للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ حَجَّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْحَاضِرِينَ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِقَامَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَوَاضِعِ التَّوَقُّفِ وَلَمْ أَرَاهَا لِغَيْرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِقَامَةِ مِمَّا يُنَازِعُ فِيهِ كَلَامُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَنَقْلُهُمْ عَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِهَا بَلْ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ لَيْسَ بِحَاضِرٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَا يُوَافِقُهُ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ.

(وَهَذَا الثَّانِي) أَيْ: الْقِرَانُ (صُورَتُهُ إحْرَامُ شَخْصٍ بِكِلَا هَذَيْنِ) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (أَوْ) إحْرَامُهُ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ (بِعُمْرَةٍ وَأَدْخَلَا) أَيْ: الْمُحْرِمُ بِهَا عَلَيْهَا (قَبْلَ الطَّوَافِ الْحَجَّ) وَدَلِيلُ الْأُولَى خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِهِمَا» وَدَلِيلُ الثَّانِيَةِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّ عَائِشَةَ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ مَا شَأْنُك قَالَتْ حِضْت وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلِلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا أَهِلِّي بِالْحَجِّ فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهَا قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا» وَقَوْلُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ أَيْ: قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ لَمْ يَصِحَّ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا لِاتِّصَالِ إحْرَامِهَا بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَيَقَعُ عَنْهَا وَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهَا و؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ فَلَوْ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ فَفِي صِحَّةِ الْإِدْخَالِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَتُهُ لَا بَعْضُهُ. قَالَ: وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

وَمَا هُنَا عَلَى الْمُسْتَوْطِنِ. (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا) أَيْ: تَمَتُّعًا مُوجِبًا لِلدَّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِتَمَتُّعِهِ رِبْحَ سَفَرٍ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ الِاسْتِيطَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي أَنَّ الْحَاضِرَ مَنْ حَصَلَ هُنَاكَ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا وَعَلَيْهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ دَمَانِ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِلْإِسَاءَةِ أَوْ أَقَلُّ فَدَمٌ لِلْإِسَاءَةِ فَقَطْ لِعَدَمِ التَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ سم عَلَى ع وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لَا قَوْلَانِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ) أَيْ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ أَوْ الدَّمُ وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرُ مُرِيدٍ ثُمَّ أَرَادَهُ قُبَيْلَ دُخُولِ الْحَرَمِ كَفَاهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ فِي الْأَخِيرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِيقَاتٌ لِلْآفَاقِيِّ كَمَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَدَمَ إرَادَتِهِ النُّسُكَ غَايَةُ مَا أَسْقَطَتْ عَنْهُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ بَقِيَ كَوْنُهُ آفَاقِيًّا مِيقَاتُهُ مَا جَاوَزَهُ فَيَكُونُ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ كَأَنَّهُ إحْرَامٌ بِهَا مِنْ مِيقَاتِهِ فَيَكُونُ رَابِحًا لِمِيقَاتِ الْحَجِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْعَوْدُ إلَيْهِ حُكْمًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْرَدَ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فَوَّتَهُ إحْرَامُهُ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَهَذَا قَدْ سَقَطَ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ لَهُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ) أَيْ: إنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَتَأَمَّلْهُ.

. (قَوْلُهُ: أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ) أَيْ: فَسَخْت إحْرَامَهَا أَوَّلًا بِالْحَجِّ إلَيْهَا بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَانَ يَحُثُّهُمْ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَدًّا عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ اعْتِقَادَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُمْ لِذَلِكَ فَلَمَّا اسْتَمَرَّ عَلَيْهَا الْحَيْضُ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ إلَى لَيْلَةِ عَرَفَةَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ إدْخَالًا لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ لِتَكُونَ قَارِنَةً أَوْ إبْطَالًا لِلْعُمْرَةِ وَخُرُوجًا مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْإِتْيَانِ بِأَعْمَالِهَا لِيَكُونَ حَجُّهَا إفْرَادًا فَلَمَّا أَتَمَّتْ الْحَجَّ أَمَرَهَا بَعْدُ بِعُمْرَةٍ فَاعْتَمَرَتْ مِنْ التَّنْعِيمِ وَقَالَتْ هَذَا مَكَانُ عُمْرَتِي الَّتِي اعْتَمَرْتهَا قَبْلُ وَقَوْلُهَا هَذَا أَيْ: الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ فَسْخِ إحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَإِلَّا فَإِحْرَامُهَا الْأَوَّلُ كَانَ قَبْلَ التَّنْعِيمِ فَعَلَى هَذَا عُمْرَتُهَا الثَّانِيَةُ نَفْلٌ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي وَاجِبَةٌ هَذَا مَا تَحَرَّرَ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَشَرْحِهِ وَعَلَيْهِ فَالْخُرُوجُ مِنْ الْعُمْرَةِ الْأُولَى خُصُوصِيَّةٌ أَيْضًا لَكِنْ يُحَرَّرُ لِمَ كَانَ ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ إبْطَالًا إلَخْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَحْلُلْ) بِضَمِّ اللَّامِ الْأُولَى وَقِيلَ بِكَسْرِهَا لِأَنَّ الْفِعْلَ ثُلَاثِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا) أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>