تُعِنْهُ ثُمَّ إنْ خَرَجَتْ مَعَهُ لِلْقَضَاءِ لَزِمَهُ زَائِدُ نَفَقَةِ السَّفَرِ وَسُنَّ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ التَّحَلُّلَانِ وَلَوْ عَضَبَتْ لَزِمَهُ الْإِنَابَةُ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ وَمُؤْنَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِالشُّبْهَةِ عَلَيْهَا قَطْعًا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ بِإِفْسَادِ نُسُكِهِ وَنُسُكِهَا بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَيْهِ خَاصَّةً هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ أَمْ عَلَى الزَّوْجِ فَقَطْ بَدَنَةٌ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ عَنْهُ وَعَنْهَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كَالصَّوْمِ انْتَهَتْ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ السَّابِقِ يُوَافِقُ الثَّالِثَ أَمَّا لَوْ أَفْسَدَ الْجِمَاعُ نُسُكَهَا فَقَطْ كَأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً دُونَهُ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ لَازِمَةٌ لَهَا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْهَا فَإِنْ كَانَ يَتَحَمَّلُ عَنْهَا بِأَنْ كَانَ زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْوَطْءِ عَلَى مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ. اهـ. وَقِيَاسُ نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ تَرْجِيحُ عَدَمِ اللُّزُومِ مُطْلَقًا لَكِنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَجَّ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً فَكَانَ أَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ بِالِاحْتِيَاطِ وَأَشَدَّ مِنْهُ فِي إلْزَامِ الْكَفَّارَةِ وَلِهَذَا كَثُرَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ بِأَسْبَابٍ.
(أَوْ كَانَ قَدْ قَارَنَ) بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّ عَمْدَ وَطْئِهِ يُوجِبُ بَدَنَةً وَاحِدَةً وَإِنْ فَسَدَ نُسُكَاهُ لِانْغِمَارِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ وَلَا يَسْقُطُ دَمُ الْقِرَانِ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ إنْ قَضَاهُمَا قِرَانًا أَوْ تَمَتُّعًا فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ وَإِلَّا فَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ إلَى خِلَافٍ وَمَالَ إلَى الْمَنْعِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِهِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْقِرَانُ وَإِنَّمَا تَبَرَّعَ بِالْإِفْرَادِ وَلَوْ وَطِئَ ثَانِيًا بَعْدَ فَسَادِ نُسُكِهِ بِالْوَطْءِ وَجَبَ بِالثَّانِي دَمٌ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّمَتُّعَاتِ.
وَكَذَا لَوْ وَطِيء بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ كَمَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ حِلِّ شَيْءٍ مِنْ الْحَرَامِ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ وَفِي الْحَرَامِ وَهُوَ لَا صَيْدَ وَلَا مُفْسِدَ نُسُكٍ شَاةٌ (ثُمَّ) بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْبَدَنَةِ يُوجِبُ عَمْدُ وَطْئِهِ (الْبَقَرَهْ ثُمَّ الشِّيَاهُ السَّبْعُ) وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِأَسْنَانِ الضَّحَايَا (فَالطَّعَامَا بِقِيمَةِ) الْوَاجِبِ (الْأَوَّلِ) أَيْ: الْبَدَنَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَتَصَدَّقُ بِهِ (فَالصِّيَام بِعِدَّةِ الْأَمْدَادِ) مِنْ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ وَيَكْمُلُ الْمُنْكَسِرُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ وَأُقِيمَ الطَّعَامُ وَالصِّيَامُ مَقَامَ الْبَدَنَةِ تَشْبِيهًا بِجَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ هُنَاكَ عَلَى التَّخْيِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُنَا عَلَى التَّرْتِيبِ لِشَبَهِهِ بِالْفَوَاتِ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ وَقُدِّمَتْ الْبَدَنَةُ عَلَى الْبَقَرَةِ وَإِنْ قَامَتْ مَقَامَهَا فِي الضَّحَايَا لِنَصِّ الصَّحَابَةِ عَلَيْهَا وَبَيْنَهُمَا بَعْضُ تَفَاوُتٍ لِخَبَرِ «مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً» .
ــ
[حاشية العبادي]
وَتُتَصَوَّرُ الشُّبْهَةُ مِنْهُمَا بِأَنْ يَظُنَّ كُلٌّ أَنَّ الْآخَرَ زَوْجُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تُنَافِي الْعَمْدِيَّةَ الْمُتَوَقِّفَ عَلَيْهَا الْإِفْسَادُ وَالْوُجُوبُ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ اللُّزُومِ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ دَمُ الْقِرَانِ) لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْإِفْسَادِ. (قَوْلُهُ: قِرَانًا أَوْ تَمَتُّعًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا فِي الْقِرَانِ وَاضِحٌ وَأَمَّا فِي التَّمَتُّعِ فَيَلْزَمُهُ دَمَانِ آخَرَانِ دَمٌ بِالْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ لِلْقَضَاءِ وَدَمٌ لِلتَّمَتُّعِ الَّذِي فَعَلَهُ اهـ. فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ غَيْرُ الْبَدَنَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ قَضَاهَا إفْرَادًا. (قَوْلُهُ: الْقَطْعُ بِوُجُوبِهِ) أَيْ: بِوُجُوبِ دَمٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ بِالثَّانِي دَمٌ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ وَيَسْقُطُ أَيْ: الدَّمُ الْوَاجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ لَوْ جَامَعَ أَيْ: بَعْدَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ كَمَا يَنْدَرِجُ الْحَدَثُ فِي الْجَنَابَةِ اهـ. هَذَا فِي تَقَدُّمِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ فَفِي انْدِرَاجِهَا فِي بَدَنَتِهِ وَجْهَانِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ تَرْجِيحُ الِانْدِرَاجِ أَيْضًا ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ ظَاهِرَ التَّشْبِيهِ الِانْدِرَاجُ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَالطَّعَامَا بِقِيمَةِ الْوَاجِبِ) أَيْ: بِسِعْرِ مَكَّةَ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ وَالسِّعْرِ عِنْدَ الْأَدَاءِ كَمَا فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ) أَيْ: الْبَقَرَةُ مَقَامَهَا أَيْ: الْبَدَنَةِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ خَرَجَتْ مَعَهُ لِلْقَضَاءِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مُؤْنَةَ سَفَرِهَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ تَكُونُ فِي مَالِهَا كَمَا قَبْلَ الْإِفْسَادِ لَكِنَّ كَلَامَ الْمُعْتَمِدِ أَنَّهَا كَمُؤْنَةِ سَفَرِهَا لِلْقَضَاءِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَتَفَرَّقَا إلَخْ) أَيْ: فِي سُنَّةِ الْقَضَاءِ بِأَنْ لَا يَجْتَمِعَا فِي مَسِيرٍ وَلَا فِي مَنْزِلٍ وَذَلِكَ لِلرَّدْعِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ وَمُؤْنَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ عَلَيْهَا قَطْعًا) وَمِثْلُهَا الْمَوْطُوءَةُ بِزِنًا وَمُؤْنَةُ مَمْلُوكَتِهِ عَلَيْهِ قَطْعًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ إلَخْ) إذْ الرَّاجِحُ أَنَّ الزَّوْجَ الْمُفْطِرَ إذَا أَفْسَدَ بِوَطْئِهِ صَوْمَ زَوْجَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ) فَعَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ دَمَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَدَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْفَسَادِ وَهُمَا غَيْرُ بَدَنَةِ الْإِفْسَادِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْوَاجِبِ الْأَوَّلِ) أَيْ: حَالَ الْوُجُوبِ قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ الْأَوْجَهُ حَالَ الْأَدَاءِ وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ دَمٌ وَفِي شَرْحِهِ الْمُعْتَبَرُ غَالِبُ الْأَحْوَالِ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّرَاهِمِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهَا لِكَوْنِهَا الْغَالِبَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.