للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَبْرَأُ مِنْهَا لِمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ بَعْدَ السَّعْيِ، وَالْحَلْقِ بَلْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ اعْتِمَارِهِ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ لِمَا مَرَّ وَنِيَّةُ الْقِرَانِ فِيمَا ذُكِرَ كَنِيَّةِ الْحَجِّ وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْحَلْقِ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى التَّحَلُّلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: فَلَوْ جَامَعَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ لِجَوَازِ كَوْنِ إحْرَامِهِ السَّابِقِ حَجًّا وَقَدْ جَامَعَ فِيهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَفَسَدَ نُسُكُهُ وَمَا أَتَى بِهِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ.

(بِدَمْ) أَيْ: مَعَ دَمٍ (مِنْ غَيْرِ مَكِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، أَوْ قَارِنًا فَلِلْحَلْقِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ وَإِلَّا فَلِلتَّمَتُّعِ فَيُرِيقُهُ عَنْ وَاجِبِهِ وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ، أَوْ ظِهَارٍ فَنَوَى بِالْعِتْقِ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَيُّنُ فِي الْكَفَّارَاتِ، أَمَّا الْمَكِّيُّ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ التَّمَتُّعِ لَا يَلْزَمُهُ وَدَمُ الْحَلْقِ مَشْكُوكٌ فِي وُجُوبِهِ فَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ مَكِّيٍّ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ وَمَنْ يُجَوِّزُ فَتْحَ مِيمِهِ عَلَى أَنَّهُ مَوْصُولٌ وَفَاعِلٌ لِبَرِئَ فَغَيْرُ مَرْفُوعٍ وَيُجَوِّزُ كَسْرَ مِيمِهِ عَلَى أَنَّهُ حَرْفُ جَرٍّ فَغَيْرُ مَجْرُورٍ (وَصَامَ لِلْعَدَمْ) أَيْ: عَدَمِ الدَّمِ وَإِنْ وَجَدَ الطَّعَامَ (صَوْمَ تَمَتُّعٍ) عَشْرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ كَمَا سَيَأْتِي لِلِاحْتِيَاطِ فَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ لِلْحَلْقِ، وَالْبَاقِي نَفْلٌ وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ فِي الثَّلَاثَةِ وَيَجُوزُ تَعْيِينُ التَّمَتُّعِ فِي السَّبْعَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الْإِطْعَامُ وَإِنْ عُدِمَ الدَّمُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَلَوْ طَرَأَ شَكُّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ.

فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ وَوَقَفَ ثَانِيًا حَصَلَ لَهُ الْحَجُّ دُونَ الْعُمْرَةِ لِمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَجٌّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بَلْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا) أَيْ: أَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ مَعَ السَّعْيِ، وَالْحَلْقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ بِأَنْ وَقَفَ، ثُمَّ طَافَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، ثُمَّ شَكَّ فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ، ثُمَّ سَعَى وَحَلَقَ، ثُمَّ جَامَعَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ وَمِنْهَا الْوُقُوفُ بِأَنْ أَدْرَكَهُ وَحِينَئِذٍ مُقْتَضَى ذَلِكَ التَّوْجِيهِ صِحَّةُ حَجِّهِ

(قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مَرْفُوعٍ) عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ مَنْ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مَجْرُورٍ) ، وَالْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ صِفَةُ دَمٍ (قَوْلُهُ: وَصَامَ لِلْعُذْرِ صَوْمَ تَمَتُّعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَطْعَمَ، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ: عَلَى صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي الْبَرَاءَةِ تَرَدُّدٌ. اهـ. وَقَرَّرَهُ فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ أَيْ: إنَّهُ لَا يَبْرَأُ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ بِالدَّمِ مَعْلُومٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِ الْبَرَاءَةِ قَالَ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فَأَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ حَلْقٍ فَذَاكَ، أَوْ دَمُ تَمَتُّعٍ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا بِزِيَادَةِ مُدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعٍ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ فِي الْحَلْقِ وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ قَرِيبًا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ عَلَى التَّخْيِيرِ. اهـ. وَقَوْلُهُ بِزِيَادَةِ مُدَّيْنِ أَيْ: لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعِ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا فَيَقَعُ عَشْرَةٌ مِنْهَا عَنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ قَدْرَ صَوْمِ التَّمَتُّعِ وَلَا يَضُرُّ لُزُومُ دَفْعِ أَمْدَادٍ لِلْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ فِي الْعُبَابِ فِي بَحْثِ التَّمَتُّعِ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ، وَالصَّوْمِ فَهَلْ يُطْعِمُ، أَوْ عَنْ الطَّعَامِ فَهَلْ يَسْقُطُ وَجْهَانِ. اهـ. قِيلَ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يُطْعِمُ فِي الْأُولَى وَلَا يَسْقُطُ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقُ، أَوْ دَمُ تَمَتُّعٍ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الْإِطْعَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: التَّمَتُّعُ فِي السَّبْعَةِ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ ابْتِدَاءً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ الْعَلْيَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْحَجَّ أَوْ لَمْ يَقِفْ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْصُلُ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْحَجُّ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إجْزَاءِ ذَلِكَ الْوُقُوفِ عَنْ الْحَجِّ فِي الثَّانِيَةِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ نِيَّتِهِ وَأَمَّا فِي الْعُمْرَةِ فَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَخْ) مُحَصَّلُ مَا ذَكَرَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ وَلِذَا لَمَّا قَالَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ: وَإِنْ طَافَ، ثُمَّ شَكَّ قَالَ شَارِحَاهُ: سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَمْ بَعْدَهُ بِرّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَخْ) لَمْ يُقَيِّدْ هُنَا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا بَعْدَ الطَّوَافِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ إدْخَالِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي شَرْحِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالْحَجِّ حِينَئِذٍ لِاحْتِمَالِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَقَدْ طَافَ وَلَمْ يُخَلِّصْ أَعْمَالَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ الطَّعَامُ) وَلَا نَظَرَ لِفِدْيَةِ الْحَلْقِ وَكَوْنِهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنِ الصَّوْمِ، وَالْإِطْعَامِ

(قَوْلُهُ: دُونَ الْعُمْرَةِ) أَيْ: دُونَ مَا إذَا نَوَى الْعُمْرَة لَا تَحْصُلُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِحَجٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَجِّ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>