للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ مِثْلِهِ مَسَافَةً وَلَوْ أَقْرَبَ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ إذْ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا، وَاعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ الْحَرَمُ إلَّا قَوْلَهُ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] فَهُوَ نَفْسُ الْكَعْبَةِ وَاعْتَبَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ مَكَّةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَيَّدَهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَهَا مِنْ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ مِنْهَا لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّ الْقُيُودَ الْمَذْكُورَةَ قُيُودٌ لِتَسْمِيَةِ مَا ذُكِرَ تَمَتُّعًا وَلِأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الْقِرَانِ حَتَّى لَوْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا انْتَفَى هَذَانِ الْحُكْمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ قُيُودٌ لِلتَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ كَمَا قَدَّمْته وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ مَا انْتَفَى فِيهِ قَيَّدَ مَفْهُومَهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ (عِنْدَنَا) الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ بَلْ وَمِنْ الْإِفْرَادِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ أَوْ أَفْرَدَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا.

. (تَنْبِيهٌ)

قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ فَكَمَا دَخَلَ مَكَّةَ اعْتَمَرَ -

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَى مِيقَاتٍ أَوْ مِثْلِهِ مَسَافَةً إلَخْ) أَيْ: أَوْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَوْ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَكَانُهُ مَكَّةُ بِالْحَجِّ لِمَنْ كَانَ مُقِيمَ مَكَّةَ عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا إلَخْ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: إلَى إدْخَالِ التَّعَبُّدِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْحَرَمِ دُونَ مَكَّةَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ إلَى إدْخَالِ التَّعَبُّدِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قُلْت: وَإِلَى أَنَّ مَنْ بِذَاتِ عِرْقٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا أَحَدٌ مِنْ حُكْمِ الْمَوَاقِيتِ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ اسْتِثْنَائِهَا لَا يُنَافِي اسْتِثْنَاءَهَا أَخْذًا مِنْ اعْتِبَارِ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ) أَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوَاقِيتِ هُنَا جِهَاتُ الْحَرَمِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ يَعْنِي حُدُودَ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ كَقَوْلِهِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ إلَخْ يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّةَ الِاعْتِمَارِ فِي سَنَةٍ وَالْحَجِّ فِي سَنَةٍ أُخْرَى عَلَى الْقِرَانِ.

. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَيَلْزَمُ الدَّمُ آفَاقِيًّا تَمَتَّعَ نَاوِيًا الِاسْتِيطَانَ بِهَا أَيْ: بِمَكَّةَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ وَكَذَا لَوْ جَاوَزَ أَيْ: الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ ثُمَّ اعْتَمَرَ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ جَاوَزَ مِيقَاتًا مُرِيدٌ لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ دَمَانِ أَيْ: لِلتَّمَتُّعِ وَالْإِسَاءَةِ أَوْ دُونَهُمَا فَدَمٌ أَيْ: لِلْإِسَاءَةِ لِفَقْدِ التَّمَتُّعِ أَيْ: لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْحَاضِرِينَ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ إشْكَالٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ إشْكَالٌ. قَالَ فِي شَرْحِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْحَرَمِ لَا مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ فَاعْتَمَرَ بِقُرْبِ مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مِنْ الْحَاضِرِينَ مَعَ عِصْيَانِهِ وَلَا يُجْعَلُ كَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ عِصْيَانِهِ وَقَدَّمْت جَوَابَهُ ثَمَّ اهـ. وَحَاصِلُ مَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهُوَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الدَّارِمِيِّ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ ذَكَرَهُ فِي عَوْدِ الْقَارِنِ الْمُسْقِطِ لِلدَّمِ وَاسْتَبْعَدَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت الشَّرْحَ قَيَّدَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْقَارِنِ ثُمَّ قَالَ كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النُّسُكُ وَاجِبًا كَالْوُقُوفِ أَوْ مَنْدُوبًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ كَأَنْ خَرَجَ الْمُتَمَتِّعُ إلَى مَحَلٍّ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ بِالْحَجِّ ثُمَّ دَخَلَهَا وَطَافَ لِلْقُدُومِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونِ بِأَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ ثُمَّ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَعَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ بَدَلَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ بِقَبْلَ الْوُقُوفِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مُحَقِّقُ عَصْرِهِ السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ مُقْتَضَاهُ نَفْعُ الْعَوْدِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ وَقَدْ جَزَمَ فِي فَتْحِ الْجَوَّادِ بِأَنَّ الْخُرُوجَ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الْمُتَمَتِّعَ وَلَا الْقَارِنَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَخَصَّ فِي الْحَاشِيَةِ تَعْمِيمَ النُّسُكِ الَّذِي يَمْنَعُ التَّلَبُّسُ بِهِ نَفْعَ الْعَوْدِ بِالْمُتَمَتِّعِ.

وَأَمَّا الْقَارِنُ فَيُجْزِئُهُ الْعَوْدُ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَإِنْ سَبَقَهُ نَحْوُ طَوَافِ قُدُومٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَهُوَ مُقْتَضَى مَتْنِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ عَبَّرَ فِي الْمُتَمَتِّعِ بِقَبْلَ النُّسُكِ وَفِي الْقَارِنِ بِقَبْلَ الْوُقُوفِ لَكِنْ زَادَ شَارِحُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ قَوْلَهُ: أَوْ نُسُكِ آخَرَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِهَذَا الْقَيْدِ فِي الْمُتَمَتِّعِ وَقَيَّدَاهُ فِي الْقَارِنِ بِقَبْلَ الْوُقُوفَ اهـ. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَتَحَلَّلُ الْآنَ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ وَهُوَ الطَّوَافَانِ الْمَذْكُورَانِ أَمَّا الْقَارِنُ فَلَا يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ إلَّا بِالْوُقُوفِ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ اهـ جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ إلَى مِيقَاتِ) أَيْ: مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ فَلَوْ كَانَ آفَاقِيٌّ بِمَكَّةَ وَخَرَجَ مِنْهَا لِأَدْنَى الْحِلِّ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ فَرَغَ مِنْهَا وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَخَرَجَ لِأَدْنَى الْحِلِّ لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِمِيقَاتِ فِي قَوْلِهِمْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِمِيقَاتِ عُمْرَتِهِ مِيقَاتُ الْآفَاقِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَا الْمَكِّيِّ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ الْحَرَمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالشَّرْحَيْنِ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ إلَخْ) أَيْ: إلَّا آيَةَ الْإِسْرَاءِ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيهِمَا الْمَسْجِدُ فَقَطْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ) قَدْ نُصَّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا فَلَهُ نَصَّانِ رَجَّحَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُهَا مِنْ مَكَّةَ يُؤَدِّي أَيْضًا إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ مِنْ الْحَرَمِ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ) يَعْنِي حُدُودَ الْحَرَمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>