للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِحْرَامِ كَالطِّيبِ أَمَّا الْخِضَابُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَمَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الشَّعَثِ وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ لَمْ تُرِدْهُ وَكَانَتْ خَلِيَّةً لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَلِيَّةً فَمَسْنُونٌ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِحَلِيلِهَا كُلَّ وَقْتٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِتَعْمِيمِ الْيَدِ بِالْحِنَّاءِ التَّنْقِيشُ وَالتَّطْرِيفُ وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا حَلِيلُهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ إلَّا لِحَاجَةٍ.

. (وَ) السُّنَّةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْمَخِيطِ (لُبْسُ أَبْيَضَيْ إزَارٍ وَرِدَا) جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ (لَهُ) أَيْ: لِلرَّجُلِ (وَ) السُّنَّةُ لَهُ أَيْضًا لُبْسُ (نَعْلَيْنِ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ» وَتَقَدَّمَ خَبَرُ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» وَرَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» وَقَوْلُهُ: لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى وَخَرَجَ بِهِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا لُبْسُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا تَجَرُّدَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ.

(وَ) السُّنَّةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ (رَكْعَتَانِ) لَهُ رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] (وَالْفَرْضُ) وَكَذَا النَّفَلُ الرَّاتِبُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي (يُغْنِي) عَنْهُمَا كَالتَّحِيَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ نَافِلَةً فَإِنْ أَهَلَّ فِي إثْرِ مَكْتُوبَةٍ أَوْ فِي غَيْرِ إثْرِ صَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ اهـ. وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ إثْرَ مَكْتُوبَةٍ.

(وَيُلَبِّيَانِ) أَيْ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى وَلَوْ مَعَ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (سَيْرًا وَنِيَّةً وَكُلَّ مَصْعَدِ وَمَهْبِطٍ) اسْمَيْ مَكَانِ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ أَوْ مَصْدَرَيْنِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ اللَّذَيْنِ عَبَّرَ بِهِمَا الْحَاوِي وَهُوَ أَوْلَى وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَنُّ التَّلْبِيَةُ عِنْدَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَإِكْثَارُهَا فِي دَوَامِهِ وَتَتَأَكَّدُ سُنِّيَّتُهَا فِي السَّيْرِ وَكُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ (وَ) حُدُوثِ (حَادِثٍ) مِنْ رُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَاجْتِمَاعِ رُفْقَةٍ وَفَرَاغِ صَلَاةٍ وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَغَيْرِهَا مِنْ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ.

ــ

[حاشية العبادي]

فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

. (قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ لَهُ) أَيْ: لِلْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: الرَّاتِبُ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالتَّحِيَّةِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالرَّاتِبِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَيْ: وَمَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ تَقَدَّمَتْ إرَادَتُهُ الْإِحْرَامَ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ. (قَوْلُهُ: إثْرَ مَكْتُوبَةٍ) تُنَازِعُهُ أَرَادَ وَيُهِلَّ بِرّ.

. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) كَانَ وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ سَبَبَ التَّأْكِيدِ نَفْسُ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ لِإِمْكَانِهِمَا وَمَكَانُهُمَا قَدْ لَا يَسْتَلْزِمُهُمَا سم. (قَوْلُهُ: عِنْدَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ: عَقِبَهَا لَا مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ: غَيْرُ الْمُحِدَّةِ م ر وَقِ ل. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُرِدْهُ) أَيْ: الْإِحْرَامَ. (قَوْلُهُ وَالتَّطْرِيفُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّطْرِيفِ الْمُحَرَّمِ تَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ بِالْحِنَّاءِ مَعَ السَّوَادِ أَمَّا بِالْحِنَّاءِ وَحْدَهُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ اهـ فَقَوْلُهُ: هُنَا بِالسَّوَادِ رَاجِعٌ لِلتَّطْرِيفِ أَيْضًا قَالَ الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي النَّقْشِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ: فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ أَوْ الْخُنْثَى الْبَالِغَانِ فَتَجُوزُ الْحِنَّاءُ لِلصَّبِيِّ كَالْحَرِيرِ. اهـ. ق ل أَيْضًا.

. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ التَّجَرُّدِ) وَالتَّجَرُّدُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ لِيَكُونَ مُتَجَرِّدًا حَالَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ مَسْنُونٌ وَيَحْصُلُ الْوَاجِبُ بِالتَّجَرُّدِ عَقِبَهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ اهـ وَاسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِخَلْعِهِ حَالًا فَكَذَا هُنَا وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِتَمَامِ نِيَّتِهِ تَبَيَّنَ دُخُولُهُ بِأَوَّلِ لَحْظَةٍ مِنْهَا فِي النُّسُكِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُحْرِمٌ مِنْ أَوَّلِهَا فَوَجَبَ التَّجَرُّدُ قَبْلَهَا لِيَتَحَقَّقَ التَّجَرُّدُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَأَمَّا خَلْعُ الثَّوْبِ فَلَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَلِفِ وَبِخَلْعِهِ حَالًا انْتَفَى عَنْهُ اللُّبْسُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا) لَكِنْ يُسَنُّ لَهُمَا الْأَبْيَضُ وَالْجَدِيدُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

. (قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ) وَيُسِرُّهُمَا وَلَوْ لَيْلًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ فَرْضًا كَالصُّبْحِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. اهـ. ح ل وَانْظُرْ وَجْهَ مُخَالَفَتِهِمَا لِغَيْرِهِمَا كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ حَيْثُ يَجْهَرُ فِيهِمَا لَيْلًا اهـ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِحْرَامَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا فَعَدَمُ الْجَهْرِ فِيهِمَا أَقْرَبُ لِلْإِخْلَاصِ فِيهِ وَأَمَّا رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُهُمَا فَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ الْإِخْلَاصِ فِيهِمَا أَوْ يُقَالُ إنَّ مَبْدَأَ الْعِبَادَةِ يُرَاعَى فِيهِ الْإِخْلَاصُ أَكْثَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ» خَاصَّةً وَلَمْ يَثْبُتْ بَلْ الَّذِي ثَبَتَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ رَكِبَ» . اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

. (قَوْلُهُ: وَفَرَاغِ صَلَاةٍ) فِي ع ش يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَكَذَا تَقْدِيمُ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>