للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ شَبِيهَةٌ بِالْكَفَّارَةِ وَخَرَجَ بِالْإِكْرَاهِ وَنَحْوِهِ مَا إذَا حَلَقَ لَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِهِ وَأَمْكَنَهُ مَنْعُهُ فَالدَّمُ عَلَى الْمَحْلُوقِ لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَلِإِضَافَةِ الْفِعْلِ فِي الْأُولَى إلَيْهِ بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ وَلَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ مُحْرِمٍ نَائِمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالدَّمُ عَلَى الْآمِرِ إنْ جَهِلَ الْحَالِقُ أَوْ أُكْرِهَ وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِقِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ الدَّمِ بِلُبْسِ مَا يُحِيطُ لِلْحَاجَةِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا فَاقِدٍ نَعْلًا إذَا الْخُفَّ خَرَقْ أَسْفَلَ كَعْبٍ أَوْ إزَارًا فَعَمْد لُبْسَ سَرَاوِيلَ) أَيْ: لَا إنْ فَقَدَ نَعْلًا بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ بِالطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّيَمُّمِ وَقَطَعَ الْخُفَّ أَسْفَلَ الْكَعْبِ وَلَبِسَهُ مَكَانَ النَّعْلِ أَوْ وَجَدَ مُكَعَّبًا فَلَبِسَهُ وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ فِيهَا بِبَاقِيهِمَا أَوْ فَقَدَ إزَارًا فَعَمَدَ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ: قَصَدَ لُبْسَ سَرَاوِيلَ فَلَبِسَهُ وَلَمْ يَتَأَتَّ الِاتِّزَارُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ فَإِنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ يَقُولُ السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ» أَيْ: مَعَ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ بِقَرِينَةِ خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ

وَالْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ الْجَائِزِ نَفْيُ الضَّمَانِ وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِ الْخُفِّ أَوْ السَّرَاوِيلِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّعْلِ وَالْإِزَارِ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ أَمَّا إذَا تَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِالسَّرَاوِيلِ عَلَى هَيْئَتِهِ فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ كَمَا يَحْرُمُ لُبْسُ الْقَمِيصِ عِنْدَ فَقْدِ الرِّدَاءِ بَلْ يَرْتَدِي بِهِ وَلَوْ أَمْكَنَ فَتْقُ السَّرَاوِيلِ وَجَعْلُهُ إزَارًا لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَيُفَارِقُ الْخُفَّ لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ) أَيْ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالٌ مُحْرِمًا أَوْ عَكْسُهُ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ إزَارًا) مَعْطُوفٌ عَلَى نَعْلًا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي الْمَنْعُ فَلْيُرَاجَعْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الْإِذْنِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَإِنَّمَا خُوطِبَتْ بِالْفِطْرَةِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ مَحْضُ الْإِتْلَافِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ شَيْءٌ مِنْهُ بِالْمَحْلُوقِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ شَبِيهَةٌ بِالْكَفَّارَةِ) أَيْ: فَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ اهـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَالدَّمُ عَلَى الْآمِرِ إنْ جَهِلَ الْحَالِقُ) وَيُفَارِقُ الْمَأْمُورَ بِإِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ حَيْثُ ضَمِنَ هُوَ بِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ هُنَا بِخِلَافِ مُتْلِفِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ فَإِنَّهُ مُقَصِّرٌ وَإِنْ جَهِلَ لِأَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فَإِنْ فُرِضَ خَفَاؤُهَا عَلَيْهِ فَهُوَ نَادِرٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَفِي الْكِفَايَةِ إنْ قِيلَ لَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ شَخْصًا بِقَتْلِ صَيْدٍ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُحْرِمِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا قِيلَ: إنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ ضَمِنَهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَا فَاقِدٍ نَعْلًا إلَخْ) مُقْتَضَى عِبَارَتِهِ كَعِبَارَةِ الْمَنْهَجِ تَخْصِيصُ عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ الْفَقْدِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَخِيطُ سَرَاوِيلَ أَوْ خُفًّا قُطِعَ أَوْ مُكَعَّبًا وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إنْ تُصُوِّرَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِحَاطَةِ الْمُعْتَادَةِ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ نَصُّ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي التُّحْفَةِ مِنْ جَوَازِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ بِلَا فِدْيَةٍ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا فَاقِدٍ نَعْلًا إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ لِفَقْدِ الْإِزَارِ بِلَا فِدْيَةٍ وَبَيْنَ الْحَلْقِ لِلْعُذْرِ مَعَ الْفِدْيَةِ أَنَّ الْحَلْقَ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ يُمْكِنُ الْمُصَابَرَةُ بِدُونِهِ فَنَاسَبَهُ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ مِنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ بِالْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَهُمَا بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ الْمُكَفِّرُ الْمَذْكُورُ بِنَحْوِ الْحَيْضِ وَالْجُنُونِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَلَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ مَا كَتَبْنَاهُ أَوَّلًا عَنْ الْجَمَلِ سَيَأْتِي عَنْ الْمَدَنِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْقَمِيصِ. (قَوْلُهُ: ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ) أَيْ: مَعَ الْأَصَابِعِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ) فَعِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْكَعْبَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا دُونَ مَا تَحْتَهُمَا وَإِنْ سَتَرَ رُءُوسَ الْأَصَابِعِ وَعَلَى هَذَا جَرَى حَجَرٌ فِي غَيْرِ التُّحْفَةِ وَالْإِيعَابِ كَغَيْرِهِ وَأَمَّا فِيهِمَا فَاعْتَمَدَ أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْهُ الْعَقِبُ وَرُءُوسُ الْأَصَابِعِ يَحِلُّ مُطْلَقًا وَمَا سَتَرَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ لَا يَحِلُّ إلَّا مَعَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ ثُمَّ الَّذِي جُوِّزَ لُبْسُهُ عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ الْيَمَنِيُّ قَالَ لِأَنَّ اللُّبْسَ فِي الْجُمْلَةِ حَاجَةٌ وَقَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَالنِّهَايَةِ هُوَ بَعِيدٌ بَلْ الْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَخَشْيَةِ تَنَجُّسِ رِجْلِهِ أَوْ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ كَوْنِ الْحِنَّاءِ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ وَفِي فَتْحِ الْجَوَّادِ لَا بُدَّ مِنْ أَدْنَى حَاجَةٍ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَلَى شَرْحِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ. (قَوْلُهُ: أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ) وَإِنْ سَتَرَ الْكَعْبَيْنِ وَالْأَصَابِعَ وَظَهْرَ الْقَدَمَيْنِ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ سم خِلَافًا لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْرُمُ لُبْسُ الْقَمِيصِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ بَدَنَهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ وَفِي الْمِنَحِ مِثْلُ السَّرَاوِيلِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى الِائْتِزَازُ بِهِ عَلَى هَيْئَةِ قَمِيصٍ كَذَلِكَ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ) أَيْ: مَعَ سُهُولَةِ أَمْرِهِ وَالْمُسَامَحَةِ فِيهِ بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>