للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَسْجِدِ) وَلَوْ بِغَيْرِ مَوَاضِعِ النُّسُكِ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ لَزِمَ تَلْبِيَتَهُ» (لَا فِي طَوَافِ قَادِمٍ) وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ فَلَا يُسَنُّ فِيهِمَا التَّلْبِيَةُ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا أَذْكَارًا خَاصَّةً وَكَذَا فِي طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْوَدَاعِ وَإِنَّمَا خُصَّ طَوَافُ الْقُدُومِ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ دُونَهُمَا؛ لِأَنَّ الطَّائِفَ فِيهِمَا أَخَذَ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي كُلِّ طَوَافٍ يَتَنَفَّلُ بِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ فَلَوْ أَطْلَقَ النَّاظِمُ الطَّوَافَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَتُكْرَهُ التَّلْبِيَةُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى تَلْبِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ يُكَرِّرُهَا وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَالرَّجُلُ يَرْفَعُ) نَدْبًا (صَوْتًا) لَهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي دَوَامِ الْإِحْرَامِ بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُهُ لِخَبَرِ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بِخِلَافِ رَفْعِ صَوْتِهِ بِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يَرْفَعَانِ صَوْتَهُمَا بَلْ يُسْمِعَانِ أَنْفُسَهُمَا فَقَطْ كَمَا فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فَإِنْ رَفَعَاهُ كُرِهَ وَفَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ حَيْثُ حَرُمَ فِيهِ ذَلِكَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى الْأَذَانِ وَاشْتِغَالِ كُلِّ أَحَدٍ بِتَلْبِيَتِهِ عَنْ سَمَاعِ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ وَيُسَنُّ بَعْدَهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ أَخْفَضَ صَوْتًا مِنْهَا ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنْ النَّارِ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا أَحَبَّ.

(فَرْعٌ)

حَكَى فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ مَا مَرَّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا لَبَّى يُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَبِّيَ ثَلَاثًا وَعَنْ الْأَصَحِّ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ فَقِيلَ: يُكَرِّرُ ثَلَاثًا لَبَّيْكَ وَقِيلَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَقِيلَ: جَمِيعَ التَّلْبِيَةِ قَالَ وَالثَّالِثُ هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّوَابُ وَالْأَوَّلَانِ فَاسِدَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا تَغْيِيرًا لِلَفْظِ التَّلْبِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ.

(وَإِلَيْهَا دَخَلُوا عَلَى كَدَاءٍ) أَيْ: وَالسُّنَّةُ الدُّخُولُ إلَى مَكَّةَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءِ الْعُلْيَا بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ) ثَنِيَّةِ (كُدَى) السُّفْلَى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ لَكِنْ حَذَفَهُ النَّاظِمُ لِلْوَقْفِ وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَدَلِيلُ مَا ذَكَرَهُ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَالذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْإِيَابُ مِنْ أُخْرَى كَالْعِيدِ وَغَيْرِهِ لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَخُصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَوْضِعًا عَالِيَ الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجُ عَكْسُهُ وَلِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ قَالَ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: ٣٧] كَانَ عَلَى الْعَلْيَاءِ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ ذَلِكَ لِبُعْدِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَكْثَرِ الْبِلَادِ كَمَا قَالُوا فِي قَاصِدِ الْعِيدِ وَنَحْوِهِ إنَّهُ يَذْهَبُ فِي أَبْعَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِزِيَادَةِ الْأَجْرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّ الدُّخُولَ مِنْهَا سُنَّةٌ لِكُلِّ دَاخِلٍ فَالْآتِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَسْجِدٍ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلِكُلِّ مَسْجِدٍ حَتَّى الْحَرَامِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَسْجِدِ الْخِيفِ وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: صَوْتًا) وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ ذَاكِرٍ أَوْ نَائِمٍ وَإِلَّا كُرِهَ عب أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّشْوِيشَ وَإِلَّا حَرُمَ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُهُ) أَيْ: الرَّفْعُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا يَجْهَرَانِ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ وَفِي الْخَلْوَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْإِصْغَاءِ) أَيْ: يُطْلَبُ الْإِصْغَاءُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ) أَيْ: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ أَخْفَضَ إلَخْ.

. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّهَيْلِيُّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِغَيْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

يُقَالُ عَقِبَ الْأَذَانِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِهَا وَعَدَمِ فَوَاتِهَا وَفِي ق ل أَنَّهُ لَا تَفُوتُ بِهَا الْأَذْكَارُ الْوَارِدَةُ كَمَا فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ اهـ فَلْيُنْظَرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ عب لِحَجَرٍ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ هُنَا وَبَعْدَ فَرَاغِ صَلَاةٍ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَذْكَارِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ فَهِيَ كَالتَّكْبِيرِ الْمُقَيَّدِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ) لِأَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُسَمِّيَ فِيهَا مَا أَحْرَمَ بِهِ فَطُلِبَ الْإِسْرَارُ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَقُ بِالْإِخْلَاصِ. اهـ. تُحْفَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ يَجْهَرُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ بِالْإِصْغَاءِ) أَيْ: طَلَبِهِ وَبِطَلَبِ النَّظَرِ إلَى الْمُؤَذِّنِ بِخِلَافِ الْمُلَبِّي. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِصْغَاءِ) أَيْ: طَلَبِهِ وَقَوْلُهُ: وَاشْتِغَالِ إلَخْ لَا يَأْتِي فِيمَنْ حَضَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُحْرِمِينَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الْقَارِنُ هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِإِيضَاحٍ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ الْعُلْيَا) تُعْرَفُ بِالْمُعَلَّى وَتُسَمَّى بِالْحَجُونِ يَنْحَدِرُ مِنْهَا عَلَى الْمَقَابِرِ وَفِي الْقَامُوسِ الْكَدَاءُ كَسَمَاءٍ اسْمُ عَرَفَاتٍ وَجَبَلٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ مِنْهُ وَكَسُمَى جَبَلٍ بِأَسْفَلِهَا خَرَجَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَجَبَلٍ آخَرَ بِقُرْبِ عَرَفَةَ وَكَقُرَى جَبَلِ مَسْفَلَةَ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ وَكَدًى مَقْصُورَةٌ كَفَتًى ثَنِيَّةٌ بِالطَّائِفِ وَغَلِطَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا اهـ فِي غُنْيَةً النَّبِيهِ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ يَتَحَصَّلُ مِنْ اخْتِلَافِ النُّقُولِ فِي كُدًى خَمْسَةُ أَوْجُهٌ أَحَدُهُمَا فَتْحُ الْكَافِ وَالْمَدِّ مَصْرُوفًا ثَانِيهَا كَذَلِكَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ ثَالِثُهَا الْفَتْحُ وَالْقَصْرُ رَابِعُهَا الضَّمُّ وَالْقَصْرُ خَامِسُهَا الضَّمُّ وَالتَّشْدِيدُ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَلَى شَرْحِ بِأَفْضَلَ.

(قَوْلُهُ: ثَنِيَّةِ) هِيَ طَرِيقٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>