ثَوْبًا مُطَيَّبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَشَ فَوْقَهُمَا ثَوْبًا وَنَامَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُكْرَهُ إنْ كَانَ الثَّوْبُ رَقِيقًا وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَرْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْوَاوُ بَعْدَهَا بِمَعْنَى أَوْ (قُلْتُ وَ) مِثْلُ (شَمِّ الْوَرْدِ لَا مَا اُسْتُحْلِبَا) أَيْ: لَا كَشَمِّ مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ الْوَرْدِ وَهُوَ مَاؤُهُ إذْ اسْتِعْمَالُهُ إنَّمَا هُوَ بِرَشِّهِ (وَ) مِثْلُ (بُطْءِ) أَيْ: تَأْخِيرِ (دَفْعِ قَادِرٍ) طِيبًا (أَلْقَى) أَيْ: أَلْقَاهُ (الْهَوَا عَلَيْهِ) أَوْ حَصَلَ بِنِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ فَإِنَّهُ تَطَيُّبٌ بِخِلَافِ طِيبِ الْإِحْرَامِ كَمَا مَرَّ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ أَوْ مُبَاحٍ بِخِلَافِ هَذَا.
وَجُعِلَتْ اسْتِدَامَةُ الطِّيبِ هُنَا طِيبًا بِخِلَافِهَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا عَدَمُ التَّرَفُّهِ وَهُنَاكَ صَدَقَ الِاسْمُ عُرْفًا وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ وَالْأَوْلَى فِي دَفْعِهِ الطِّيبَ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِهِ وَلَا تَضُرُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْإِزَالَةُ وَخَرَجَ بِالْقَادِرِ الْعَاجِزُ عَنْ الدَّفْعِ لِزَمَانَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّطَيُّبِ (لَا فَاكِهَةٍ) عَطْفٌ عَلَى رَيْحَانٍ أَيْ: لَا كَفَاكِهَةٍ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَأُتْرُجٍّ وَنَارَنْجٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تَطْيِيبًا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْصَدُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا (وَلَا دَوَا) كَالْقُرُنْفُلِ وَالسُّنْبُلِ وَالدَّارَصِينِيِّ وَالْفُلْفُلِ وَالْمَصْطَكَى؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْصَدُ لِلدَّوَاءِ غَالِبًا (وَ) لَا (نَوْرِ) أَيْ: زَهْرِ (أَشْجَارٍ) كَزَهْرِ السَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى وَالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ طِيبًا وَتَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ عَدُّ الْمُعَصْفَرِ مِنْ مَلْبُوسِ الْمُحْرِمَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَ) لَا (زَهْرِ الْبَدْوِ) أَيْ: الْبَادِيَةِ كَالشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَشَقَائِقِ النُّعْمَانِ وَالْإِذْخِرِ وَالْخَزَّامِي؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ طِيبًا وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَتْ وَتُعُهِّدَتْ كَالْوَرْدِ (وَ) لَا (الْبَانِ وَالدُّهْنِ لَهُ فِي الْمَرْوِيّ عَنْ نَصِّهِ) يَعْنِي فِيمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
لَكِنْ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طِيبٌ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ خِلَافًا مُحَقَّقًا بَلْ يُحْمَلَانِ عَلَى تَوَسُّطٍ فِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَهُوَ أَنَّ دُهْنَ الْبَانِ الْمَغْلِيِّ فِي الطِّيبِ طِيبٌ وَغَيْرَهُ لَيْسَ طِيبًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَاتٌ غَيْرُ صَاحِبَيْ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَنَقَلَهُ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ النَّصِّ اهـ. وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي دُهْنِ الْبَانِ لَا فِي الْبَانِ بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ طِيبًا قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
غَيْرِ أَنْ يَعْبَقَ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِ الطِّيبِ لَا أَثَرٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الثَّوْبُ رَقِيقًا) مَانِعًا لِلطِّيبِ مِنْ مَسِّ بَشَرَتِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِّ الْوَرْدِ) أَيْ: مَعَ اتِّصَالِهِ بِأَنْفِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ حُصُولَهُ بِإِلْقَاءِ الْهَوَاءِ أَوْ بِجَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَا يُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلَ مُكَلَّفٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: زَهْرِ أَشْجَارٍ) شَامِلٌ لِزَهْرِ النَّارَنْجِ. (قَوْلُهُ: الْمَغْلِيِّ فِي الطِّيبِ) وَالْإِغْلَاءُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الطَّرْحِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي دَهْنِ الْبَنَفْسَجِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ كَمَا يَكُونُ الدُّهْنُ إذَا غُلِيَ فِيهِ الطِّيبُ طِيبًا كَذَلِكَ الْبَانُ إذَا أُغْلِيَ فِي الطِّيبِ الَّذِي هُوَ دُهْنٌ كَمَاءِ الْوَرْدِ مَثَلًا يَكُونُ طِيبًا أَيْضًا وَيَصِحُّ فِيهِ الْحَمْلُ كَمَا يَصِحُّ فِي دَهْنِهِ قَالَ لَكِنْ فِي أَصْلِ الْحَمْلِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الْبَانَ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِخِلَافِ نَحْوِ مَاءِ الْوَرْدِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ إلْصَاقُهُ بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ لَا مُجَرَّدُ شَمِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. (قَوْلُهُ رَقِيقًا) أَيْ: مَانِعًا لِلطِّيبِ مِنْ مَسِّ بَشَرَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْعَدَمِ. اهـ. شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ أَلْقَاهُ الْهَوَاءُ) وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْفَاعِلِ فَإِنْ اسْتَدَامَهُ فَعَلَيْهِ أَيْضًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: قَصْدَهُ الْإِزَالَةُ) وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ خَلْعُ الثَّوْبِ مِنْ عُنُقِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ شَقُّهُ. اهـ. م ر شَرْحُ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: الْبَانِ) هُوَ ثَمَرُ شَجَرَةِ الْخِلَافِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْمَدَنِيُّ هُوَ عِنْدَ الْحَرَمَيْنِ اسْمٌ لِحُبُوبٍ مَخْصُوصَةٍ تَسْتَخْرِجُ النِّسَاءُ دُهْنَهَا لِدَهْنِ رُءُوسِهِنَّ وَهِيَ لَا طِيبَ فِيهَا أَلْبَتَّةَ اهـ لَكِنَّ الَّذِي فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنَّهُ ثَمَرُ شَجَرَةِ الْخِلَافِ مَا نَصُّهُ أَنَّهُ زَهْرٌ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْأَزْهَارِ رَائِحَةً وَأَنَّ النَّاسَ يُقْبِلُونَ عَلَى التَّطَيُّبِ بِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ طِيبًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَزْهَارِ الَّتِي هِيَ طِيبٌ اهـ وَلَوْ حُمِلَ النَّصَّانِ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لَارْتَفَعَ التَّنَاقُضُ بِلَا تَكَلُّفٍ. (قَوْلُهُ الْمَغْلِيِّ) نَعْتٌ لِلْبَانِ. اهـ. حَجَرٌ وَكَلَامُ الْجَوْجَرِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ نَعْتٌ لِلدُّهْنِ اهـ قَالَ الْمَدَنِيُّ الرَّاجِحُ أَنَّ الْبَانَ نَفْسَهُ طِيبٌ وَأَنَّ دُهْنَهُ إنْ كَانَ مَنْشُوشًا وَهُوَ الْمَخْلُوطُ بِالطِّيبِ فَهُوَ طِيبٌ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَفِي حَاشِيَةِ فَتْحِ الْجَوَّادِ لِلشَّارِحِ أَيْ: حَجَرٍ مَا مُلَخَّصُهُ النَّازِلُ مِنْ الْبَانِ إمَّا مُسْتَطَرٌ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهَذَا طِيبٌ فِي ذَاتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِغْلَاءِ فِي طِيبٍ آخَرَ وَإِمَّا مَعْصُورٌ بِلَا اسْتِقْصَارٍ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْ إغْلَائِهِ مَعَ طِيبٍ آخَرَ هَذَا كُلُّهُ فِي الدُّهْنِ الْحَقِيقِيِّ وَلَمْ يُذْكَرْ إلَّا فِي دُهْنِ الْبَانِ فَيَلْحَقُ بِهِ دُهْنُ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَأَمَّا دُهْنُهُ الْجَارِي وَهُوَ الشَّيْرَجُ فَإِنْ أُلْقِيَ فِيهِ الْبَانُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الطِّيبِ حَتَّى اخْتَلَطَ بِهِ أَوْ أُغْلِيَ مَعَهُ فَهُوَ طِيبٌ وَإِنْ أُلْقِيَ ذَاكَ مَعَ سِمْسِمٍ حَتَّى تَرَوَّحَ بِهِ ثُمَّ عُصِرَ السِّمْسِمُ كَانَ شَيْرَجُهُ غَيْرَ طِيبٍ؛ لِأَنَّهُ رِيحُ مُجَاوِرِهِ لَا اخْتِلَاطَ فِيهِ اهـ.
وَقَالَ حَجَرٌ فِي تِلْكَ الْحَاشِيَةِ قَبْلَ مَا نَقَلَهُ فِي بَعْضِ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طِيبٌ وَفِي بَعْضٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِطِيبٍ وَأَخَذَ قَوْمٌ بِالْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ وَقَوْمٌ بِالثَّانِي ثُمَّ ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمْلُ النَّصِّ عَلَى أَنَّ الْبَانَ وَدُهْنَهُ لَيْسَ بِطِيبٍ عَلَى الْبَانِ الْيَابِسِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ رِيحُهُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَالدُّهْنِ الْمَعْصُورِ بِلَا اسْتِقْصَارٍ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى أَنَّهُمَا طِيبٌ عَلَى الْبَانِ الرَّطْبِ وَالدُّهْنِ الْمُسْتَقْطَرِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَأَمَّا الْحَمْلُ عَلَى أَنَّ الْبَانَ الْمَغْلِيَّ فِي الطَّيِّبِ دُهْنُهُ طِيبٌ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ طِيبٍ إذْ لَا يَكُونُ