للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ فَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ كَنَمِرٍ وَنَسْرٍ وَبَقٍّ وَبُرْغُوثٍ وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى الْمُحْرِمِ قَمْلٌ لَمْ يُكْرَهْ تَنْحِيَتُهُ وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُفَلِّيَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُمَا قَمْلَةً تَصَدَّقَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ نَدْبًا وَكَالْقَمْلِ الصِّئْبَانُ وَهُوَ بَيْضُهُ لَكِنَّ فِدْيَتَهُ أَقَلُّ وَمِنْهُ مَا يَنْفَعُ وَيَضُرُّ كَفَهْدٍ وَصَقْرٍ وَبَازٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ وَهُوَ تَعَلُّمُهُ الِاصْطِيَادَ وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهِ وَهُوَ عَدْوُهُ عَلَى النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ كَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ وَجِعْلَانٍ وَخَنَافِسَ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّحْلِ وَالنَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَالْخُطَّافِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ وَبِالْمُتَوَحِّشِ الْإِنْسِيُّ كَنَعَمٍ وَدَجَاجٍ إنْسِيَّيْنِ وَبِجِنْسِيٍّ أَيْ: جِنْسِيُّ التَّوَحُّشِ عَارَضَهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ.

وَذِكْرُهُ لَهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ ذُو تَوَحُّشٍ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِيُوَافِقَ الْمَنْقُولَ حَتَّى فِي اللُّبَابِ أَصْلِ الْحَاوِي إذْ لَوْ أُخِذَ بِظَاهِرِهِ حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِلْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ وَحْشِيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ كَذِئْبٍ وَإِنْسِيٍّ مَأْكُولٍ كَشَاةٍ وَلِلْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ إنْسِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مَأْكُولٍ كَالْبَغْلِ وَلِلْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ غَيْرِ مَأْكُولَيْنِ أَحَدُهُمَا وَحْشِيٌّ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ حِمَارٍ وَزَرَافَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَحَدِ أَصْلَيْهِ فَالْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ أَوْ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ هُوَ أَيْ: مَأْكُولٌ مُتَوَحِّشٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي اللُّبَابِ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَلَمْ يَدْرِ أَخَالَطَهُ وَحْشِيٌّ مَأْكُولٌ أَمْ لَا لَمْ يَلْزَمْهُ فِدَاؤُهُ نَعَمْ يُنْدَبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (مِلْكَ امْرِئٍ وَغَيْرَهُ) بِالْجَرِّ صِفَتَانِ لِبَرِّيٍّ وَبِالنَّصْبِ حَالَانِ مِنْهُ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ وَغَيْرِ مَمْلُوكٍ لِلْآيَةِ لَكِنَّ الْمَمْلُوكَ إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَمَّا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ بِإِمْسَاكٍ وَذَبْحٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ حَلَّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ مَعَ الْجَزَاءِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ.

وَقَدْ أَلْغَزَ بِهِ فِي قَوْلِهِ

عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ ... فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا

قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ ... وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعَا

نَعَمْ إنْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَأَنْ أَخَذَهُ بِهِبَةٍ فَلَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ (لَا أَثَرَا لِأُنْسٍ أَوْ تَوَحُّشٍ فِيهِ طَرَا) أَيْ: وَلَا أَثَرَ لِطُرُوِّ اسْتِئْنَاسِ الْمُتَوَحِّشِ أَوْ تَوَحُّشِ الْمُسْتَأْنَسِ عَلَى الْبَرِّيِّ الْمَذْكُورِ فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِلظَّبْيِ الْمُسْتَأْنَسِ دُونَ الْبَعِيرِ النَّادِّ إبْقَاءً لِلْأَصْلِ فِيهِمَا (وَجُزْئِهِ) أَيْ: وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ إلَى جُزْءِ الْبَرِّيِّ الْمَذْكُورِ كَلَبَنِهِ وَشَعْرِهِ وَرِيشِهِ بِقَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ التَّنْفِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَفَارَقَ الشَّعْرُ وَرَقَ أَشْجَارِ الْحَرَمِ حَيْثُ لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِأَنَّ جَزَّهُ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ بِخِلَافِ الْوَرَقِ فَإِنْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِلَّبَنِ نَقْصٌ فِي الصَّيْدِ ضَمِنَهُ فَقَدْ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظَّبْيِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: تُقَوَّمُ الْعَنْزُ بِاللَّبَنِ وَبِلَا لَبَنٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبُرْغُوثٍ) وَزُنْبُورٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُفَلِّيَ) يَنْبَغِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إنْ اشْتَدَّ الْأَذَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُمَا قَمْلَةً تَصَدَّقَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ) نَدْبًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ لِئَلَّا يَنْتَتِفَ الشَّعْرَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْبَدَنِ إذَا خَشِيَ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ انْتِتَافَ الشَّعْرِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْشَى مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ لَوْ قِيلَ يَنْبَغِي نَدْبُ قَتْلِ قَمْلِ نَحْوِ ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ كَالْبُرْغُوثِ لَمْ يَبْعُدْ لَوْلَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ إيذَاءَهُ فِي نَحْوِ الرَّأْسِ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فَكَذَا فِي غَيْرِهِ عب ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُمَا إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا قَمْلُ بَقِيَّةِ ثِيَابِهِ فَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَتُهُ وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَيَنْبَغِي سَنُّ قَتْلِهِ كَالْبُرْغُوثِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُمَا إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ التَّصَدُّقُ بِقَتْلِ قَمْلِ غَيْرِهِمَا وَلَا بِقَتْلِ الْبُرْغُوثِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ التَّعَرُّضِ لِقَمْلِهِمَا وَمَأْمُورٌ بِقَتْلِ قَمْلِ غَيْرِهِمَا وَبِقَتْلِ الْبُرْغُوثِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم نَعَمْ الْبَرَاغِيثُ الَّتِي فِي شَعْرِ لِحْيَتِهِ أَوْ رَأْسِهِ يَنْبَغِي أَنَّهُمَا كَقَمْلِهِمَا سم. (قَوْلُهُ: وَالصُّرَدِ) وَالضِّفْدَعِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ) أَيْ: بِأَنْ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ فَمَلَكَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ. (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ) أَيْ: أَيْضًا فَإِنَّ اللَّبَنَ وَسَائِرَ الْأَجْزَاءِ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ فَقَالَ يَقُومُ الْعَنْزُ إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ هَذَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ ضَمَانِ اللَّبَنِ لَا لِضَمَانِ نَقْصِ الصَّيْدِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ يُقَالُ بَلْ لِبَيَانِ ضَمَانِ نَقْصِ الصَّيْدِ أَيْضًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ فَقَالَ يَقُومُ إلَخْ) وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِهَامِشٍ عَنْ زي وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ حِلَّ الْأَكْلِ بِالتَّذْكِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُمَا إلَخْ) الرَّأْسُ وَاللِّحْيَةُ قَيْدَانِ فِي الْكَرَاهَةِ وَكَذَا فِي سَنِّ الصَّدَقَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ أَمَّا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ لِلْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَلْغَزَ إلَخْ) أَجَابَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ

خُذْ الْجَوَابَ دُرَّ لَفْظٍ مُبْدَعَا ... بِالْحُسْنِ هَذَا مُحْسِنٌ تَبَرَّعَا

أَعَارَ صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ ثُمَّ إذْ ... أَحْرَمَ ذَا أَتْلَفَهُ فَاجْتَمَعَا

اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَلَبَنِهِ) خَالَفَ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ فِي حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَبَنُ صَيْدِ الْحَرَمِ أَبَحْنَا لِلْفُقَرَاءِ شُرْبَهُ فَيُبَاحُ لَهُمْ بَيْعُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ السِّرَاجِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>