للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّهُ لَا يَتَحَرَّى قَالُوا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَوَانِي أَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ هُنَاكَ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ مَحْظُورٍ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَوْ يَسْتَعْمِلَ نَجِسًا فَلِذَلِكَ جَازَ التَّحَرِّي وَهُنَا يَحْصُلُ الْأَدَاءُ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ مَحْظُورٍ (وَمِنْ الْحَجِّ) دُونَ الْعُمْرَةِ (بَرِيّ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُحْرِمٌ بِهِ، أَوْ مُدْخِلُهُ عَلَى الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ (وَلَا) عَلَيْهِ (دَمٌ) إذْ الْحَاصِلُ لَهُ الْحَجُّ فَقَطْ وَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِلشَّكِّ فِي وُجُوبِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقِرَانَ وَلَا الْحَجَّ بَلْ نَوَى الْعُمْرَةَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ أَتَى بِالْأَعْمَالِ كُلِّهَا حَصَلَ التَّحَلُّلُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ وَلَا الْعُمْرَةِ، أَوْ بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فَقَطْ لَمْ يَحْصُلْ التَّحَلُّلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ

(تَنْبِيهٌ) تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِالْعُسْرِ مُخَالِفٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنَّهُمَا عَبَّرَا بِالتَّعَذُّرِ قَالَ ابْن الْمُقْرِي: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَفَادُ بِمُرَاجَعَتِهِ وَإِنْ قَرَنَ بَيَانَ حُكْمِ الدَّمِ الْمَشْكُوكِ فِي وُجُوبِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَيَلْزَمُ الْبَحْث عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ بِهَا أَيْضًا سُقُوطُ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْهُ

(وَإِنْ يَطُفْ) مِنْ فَصْلِ إحْرَامِهِ (فَيَشْكُكْ) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ أَيْ: ثُمَّ يَشُكُّ فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ (فَالسَّعْيُ، وَالْحَلْقُ وَ) بَعْدَهَا (الْإِحْرَام) بِدَرْجِ هَمْزَتِهِ (حُكِيَ) أَيْ: الْإِتْيَانَ بِالثَّلَاثَةِ (لَكِنْ) إحْرَامُهُ يَكُونُ (بِحَجٍّ وَبَرِي مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحَجِّ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاجٌّ، أَوْ مُتَمَتِّعٌ لَكِنَّ الْحَلْقَ بِتَقْدِيرِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ بِالْحَجِّ يَقَعُ قَبْلَ وَقْتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا: يُفْتَى بِهِ تَرْخِيصًا؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ وَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ أَكْثَرُ إذْ يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يُفْتَى بِهِ، لَكِنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ الْحَجِّ كَمَا لَا يُفْتِي صَاحِبُ لُؤْلُؤَةٍ ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةُ غَيْرِهِ بِذَبْحِهَا وَلَا صَاحِبُ دَابَّةٍ تَقَابَلَتْ هِيَ وَدَابَّةٌ أُخْرَى عَلَى شَاهِقٍ وَتَعَذَّرَ مُرُورُهُمَا بِإِتْلَافِ دَابَّةِ الْآخَرِ، لَكِنَّهُمَا إنْ فَعَلَا ذَلِكَ لَزِمَ الْأَوَّلَ مَا بَيْنَ قِيمَتَيْ الدَّجَاجَةِ حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً، وَالثَّانِيَ قِيمَةُ دَابَّةِ الْآخَرِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِقَوْلِهِ حُكِيَ يُلَوِّحُ بِمُوَافَقَةِ الْأَكْثَرِينَ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا شَيْئًا وَخَرَجَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ فَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ الْحَجِّ بِلَا نِيَّةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إحْرَامًا مُطْلَقًا حَتَّى يَكْفِيَ صَرْفُهُ لِذَلِكَ بَلْ هُوَ مُعَيَّنٌ فِي الْوَاقِعِ، وَالْغَرَضُ زِيَادَةُ التَّلَبُّسِ بِالْحَجِّ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ ضَعَفَةُ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: قَالُوا، وَالْفَرْقُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ التَّبَرِّي الَّذِي أَشْعَرَ بِهِ قَالُوا إنَّهُمْ جَوَّزُوا التَّحَرِّيَ هُنَاكَ مَعَ إمْكَانِ الْيَقِينِ فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوا التَّحَرِّيَ بَيْنَ الْإِنَاءَيْنِ مَعَ وُجُودِ ثَالِثٍ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ وَمَعَ إمْكَانِ خَلْطِهِمَا مَعَ بُلُوغِهِمَا قُلَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ وَجَوَّزُوهُ فِي الْقِبْلَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ مَثَلًا إذَا حَالَ حَائِلٌ مَعَ إمْكَانِ الْخُرُوجِ، أَوْ الصُّعُودِ لِرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَعَذُّرُ الْيَقِينِ فِي الْأَوَانِي، وَالْقِبْلَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ) هُوَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَحَيْثُ أَتَى بِأَعْمَالٍ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ بَرِئَ مِنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ عَلَى الْإِبْهَامِ قَطْعًا وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْأُولَى بِالْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْهُ) نَظَرَ فِيهِ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْقِرَانِ، أَوْ نِيَّةِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ إذْ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ وُجُوبِ الدَّمِ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مَا يَقْتَضِيهِ قَالَ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعَذُّرِ، وَالتَّعَسُّرِ إلَّا بِأَنَّهُ عِنْدَ التَّعَسُّرِ قَدْ يُمْكِنُ السُّؤَالُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ. اهـ. قِيلَ عَلَى أَنَّ فِي لُزُومِ الْبَحْثِ لِأَجْلِ الدَّمِ نَظَرًا إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ مُتَقَضٍّ لَهُ مُبْهَمٍ حَتَّى يُبْحَثَ عَنْهُ. اهـ. وَلَا يَخْفَى حُسْنُهُ

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ إحْرَامَهُ) أَيْ: الَّذِي بَعْدَهَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا نُسَلِّمُ لِابْنِ الْحَدَّادِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْحَلْقِ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّقْصِيرُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ بِهِ نُزُولَ الضَّرُورَةِ حَجَرٌ عب أَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْحَدَّادِ بِالْحَلْقِ مَا يَشْمَلُ التَّقْصِيرَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: بِإِتْلَافِ دَابَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُفْتَى الْمُقَدَّرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَذْكُورُ فَمَعْرُوضٌ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَصْلَ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمَا إذَا جَهِلَهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ بِزِيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا مُتَلَبِّسٌ بِالْعِبَادَةِ كَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. بَلْ هَذَا هُوَ الْفَرْقُ الصَّحِيحُ وَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِالْقِيَاسِ عَلَى عَدَدِ الرَّكَعَاتِ (قَوْله لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَخْ) أَيْ: مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرَنَ) يَعْنِي أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِرَانَ لَا يَبْنِي عَلَيْهَا وُجُوبُ الدَّمِ وَإِنَّمَا يَبْنِي عَلَى الْوَاقِعِ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قِرَانٌ (قَوْله حُكْمُ الدَّمِ) أَيْ: الْوُجُوبُ أَوْ عَدَمُهُ

(قَوْلُهُ: فَيُشَكَّكُ) أَيْ: قَبْلَ الْوُقُوفِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ إمَّا قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ قَبْلَ الطَّوَاف وَقَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ عَكْسُهُ وَذَكَرَ جَمِيعَهَا الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ تَدَبَّرْ

(قَوْله فَالسَّعْيُ، وَالْحَلْقُ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِهَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِحْرَامُ حِينَئِذٍ بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ إلَّا بَعْدَمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْحَالَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَالِ الرَّابِعِ نَظِيرُ مَا هُنَا قِيَاسًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ إلَخْ) أَيْ: لَوْ لَمْ يَحْلِقُ إذْ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>