للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَدِينَةِ يُؤْمَرُ بِالتَّعْرِيجِ لِيَدْخُلَ مِنْهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لِمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَجَ إلَيْهَا قَصْدًا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ تَخْصِيصَهُ بِالْآتِي مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ لِلْمَشَقَّةِ وَأَنَّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا كَانَ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ بِذِي طُوًى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي كَدَاءٍ مِنْ الْحِكْمَةِ غَيْرُ حَاصِلٍ بِسُلُوكِ غَيْرِهَا وَفِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ النَّظَافَةُ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَالَ نَعَمْ فِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمِعْرَاجَ لِلدُّخُولِ يَنْتَهِي إلَى مَا يَدْخُلُ مِنْهُ الْآتِي مِنْ الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا يَمُرُّ بِذِي طُوًى أَوْ يُقَارِبُهُ جِدًّا كَالْآتِي مِنْ الْيَمِينِ فَإِذَا أُمِرَ الْمَدَنِيُّ بِذَهَابِهِ إلَى قِبَلِ وَجْهِهِ لِيَغْتَسِلَ بِذِي طُوًى ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى خَلْفٍ فَأَمْرُ الْيَمَنِيِّ وَقَدْ مَرَّ بِهِ أَوْ قَارَبَهُ بِالْأَوْلَى وَأَقُولُ لَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ قَبْلَ تَعْرِيجِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْرِيجِ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ لَا لِيَغْتَسِلَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ دُخُولَ مَكَّةَ مَاشِيًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ.

(وَلِلَقَا الْبَيْتِ) عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ (دُعَاءٌ وَرَدَا) عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ الْحَاوِي وَتَرَكَهُ النَّاظِمُ لِشُهْرَتِهِ وَهُوَ «اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ مُنْقَطِعٌ وَاَلَّذِي فِي الْحَاوِي وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَعَظِّمْهُ بَدَلَ وَكَرِّمْهُ خِلَافُ الْمَرْوِيِّ وَزَادَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ فِي ذِكْرِ الْبَيْتِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَهَابَةً وَبِرًّا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْخَبَرِ وَلَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ بَلْ الْبَيْتُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ وَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ الْبِرَّ إلَيْهِ قُلْت بَلْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ بِرٌّ بِأَنْ يَشْهَدَ لِزَائِرِيهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ قُلْت وَلِإِطْلَاقِهِ عَلَيْهِ وَجْهٌ صَحِيحٌ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَكْثَرَ زَائِرِيهِ فَبِرُّهُ زِيَارَتُهُ كَمَا أَنَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ زِيَارَتُهُمْ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي الْخَبَرِ أَيْ: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ لَكِنَّ رِوَايَتَهُ مُرْسَلَةٌ فِي إسْنَادِهَا مَجْهُولٌ وَضَعِيفٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَأَهَمُّهَا الْمَغْفِرَةُ وَكَمَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ قَصَدَ الْمَسْجِدَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَوْبَ طَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَى أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مِنْهُ وَخَرَجَ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ إلَى الصَّفَا» وَهَذَا بِخِلَافِ الدُّخُولِ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُحْرِمِ أَيْضًا كَاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْيَمِينِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَالْيَسَارِ لِلْخَارِجِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عِبَادَةً فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَرِدْ نَقْلٌ يَدْفَعُهُ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ لِيَغْتَسِلَ بَلْ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيجَ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ اهـ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ نُدِبَ لَهُ تَأْخِيرُ الْغُسْلِ إلَى ذِي طُوًى فَيَغْتَسِلُ مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

. (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْمَدْعَى.

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: الْجُوَيْنِيُّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْقُشَيْرِيِّ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَعْتَقِدُونَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيٌّ فِي عَصْرِهِ لَمَا كَانَ إلَّا هُوَ وَجُوَيْنُ نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي نَيْسَابُورَ تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ اهـ مِنْ رِسَالَةِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: كَانَ اتِّفَاقًا) رَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى نَهْجِ الطَّرِيقِ بَلْ عَدَلَ إلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَعَمِّدًا لَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَقْضِي بِهِ الْحِسُّ وَالْعِيَانُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ذَا طُوًى قُرْبَ قُعَيْقِعَانَ فَالنَّازِلُ بِهَا لَا يَصِيرُ الْحَجُونُ الثَّانِي عَلَى طَرِيقِهِ أَصْلًا فَالذَّهَابُ إلَيْهِ تَعْرِيجٌ قَطْعًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ دَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذِي طُوًى إلَيْهَا فَإِنَّ جَادَّةَ طَرِيقِهِ كَانَتْ عَلَى الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى فَنَزَلَ عَلَيْهَا إلَى الْعُلْيَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَفِي عَامِ الْفَتْحِ فَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَاجِّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: كَالْآتِي مِنْ الْيَمَنِ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِ جِدَّةَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ) أَيْ: لَا يُؤْمَرُ بِهِ لِيَغْتَسِلَ بَلْ هُوَ قَبْلَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيجَ لِيَدْخُلَ مِنْ كُدًى اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

. (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَالدَّاخِلُ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا يَرَاهُ أَيْ: الْبَيْتَ مِنْ رَأْسِ الرَّدْمِ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَيَقِفَ وَيَدْعُوَ. (قَوْلُهُ: تَشْرِيفًا) أَيْ: تَرَفُّعًا وَإِعْلَاءً وَتَكْرِيمًا أَيْ: تَفَضُّلًا وَمَهَابَةً أَيْ: تَوْقِيرًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: أَيْ: تَفْضِيلًا أَيْ: عَلَى زَائِرِيهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْمَرْوِيِّ) وَقِيلَ إنَّهُ وَارِدٌ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: وَفِي ذِكْرِ الْبَيْتِ) أَيْ: دُعَائِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ الْبِرَّ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) هُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي فِيهَا هَذَا الْبَابُ تُقَابِلُ بَابَ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اللَّذَانِ جِهَتُهُمَا أَشْرَفُ جِهَاتِهَا. (قَوْلُهُ: بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ) هُوَ بَابُ الصَّفَا حَجَرٌ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>