للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَدَلِيلُ التَّخْصِيصِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً» فَانْتَظَمَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إحْرَامِهِمْ أَيْضًا فَمَنْ رَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَارِنِينَ أَوْ مُتَمَتِّعِينَ أَوْ مُفْرِدِينَ أَرَادَ بَعْضَهُمْ وَهُمْ الَّذِينَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَظَنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ (إنْ اعْتِمَارٌ عَامَ حَجٍّ يَقَعْ) أَيْ: إنْ يَقَعْ اعْتِمَارُهُ عَامَ حَجِّهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ مَفْضُولٌ لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الِاعْتِمَارِ عَنْ عَامِ حَجِّهِ (وَهْوَ) أَيْ: الْإِفْرَادُ (سِوَى الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ) بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ أَوْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ فِيهَا عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ عَلَى مَسَافَتِهِ وَلَمْ يَحُجَّ عَامَ الْعُمْرَةِ أَوْ يَحُجَّ عَامَهَا وَيَعُودَ إلَى مِيقَاتٍ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَا سِوَى الْأُولَى تَمَتُّعٌ لَكِنْ لَا يُوجِبُ دَمًا.

. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ أَرْكَانِ النُّسُكَيْنِ وَوُجُوهِ أَدَائِهِمَا أَخَذَ فِي ذِكْرِ سُنَنِهِمَا فَقَالَ (وَالسُّنَّةُ الْغُسْلُ لِإِحْرَامٍ) إذَا (نَوَى) أَيْ: نَوَاهُ بِمَعْنَى أَرَادَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ غُسْلُ الْمُسْتَقْبَلِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا وَمِثْلُهُ حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ انْقَطَعَ دَمُهُمَا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يَغْسِلُهُ وَلِيُّهُ وَزَادَ قَوْلَهُ نَوَى بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِبَيَانِ وَقْتِ الْغُسْلِ (وَلِدُخُولِ مَكَّةٍ) بِصَرْفِهَا لِلْوَزْنِ (بِذِي طُوَى) بِتَثْلِيثِ الطَّاءِ وَادٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هَذَا إنْ كَانَتْ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَإِلَّا اغْتَسَلَ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلَوْ قِيلَ: يُسَنُّ لَهُ التَّعْرِيجُ إلَيْهَا وَالِاغْتِسَالُ بِهَا اقْتِدَاءً وَتَبَرُّكًا لَمْ يَبْعُدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَانَ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِهَا لِحُصُولِ النَّظَافَةِ بِالْغُسْلِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ كَالْجِعْرَانَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الِاعْتِمَارِ عَنْ عَامِ حَجِّهِ) اُنْظُرْ تَأْخِيرَ الْحَجِّ عَنْ عَامِ اعْتِمَارِهِ. (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْأُولَى) تَمَتُّعٌ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِي الرَّابِعَةِ أَصْلًا أَوْ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَلْيُنْظَرْ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ) أَيْ: الْإِحْرَامَ. (قَوْلُهُ: وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ جُنُبًا فَقَدْ تَرَكَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَائِدَتُهُ بَيَانُ كَرَاهَةِ إحْرَامِ الْجُنُبِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْهُ مُطْلَقًا بِأَنْ تَدَارَكَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَرَاهَةِ تَرْكِهِ كَرَاهَةُ نَفْسِ الْإِحْرَامِ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَعْلِيقِ الْكَرَاهَةِ بِتَرْكِهِ وَتَعَلُّقِهَا بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا أَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: انْقَطَعَ دَمُهُمَا) قَضِيَّةُ تَقْيِيدِ كَرَاهَةِ إحْرَامِهِمَا بِدُونِ غُسْلٍ بِمَا إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إحْرَامِهِمَا بِدُونِهِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ وَأَمَّا تَرْكُهُمَا الْغُسْلَ فِي الْحَالَيْنِ مُطْلَقًا فَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ كَرَاهَتُهُ فَلْيُحَرَّرْ وَسَيَأْتِي مَا سَيُصَرِّحُ بِاسْتِحْبَابِ غُسْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ دَمُهُمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِحَيْضٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَمْ يُرِدْ الدُّخُولَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ مِنْ ذِي طُوًى؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: بِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَيَّامِ يَقْتَضِي جَوَازَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالزَّوَالِ -

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَظَنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ) وَلِكَوْنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أُمُورٍ جَائِزَةٍ مِنْ الْإِفْرَادِ وَقَسِيمَيْهِ لَمْ يُبَالِغْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِالْفَحْصِ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ بَلْ اكْتَفَى بِفَهْمِهِ وَظَنِّهِ فَبَادَرَ إلَى الْإِخْبَارِ بِمَا فَهِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ مِنْ غَيْرِ إمْعَانٍ فِي عِلْمِ حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فِي مُبَاحٍ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ. (قَوْلُهُ أَيْ: أَنْ يَقَعَ اعْتِمَارُهُ) أَيْ: نِيَّةُ الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَخَّرَ أَعْمَالَهَا عَنْ سُنَّةِ الْحَجِّ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ.

. (قَوْلُهُ: الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ الْآتِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَغْسَالَ إنْ نُوِيَتْ حَصَلَتْ تَجَانَسَتْ أَوْ لَا وَإِنْ نُوِيَ وَاحِدٌ حَصَلَ هُوَ وَمِثْلُهُ لَا غَيْرُهُ فَمَنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَجُمُعَةٌ لَا يَحْصُلَانِ إلَّا إنْ نَوَى فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا حَصَلَ فَقَطْ وَمَنْ عَلَيْهِ غُسْلُ جُمُعَةٍ وَغُسْلُ عِيدٍ إذَا نَوَى أَحَدَهُمَا حَصَلَ الْآخَرُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي التَّحِيَّةِ وَمَنْ عَلَيْهِ غُسْلُ جُمُعَةٍ وَإِحْرَامٍ لَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ حَصَلَ لِلْإِحْرَامِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ مِثْلَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ اشْتِرَاطُهَا حَتَّى فِي نَحْوِ الْحَائِضِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ النَّظَافَةُ وَالْعِبَادَةُ أَوْ الْعِبَادَةُ فَقَطْ نَعَمْ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْ الْإِحْرَامِ كَغُسْلِ نَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ شَمِلَتْهُ كَالطَّوَافِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ احْتِيَاجُهُ لِلنِّيَّةِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ نَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ بِأَنَّ الطَّوَافَ مِنْ جُمْلَةِ هَيْئَةِ الْحَجِّ الْمَنْوِيَّةِ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ انْفِكَاكُهُ فَشَمِلَتْهُ النِّيَّةُ بِخِلَافِ نَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِكَيْفِيَّةِ الْحَجِّ الْمَنْوِيَّةِ فَاحْتَاجَ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ) أَيْ: فَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ حَتَّى يُتَصَوَّرَ فِيهِ الْوُجُوبُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ حَتَّى يُتَصَوَّرَ فِيهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ وَجَبَ وَإِلَّا وَرَدَ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ انْقَطَعَ دَمُهُمَا) أَوْ أَمْكَنَهُمَا الْمُقَامُ فِي الْمِيقَاتِ حَتَّى يَنْقَطِعَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَادٍ) أَيْ: ذُو طُوًى وَادٍ وَطُوًى اسْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>