بِهِ مَنْ ذُكِرَ لِقَطْعِ الزَّمَانَةِ حَرَكَتَهُ وَأَصْلُ الْعَضْبِ

ــ

[حاشية العبادي]

كَذَلِكَ فَإِنَّ الصَّبِيَّ، وَالْعَبْدَ يَصِحُّ قَضَاؤُهُمَا لَمَا أَفْسَدَاهُ وَكَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ لِلنَّذْرِ فَإِنَّ النَّذْرَ يَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوَّلَ بَابِ النَّذْرِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ، وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُ نَذْرِهِ أَيْ: الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْحَجِّ وَيُشْبِهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَجِّ كَذَلِكَ. اهـ. أَيْ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ مَا يَأْتِي بِهِ عَنْ نَذْرِ الْحَجِّ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ حَجّ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى انْصِرَافِ إحْرَامِهِ عَنْ شُبْرُمَةَ إلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ) أَيْ: بِخِلَافِ النَّذْرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ، ثُمَّ أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا وَقَعَ لِلْفَرِيضَةِ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا، ثُمَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ يَقَعُ لِلْقَضَاءِ حَاصِلُ السُّؤَالِ هَلَّا وَقَعَ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا عَنْ الْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَالْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ هُنَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ نَذْرًا كَمَا لَوْ أَفْسَدَهُ وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ مِنْ اعْتِرَاضِ قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ صَوَابَهُ وَلَا يُجْزِئُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْقَضَاءِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ سم

(قَوْلُهُ: وَلَفْظَةُ هُوَ تَكْمِلَةٌ) لَعَلَّهُ تَأْكِيدٌ لِلنَّفْلِ (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِهَا أَيْ: بِغَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مَنْ اسْتَنَابَهُ فِيهَا انْصَرَفَ إلَيْهَا. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِهَا فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُهَا لِلْمُكْتَرِي لَا لِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا فَلَوْ تَطَوَّعَ الْأَجِيرُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى غَيْرُهُ) مِثَالُهُ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ مَعَ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَضَاءٌ، أَوْ نَذْرٌ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ بِرّ

(قَوْلُهُ عَنْ نَذْرِهِ) ضَبَّبَ بَيْنَ ضَمِيرِهِ وَبَيْنَ مِنْ وَمَعْضُوبٍ وَكَذَا ضَبَّبَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ضَمِيرِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَيُّهُمْ سَبَقَ بِالْإِحْرَامِ انْصَرَفَ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ الظَّاهِرُ أَنَّ السَّبْقَ يُعْتَبَرُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا فِي الْجُمُعَتَيْنِ انْتَهَى وَفِي الْمُهِمَّاتِ قَدْ تَقَرَّرَ مِنْ كَلَامِهِ يَعْنِي الرَّافِعِيِّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الَّذِي أَحْرَمَ أَوَّلًا قَدْ يَتَأَخَّرُ تَحَلُّلُهُ وَأَدَاؤُهُ الْأَرْكَانَ عَنْ الْمُتَأَخِّرِ فَيُؤَدِّي إلَى الْمَحْذُورِ بَلْ التَّقَدُّمُ حَقِيقَةً إنَّمَا وُجِدَ هُنَا فِي الْحَجَّةِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ إحْرَامُهَا لِأَنَّ الْحَجَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْأَفْعَالِ، وَالْمَجْمُوعُ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ تِلْكَ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّعَارُضِ وَوُقُوعُهُمَا عَنْ الْأَجِيرِ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَانْظُرْ وَلَوْ سُبِقَ إحْرَامُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَالنَّذْرُ) لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ فَتَرَكَ الْحَجَّ فِيهِ، ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا آخَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ النَّذْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ سَوَاءٌ تَرَكَهُ بِعُذْرٍ أَوْ لَا وَلَوْ نَذَرَهُ فِي عَامَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ فَتَرَكَ الْحَجَّ فِي أَوَّلِهِمَا أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ فِي الْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ عَامُ النَّذْرِ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَهَلْ يَجِبُ تَقْدِيمُ النَّذْرِ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالْقَضَاءُ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُؤَيِّدُ الْوُجُوبَ فِي الثَّانِيَةِ إطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى النَّذْرِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّهُ لَوْ أَفْسَدَ التَّطَوُّعَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ قَدَّمَ النَّذْرَ لِسَبْقِ وُجُوبِهِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَنْذُورِ إذَا تَعَيَّنَ لُزُومُهُ فَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالْكَفَّارَةِ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْحَجُّ عَنْ غَيْرِهِ الْمُتَّجِهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَشْتَغِلْ بَعْدُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى لَوْ حَجَّ الْآنَ لَمْ يَقَعْ عَنْ نَذْرِهِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ، وَالْبُلُوغِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَلَا تَجْتَمِعُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَالْقَضَاءِ إلَّا فِي صَبِيٍّ أَوْ قِنٍّ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَوَّتَهُ، ثُمَّ كَمَّلَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ أَوْ الْبُلُوغِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ حَالَ كَمَالِهِ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ فَرْضِهِ وَقَضَائِهِ وَنَذْرِهِ إنْ كَانَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا عَنْ النَّذْرِ لِمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ تَدَارُكًا لِمَا أَفْسَدَ) أَيْ: وَكَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَقَعُ عَنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>