(الْقَضَاءَ) اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (ضِيقًا) بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا يَعْنِي مُضَيَّقًا؛ لِأَنَّهُ تَضْيِقٌ بِالشُّرُوعِ فِيهِ
وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ الَّذِينَ فَاتَهُمْ الْحَجُّ بِالْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ بِمَا ذُكِرَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِالْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ لِشُمُولِهِ الْقَضَاءَ قَبْلَهُ إذْ الْعُمْرَةُ يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا فِي عَامِ الْإِفْسَادِ وَكَذَا الْحَجُّ فِيمَا إذَا أُحْصِرَ عَنْ إتْمَامِهِ قَبْلَ وَطْئِهِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ تَحَلَّلَ ثُمَّ زَالَ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي عَامِهِ وَاسْتُشْكِلَ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ قَضَاءً بِأَنَّ مَنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الْوَقْتِ كَانَتْ أَدَاءً لَا قَضَاءً لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْقَضَاءَ هُنَا عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَبِأَنَّهُ يَتَضَيَّقُ وَقْتُهُ بِالْإِحْرَامِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَيَّقْ وَقْتُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ مُوقِعًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَالنُّسُكُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِوَقْتِ الْفَوَاتِ فَفِعْلُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خَارِجَ وَقْتِهِ فَصَحَّ وَصْفُهُ بِالْقَضَاءِ وَأَيَّدَ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ الْأَوَّلَ بِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ فِي التَّنْوِيهِ أَنَّهُ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ.
ثُمَّ قَالَ وَبَسَطَ الثَّانِيَ أَنَّ النُّسُكَ وَإِنْ وُقِّتَ بِالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي سَنَةٍ فَأَيُّ سَنَةٍ وَقَعَ فِيهَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا الْمَطْلُوبَةُ لِلْإِيقَاعِ وَأَنَّهَا وَقْتُهُ الْأَصْلِيُّ لَا الْعَارِضُ بِالْإِحْرَامِ فَالْمَعْنَى بِكَوْنِ الْعُمْرِ وَقْتًا لِلْحَجِّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَخْلُوَ الْعُمْرُ عَنْهُ لَا أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ وَقْتٌ لَهُ فَمَتَى أَفْسَدَهُ وَقَعَ الثَّانِي بَعْدَ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا فَكَانَ قَضَاءً وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ مُسْتَطِيعًا بِلَا أَدَاءً عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ جَمِيعَ الْعُمْرِ لَعَصَى مِنْ أَوَّلِهَا وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَوَقْتُهَا بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَبِإِيقَاعِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَقْتُهَا إذْ الْإِحْرَامُ بِهَا لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتَهَا بَلْ يُضَيِّقُهَا لِتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَبِتَقْدِيرِ تَمَامِهِ فِي الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ سَنَةِ الْإِفْسَادِ لَا يَتِمُّ فِي سَنَتِهِ فَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ كَتَكْفِيرِ الَّذِي أَسَاءَ بِارْتِكَابِهِ مَا يُوجِبُ التَّكْفِيرَ فَإِنَّهُ مُضَيِّقٌ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْكَفَّارَاتِ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْمُسِيءَ لَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَتَرْكِ) أَيْ: وَكَتَرْكِ (صَوْمٍ وَصَلَاةٍ بِاعْتِدَا) .
فَإِنَّ قَضَاءَهُمَا مُضَيَّقٌ بِخِلَافِ تَرْكِهِمَا بِلَا اعْتِدَاءٍ (وَبِالْقَضَاءِ يَحْصُلُ مَا) كَانَ (لَهُ الْأَدَا) مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَلَوْ أَفْسَدَ النَّفَلَ ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا وَأَرَادَ تَحْصِيلَ الْمَنْذُورِ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ مَا أَفْسَدَهُ غَيْرَ قَضَاءٍ فَإِنْ أَفْسَدَ قَضَاءً لَمْ يَقْضِهِ وَإِنَّمَا يَقْضِي مَا أَفْسَدَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ وَاحِدٌ (وَمِنْ صَبِيٍّ صَحَّ) الْقَضَاءُ (أَوْ مِنْ قِنِّ) اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَإِذَا أَحْرَمَا بِالْقَضَاءِ فَكَمُلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ إلَى فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ كَمَا عُلِمَ أَوَائِلَ الْبَابِ (وَعَمْدُهُ) أَعَادَهُ لِبُعْدِ الْعَهْدِ أَيْ: وَعَمْدُ الْوَطْءِ (يُوجِبُ) أَيْضًا (إحْدَى الْبُدْنِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَوْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا رَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ (وَلَوْ) كَانَ إفْسَادُ نُسُكِهِ (مَعَ الْإِفْسَادِ أَيْضًا لِلْمَرَهْ) أَيْ: لِنُسُكِهَا فَإِنَّ عَمْدَ وَطْئِهِ يُوجِبُ بَدَنَةً وَاحِدَةً عَلَيْهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ يَجْزِي عَنْهُمَا جَزُورٌ وَرَوَى هُوَ عَنْهُ أَيْضًا إنْ كَانَتْ أَعَانَتَك فَعَلَى كُلٍّ مِنْكُمَا بَدَنَةٌ وَإِلَّا فَعَلَيْك نَاقَةٌ وَحُمِلَتْ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهَا لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
الْإِجَارَةِ فِيمَا لَوْ صَبَغَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْجَحْدِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ إذْ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّبْغِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْجَحْدِ لَكِنْ يَشْكُلُ التَّنْظِيرُ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ الْمَتْنُ بِالصَّرْفِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ سم.
. (قَوْلُهُ: لَا الْعَارِضُ بِالْإِحْرَامِ) أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ وَقْتٌ عَارِضٌ بِالْإِحْرَامِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ فَالْمُعَيَّنُ يَكُونُ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ: أَسَاءَ بِارْتِكَابِهِ مَا يُوجِبُ التَّكْفِيرَ) لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ تَكْفِيرُ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ وَجَبَ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ وَالْعَوْدُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَإِنْ كَانَ الظِّهَارُ حَرَامًا فَلَمْ يَتَمَحَّضْ السَّبَبُ لِلْإِسَاءَةِ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي م ر. (قَوْلُهُ: مَا يُوجِبُ التَّكْفِيرَ) كَإِفْسَادِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ زَائِدُ نَفَقَةِ السَّفَرِ) أَمَّا نَفَقَةُ الْحَضَرِ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا مَعَهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ بِالشُّبْهَةِ) أَوْ بِالزِّنَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَصْلٌ يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ أَنَّ الصَّبَّاغَ وَالْقَصَّارَ وَغَيْرَهُمَا لَوْ نَوَوْا غَصْبَ الثَّوْبِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرُوا عَلَى شُغْلِهِ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُمْ لَكِنَّ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَفْهَمَ أَنَّهُمْ لَوْ نَوَوْا ذَلِكَ قَبْلَ الشُّغْلِ سَقَطَتْ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ الْمُفَرِّقُ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا التَّفْصِيلُ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ فَتَدَبَّرْ.
. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا أُحْصِرَ) أَيْ: أَوْ تَحَلَّلَ لِمَرَضٍ شُرِطَ التَّحَلُّلُ بِهِ ثُمَّ شُفِيَ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا وَقْتُهُ الْأَصْلِيُّ) أَيْ: وَالْإِحْرَامُ عَيْنُهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إلَخْ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَصَى مِنْ آخِرِهَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ بَعْدَ أَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْضِهِ) وَلَكِنْ يَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأُولَى إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَعَانَتَهُ بَلْ وَأَلْجَأْتَهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ اجْتِهَادِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهِيَ أَقْوَالٌ لَهُ وَكُلٌّ مِنْهَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَنَا اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الدَّلِيلِ فَلَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ أَنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى النَّدْبِ الْمُخْرِجِ لِعَلَيَّ عَنْ ظَاهِرِهَا مَعَ إمْكَانِ إبْقَائِهَا بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَدَبَّرْ.