الْإِزَارِ (أَوْ كَانَ فِيهِ) أَيْ: الْإِزَارِ (تِكَّةٌ) بِكَسْرِ التَّاءِ (فِي حُجَزَهْ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ: حُجْزَةِ الْإِزَارِ أَيْ: مَعْقِدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ السَّتْرُ بِهِ لِحَاجَةِ ثُبُوتِهِ فِي الْأُولَى وَإِحْكَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ.
وَلَهُ أَنْ يَشُدَّ طَرَفَ إزَارِهِ بِطَرَفِ رِدَائِهِ وَيَحْرُمُ أَنْ يَعْقِدَ رِدَاءَهُ وَأَنْ يَخُلّهُ بِمِسَلَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَأَنْ يَرْبِطَ طَرَفَيْهِ بِخَيْطٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ غَرْزُهُ فِي إزَارِهِ وَالتَّوَشُّحُ بِهِ (وَلَا ارْتِدَاءٍ) أَيْ: وَلَا كَالِارْتِدَاءِ (بِقَمِيصٍ أَوْ قَبَا) كَمَا لَا يَحْرُمُ الِالْتِحَافُ بِهِمَا وَلَا الِاتِّزَارِ بِإِزَارٍ مُرَقَّعٍ وَلَا إدْخَالِ رِجْلَيْهِ سَاقَيْ الْخُفِّ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ بِمَا يُعْتَادُ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ بِخِلَافِ الْحِنْثِ بِهِ لِوُجُودِ اسْمِ اللُّبْسِ (وَلَا) كَشَدِّ وَسَطِهِ (بِهِمْيَانٍ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ: كِيسِ الدَّرَاهِمِ وَلَا بِالْمِنْطَقَةِ (وَسَيْفٍ) أَيْ: وَلَا كَتَقْلِيدِهِ بِسَيْفٍ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَدِمَتْ الصَّحَابَةُ مَكَّةَ مُتَقَلِّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ عَامَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبُخَارِيُّ (صَحِبَا) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ صِفَةٌ لِهِمْيَانَ وَسَيْفٍ أَيْ: صَحِبَا الْمُحْرِمَ أَوْ صُحِبَا مَعَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهِمَا وَبِالْقَبَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَلُفَّ بِوَسَطِهِ عِمَامَةً وَلَا يَعْقِدُهَا وَأَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ وَأَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي كُمِّ قَمِيصٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ.
(وَلَا) يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ السَّتْرُ بِمَا يُحِيطُ (لِحَاجَةٍ) مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَمُدَاوَاةٍ وَنَحْوِهَا (وَلَكِنْ بِدَمِ كَالْحَلْقِ دُونَ الْوَقْتِ) أَيْ: كَمَا لَا يَحْرُمُ الْحَلْقُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ (لِلتَّأَلُّمِ) بِبَقَاءِ شَعْرِهِ لِجِرَاحَةٍ أَوْ كَثْرَةِ قَمْلٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ نَحْوِهَا مَعَ دَمٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ (وَهْوَ) أَيْ: دَمُ الْحَلْقِ (عَلَى الْحَالِقِ) وَلَوْ حَلَالًا (إنْ كُرْهًا حَلَقْ) أَيْ: إنْ حُلِقَ شَعْرُ الْمُحْرِمِ مُكْرَهًا أَيْ: أَوْ نَائِمًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ لَا الْعَارِيَّةِ، وَضَمَانُ الْوَدِيعَةِ مُخْتَصٌّ بِالْمُتْلِفِ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ فَلِلْمَحْلُوقِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ إذَا الْمُودِعُ خَصْمٌ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالسَّرِقَةِ أَنَّ الْمُودِعَ لَا يُخَاصَمُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسَلِمَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ هَذَا حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي الْمَحْلُوقِ وَجَبَتْ بِسَبَبِهِ وَبِأَنَّ نُسُكَهُ يَتِمُّ بِأَدَائِهَا فَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَنَقَلَ فِيهِ تَعْلِيلَهُ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِيَ عَنْ الْفَارِقِيِّ وَبِهِمَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَحْلُوقِ وَالْمُودِعِ.
وَلَهُ الْأَدَاءُ إنْ أَذِنَ لَهُ الْحَالِقُ وَإِلَّا فَلَا كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ
ــ
[حاشية العبادي]
كَذَلِكَ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْعِمَامَةِ وَلَا يَعْقِدُهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَشُدَّ طَرَفَ إزَارِهِ بِطَرَفِ رِدَائِهِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ لِلْمِنْهَاجِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ اهـ. وَأَوْرَدْت عَلَيْهِ أَنَّهُ هَلَّا جَازَ الْعَقْدُ أَيْضًا بَلْ وَخِيَاطَةُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِالْآخَرِ كَمَا لَوْ خَاطَ طَرَفَ الْإِزَارِ بِطَرَفِ الرِّدَاءِ قَبْلَ الِاتِّزَارِ وَالِارْتِدَاءِ ثُمَّ اتَّزَرَ بِجَانِبٍ مِنْهُ وَارْتَدَى بِجَانِبٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَثَوْبٍ طَوِيلٍ مُلَفَّقٍ مِنْ قِطَعِ خَيْطٍ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ اتَّزَرَ بِطَرَفِهِ وَارْتَدَى بِطَرَفِهِ الْآخَرِ فَأَجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ خِيَاطَةِ طَرَفِ أَحَدِهِمَا بِطَرَفِ الْآخَرِ أَوْ عَقْدِهِ قَبْلَ الِاتِّزَارِ وَالِارْتِدَاءِ وَبَعْدَهُمَا قَالَ وَقَدْ عُهِدَ جَوَازُ اسْتِصْحَابِ الشَّيْءِ إلَى الْإِحْرَامِ مَعَ امْتِنَاعِهِ كَمَا فِي التَّطَيُّبِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: طَرَفَ إزَارِهِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ شَدِّ طَرَفِ الْإِزَارِ بِطَرَفِ الرِّدَاءِ بِعَقْدِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ أَوْ بِجَمْعِهِمَا وَرَبْطِهِمَا بِنَحْوِ خَيْطٍ. (قَوْلُهُ: بِطَرَفِ رِدَائِهِ) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: صَحِبَا الْمُحْرِمَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَحِبَا الْمُحْرِمَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ صُحِبَا مَعَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: مُكْرَهًا) أَيْ: الْمُحْرِمُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ: الْمَحْلُوقُ الْأَدَاءُ إلَخْ.
[حاشية الشربيني]
مَا يُشْبِهُ الْقُفَّازَ بِهِ فِي حَقِّهَا تَدَبَّرْ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْقُفَّازَيْنِ عَلَيْهَا كَوْنُهُمَا مَعْمُولَيْنِ عَلَى قَدْرِ الْكَفَّيْنِ مَعَ كَوْنِهِمَا غَيْرَ عَوْرَةٍ وَلَيْسَتْ الْخِرْقَةُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ تَحْرِيمِ الْمَخِيطِ عَلَى الرَّجُلِ فَإِنَّ سَبَبَهُ النَّهْيُ فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ سم مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اللُّبْسُ فِي حَقِّهَا أَكْثَرَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهَا إلَّا الْقُفَّازَانِ حَقِيقَةً لَا مَا أَشْبَهَهُمَا أَيْضًا بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَقْدِ الرِّدَاءِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى الْحَالِقِ) وَلَوْ كَانَ الْحَالِقُ ثَلَاثَةَ أَنْفُسٍ فَأَخْرَجَ وَاحِدٌ ثُلُثَ شَاةٍ وَآخَرُ صَاعًا وَصَامَ الْآخَرُ يَوْمًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ جَازَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي ثَلَاثَةِ مُحْرِمِينَ قَتَلُوا ظَبْيَةً وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ ذَاكَ تَعْدِيلٌ وَبَدَلٌ فَلَا يَفُوتُ شَيْءٌ وَهَذَا تَقْدِيرٌ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ فَلَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ انْتَهَى. وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَوْجَهُ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى الْحَالِقِ) أَيْ: ابْتِدَاءً لَا أَنَّهُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ الْمَحْلُوقِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلْمُؤَدَّى عَنْهُ وَمِنْ هُنَا يُتَّجَهُ جَوَازُ دَفْعِهَا لِلْمَحْلُوقِ إذَا كَانَ مِسْكِينًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُودِعُ خَصْمٌ إلَخْ) لَوْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُودِعَ هُنَا خَصْمٌ لِوُجُوبِهَا بِسَبَبِهِ وَتَمَامِ نُسُكِهِ بِأَدَائِهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ انْدَفَعَ التَّنَافِي كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ الْحَالِقُ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْفِطْرَةِ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَأَخْرَجَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا رُجُوعَ لَهَا لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ السُّقُوطُ عَنْ الزَّوْجِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ مِنْهُ أَنَّ الْفِطْرَةَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً وَتَحَمَّلَهَا الزَّوْجُ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُتْلِفِ ابْتِدَاءً لَمْ يَتَعَلَّقْ مِنْهُ أَثَرٌ بِالْمَحْلُوقِ فَقَوِيَ شَبَهُهُ بِالْكَفَّارَةِ وَهِيَ لَا بُدَّ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute