للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِتَرَدُّدِهِمْ فِي أَنَّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا كَانَ قَصْدًا أَوْ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لَا يَشُقُّ بِخِلَافِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ بِلِقَاءِ الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِرُؤْيَتِهِ لِشُمُولِهِ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ (وَ) السُّنَّةُ أَنْ (يُحْرِمَنْ بِنُسُكٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مَنْ يَدْخُلُ) أَيْ: مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ (مَكَّةَ لَا لِلنُّسُكِ) كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ سَوَاءٌ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ وَتَاجِرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ أَمَّا مُرِيدُ الدُّخُولِ لِلنُّسُكِ فَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَدُخُولُ الْحَرَمَ فِي ذَلِكَ كَدُخُولِ مَكَّةَ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ.

(وَ) السُّنَّةُ (التَّرَجُّلُ) أَيْ: الْمَشْيُ (لِطَائِفٍ) وَلَوْ امْرَأَةً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَا يَرْكَبُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لِئَلَّا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ وَيُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ وَإِنَّمَا رَكِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَظْهَرَ فَيُسْتَفْتَى فَلِمَنْ اُحْتِيجَ إلَى ظُهُورِهِ لِلْفَتْوَى أَنْ يَتَأَسَّى بِهِ فَلَوْ رَكِبَ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ ذِكْرِهِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى كَرَاهَةِ الطَّوَافِ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ سِوَاهُ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ فَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ ثُمَّ قَالَ قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ لَوْ طَافَ فِي حِذَاءٍ طَاهِرٍ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِبَاطِنِ الْقَدَمِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ فَلَا يُكْرَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ طَافَ زَحْفًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ.

(وَحَجَرًا يُقَبِّلُ) أَيْ: وَالسُّنَّةُ لِلطَّائِفِ أَنْ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ وَيَسْتَلِمَهُ بِيَدِهِ قَبْلَ تَقْبِيلِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عُمَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِمْ فِي أَنَّ إلَخْ) هَلَّا جَرَى التَّرَدُّدُ فِي الدُّخُولِ مِنْهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَلَّا) قَالَ أَوْ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ مُطْلَقًا.

. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْقَلْبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ م ر وَكَذَا يُقَالُ فِي إدْخَالِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهُ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَاحْتِيجَ لِدُخُولِهِ لِلطَّوَافِ اُسْتُوْثِقَ بِتَحْفِيظِهِ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى كَرَاهَةِ الطَّوَافِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ نَقُولُ إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الرُّكُوبُ دُونَ نَفْسِ الطَّوَافِ كَمَا قِيلَ فِي الْغِنَاءِ بِالْآلَةِ إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ الْآلَةُ لَا نَفْسُ الْغِنَاءِ قُلْت هُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْآلَةِ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْغِنَاءِ مُجَاوِرٌ لَهُ وَالرُّكُوبُ صِفَةٌ لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ الَّذِي هُوَ الطَّوَافُ غَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: عَلَى كَرَاهَةِ الطَّوَافِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ فِي النَّصِّ الْكَرَاهَةُ الْخَفِيفَةُ وَهِيَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ الْمُفْنِيَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ وَمِمَّا يُقَرِّبُ هَذَا الْحَمْلَ أَنَّ قِسْمَ خِلَافِ الْأَوْلَى مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَالْأَقْدَمُونَ لَا يُثْبِتُونَ إلَّا الْكَرَاهَةَ وَيُقَسِّمُونَهَا إلَى شَدِيدَةٍ وَخَفِيفَةٍ فَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي مُخَالَفَةِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

. (قَوْلُهُ: وَحَجَرًا يُقَبِّلُ) . (فَرْعٌ)

لَوْ خُلِقَ لَهُ فَمَانِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَتْ زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا وَتَمْيِيزُهُ فَالْمُعْتَبَرُ التَّقْبِيلُ بِالْأَصْلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ اُحْتِيجَ لِلتَّقْبِيلِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَصْلِيَّيْنِ اُتُّجِهَ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ) الْوَجْهُ طَلَبُ السُّجُودِ عَلَيْهِ بِجِهَتِهِ بِلَا حَائِلٍ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا الْأَكْمَلُ وَأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ مَعَ حَائِلٍ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَلِمَهُ بِيَدِهِ) وَالْيُمْنَى أَوْلَى ح ج وَلَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى بِتَمَامِهَا فَيَنْبَغِي الِاسْتِلَامُ بِالْيُسْرَى وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ لَا يُشِيرُ بِمُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى وَإِنْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى لِبِنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَفِّ عَنْ الْحَرَكَةِ مَا أَمْكَنَ -

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَمَثَّلَهُ حَجَرٌ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي الْبَصِيرِ مَعَ عَدَمِ الظُّلْمَةِ أَنَّهُ لَا يَقُولُهُ إلَّا إذَا عَايَنَ الْبَيْتَ وَلَا يَكْفِي وُصُولُهُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ يَرَى مِنْهُ الْبَيْتَ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْأَبْنِيَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِرَأْسِ الرَّدْمِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهُنَاكَ يَقِفُ وَيَدْعُو لِأَنَّ ذَاكَ دُعَاءٌ بِمَا أَرَادَ لَا بِالْوَارِدِ.

. (قَوْلُهُ لِيَظْهَرَ) أَيْ: مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوْلَى) عَبَّرَ عَنْهُ م ر بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ) عَلَى مَا نَقَلَهُ فِيهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَنْ جَزْمِ جَمَاعَةٍ بِهَا فَقَالَ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهَا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يُؤْمَنُ) الْمُرَادُ بِالْأَمْنِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ يَصِلُ إلَى الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) قَالَ شَيْخُنَا م ر هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ وَإِلَّا كُرِهَ وَمَعَ أَمْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) الْمُعْتَمَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>