للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْعُمْرَةُ مَعْ قِرَانِهِ تَبْقَى لِحَجِّهِ تَبَعْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَالْعُمْرَةُ فِي قِرَانِهِ تَقَعُ تَبَعًا لِحَجِّهِ (فَوْتًا) بِأَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مُوسَعًا (وَإِفْسَادًا كَأَنْ طَافَ لِحَقِّ قُدُومِهِ ثُمَّ سَعَى ثُمَّ حَلَقْ ثُمَّ وَطِي) قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْوَطْءِ وَكَذَا الْعُمْرَةُ تَبَعًا وَلَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَفْسُدْ لِوُقُوعِ الْوَطْءِ بَعْدَ تَمَامِهَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ يَنْدَرِجُ فِي طَوَافِ قُدُومِ الْحَجِّ لَا فِي الْإِفَاضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى عَكْسُهُ اهـ. وَالْعَكْسُ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَلَامُهُمْ هُنَا إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الْوَطْءِ بَعْدَ إعْمَالِهَا لَوْ انْفَرَدَتْ وَهُوَ صَحِيحٌ لَا عَلَى انْدِرَاجِ طَوَافِهَا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ (وَصِحَّةً كَوَقْفَتِهْ فَرَمْيِ يَوْمِ نَحْرِهِ وَطَوْفَتِهْ وَالسَّعْيِ ثُمَّ وَطْئِهْ) أَيْ: وَتَبْقَى الْعُمْرَةُ تَبَعًا لِحَجِّهِ صِحَّةً كَأَنْ وَقَفَ الْقَارِنُ بِعَرَفَةَ ثُمَّ رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ سَعَى ثُمَّ وَطِئَ فَيَصِحُّ حَجُّهُ لِوُقُوعِ وَطْئِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ.

وَكَذَا الْعُمْرَةُ تَبَعًا وَلَوْ انْفَرَدَتْ فَسَدَتْ لِوَطْئِهِ قَبْلَ الْحَلْقِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَرْكَانِهَا وَقَوْلُهُ: كَوَقْفَتِهْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِأَنْ وَقَفَ إذْ التَّصْوِيرُ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا قَالَهُ فَإِنَّهُ لَوْ وَقَفَ ثُمَّ رَمَى وَحَلَقَ ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَبِعَتْهُ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لِانْغِمَارِهَا فِيهِ.

(وَحُرِّمَا لِمُحْرِمٍ وَمَنْ يَحُلُّ) بِضَمِّ الْحَاءِ (الْحَرَمَا) أَيْ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ خَارِجَ الْحَرَمِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الصَّيْدِ وَعَلَى الْحَالِ بِالْحَرَمِ وَلَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ أَوْ كَانَ الصَّيْدُ بِالْحِلِّ كَعَكْسِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (تَعَرُّضٌ مِنْهُ) وَلَوْ بِتَنْفِيرٍ أَوْ إغَارَةِ آلَةٍ أَوْ نَصْبِ شَبَكَةٍ أَوْ وَضْعِ يَدٍ بِشِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (إلَى) حَيَوَانٍ (بَرِّيِّ يُؤْكَلُ ذِي تَوَحُّشٍ جِنْسِيِّ) كَبَقَرِ وَحْشٍ وَدَجَاجَةٍ وَحَمَامَةٍ (أَوْ) إلَى الْبَرِّيِّ (الَّذِي فِي أَصْلِهِ مَأْكُولُ أَوْ ذُو تَوَحُّشٍ لَهُ تَمْثِيلُ) أَيْ: مِثَالُهُ (فَرْعُ حِمَارِ الْوَحْشِ مِنْ) حِمَارٍ (أَهْلِيِّ وَفَرْعُ شَاةٍ مَثَلًا مِنْ ظَبْيِ) وَفَرْعُ ضَبُعٍ مِنْ ذِئْبٍ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: ٩٦] أَيْ: أَخْذُهُ {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] وَقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْ: لَا يَجُوزُ تَنْفِيرُ صَيْدِهِ لِمُحْرِمٍ وَلَا حَلَالٍ فَغَيْرُ التَّنْفِيرِ أَوْلَى.

وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ وَخَرَجَ بِالْبَرِّيِّ الْبَحْرِيُّ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَحْرُ فِي الْحَرَمِ قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بَرِّيٌّ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَبِالْمَأْكُولِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا لَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يَكُونُ فِي أَصْلِهِ مَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ مَعَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَإِذَا فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ فَالْعُمْرَةُ فَائِتَةٌ لَكِنْ تُجْزِئُهُ الْأُولَى وَيَلْزَمُهُ كَمَا فِي شَرْحِهِ دَمَانِ لِلْفَوَاتِ وَالْقِرَانِ وَفِي الْقَضَاءِ ثَالِثٌ أَيْ: وَإِنْ أَفْرَدَ كَنَظِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْإِفْسَادِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ اهـ.

. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الثَّانِيَةِ كَانَا أَيْ: الصَّائِدُ مَعَ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ أَوْ كَانَ فِيهِ أَحَدُهُمَا حَجَرٌ د. (قَوْلُهُ: الصَّيْدُ بِالْحِلِّ) وَالصَّائِدُ بِالْحَرَمِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَدِيعَةٍ) . (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةُ صَيْدٍ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَعَلِمَ ضَيَاعَهَا أَوْ ظَنَّهُ لَوْ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِضَرُورَةِ حِفْظِ حَقِّ الْغَيْرِ وَيَبْعُدُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ حَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ عَارِيَّةٌ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا وَعَلِمَ الضَّيَاعَ أَوْ ظَنَّهُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَيَجْرِي هَذَا التَّرَدُّدُ فِي إحْرَامِ أَحَدِ مَالِكَيْ الصَّيْدِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ لِلشَّرِيكِ وَعَلِمَ الضَّيَاعَ أَوْ ظَنَّهُ كَمَا تَقَرَّرَ. (قَوْلُهُ: فِي أَصْلِهِ مَأْكُولٌ) وَإِنْ عَلَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِقَوْلِ الْجَوْجَرِيِّ الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ فِيمَا يَظْهَرُ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ دُونَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ ذُو تَوَحُّشٍ) أَيْ: فِي أَصْلِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفَرْعُ ضَبُعٍ مِنْ ذِئْبٍ) هَذَا الْفَرْعُ يُسَمَّى سَبُعًا. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَخَذَهُ) هَلَّا قَدَّرَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَخْذِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ) خَرَجَ مَا يَعِيشُ فِيهِمَا فَهُوَ بَرِّيٌّ فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا مُتَوَحِّشًا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا فِيمَا يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي وَمَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بَرِّيٌّ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِيهِمَا قَدْ يَكُونُ مَأْكُولًا وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ التَّعَرُّضُ لَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّعْلِيلِ بِتَغْلِيبِ الْحُرْمَةِ وَقَدْ يَشْكُلُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْأَطْعِمَةِ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِمَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْبَرِّ مَأْكُولٌ وَيُلْتَزَمُ أَنَّ مَا لَهُ نَظِيرٌ فِيهِ كَذَلِكَ مَأْكُولٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ أَوْرَدَ مَا ذَكَرْته مِنْ الْإِشْكَالِ مَعَ بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: مَا لَا يُؤْكَلُ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَا لَا يُؤْكَلُ وَلَا فِي أَصْلِهِ مَأْكُولٌ فَتَأَمَّلْهُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: يَدُلُّ إلَخْ) لِأَنَّ الطَّوَافَ هُنَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لِلْقُدُومِ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ الَّذِي فِي أَصْلِهِ مَأْكُولٌ أَوْ ذُو تَوَحُّشٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالشَّاةِ فَإِنَّ فِي أَصْلِهِ مَأْكُولًا وَلَا يَحْرُمُ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْكَلْبِ فَإِنَّ فِي أَصْلِهِ وَحْشِيًّا وَلَا يَحْرُمُ لَكِنَّهُ يُدْفَعُ بِالْمِثَالِ فَإِنَّهُ خَصَّ الْمَأْكُولَ فِيهِ بِالْوَحْشِيِّ وَالْمُتَوَحِّشَ بِالْمَأْكُولِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ بَرِّيًّا وَحْشِيًّا مَأْكُولًا وَإِمَّا الْبَرِّيُّ الْوَحْشِيُّ الْمَأْكُولُ أَحَدُ أَصْلَيْهِ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّرْحَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي اهـ وَالْمُرَادُ بِأَصْلِهِ مَا يَعُمُّ الْأَبَ وَالْأُمَّ وَأَصْلَهُمَا فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِلْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الشَّاةِ وَالسَّبُعِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّبُعِ وَالذِّئْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ الْعِلْمِ بِمَا ذُكِرَ فَلَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ فِدَاؤُهُ لَكِنَّهُ يُنْدَبُ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَسَيَأْتِي هَذَا الْأَخِيرُ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بَرِّيٌّ) أَيْ: فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ إنْ كَانَ مَأْكُولًا بِأَنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ مَا يُؤْكَلُ وَقَوْلُهُمْ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَرَامٌ مَحَلُّهُ فِيمَا كَانَ عَلَى صُورَةِ مَا يُؤْكَلُ عِنْدَ عَدَمِ التَّذْكِيَةِ كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>