للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِرْسَالِ وَفِي مَعْنَى الْمَوْرُوثِ كُلُّ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِغَيْرِ إرْثٍ وَالتَّصْرِيحُ بِلُزُومِ الْإِرْسَالِ مِنْ زِيَادِهِ النَّظْمِ (لَا) تَعَرُّضُ مَنْ ذُكِرَ بِوَطْئِهِ (لِجَرَادٍ عَمَّتْ الْمَسَالِكَا) الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يَجِدُ عَنْهَا مَعْدِلًا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا أَلَجَأَتْهُ إلَيْهِ وَكَالْجَرَادِ بَيْضُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَ) لَا (الدَّفْعِ) لِلْبَرِّيِّ الْمَذْكُورِ (عَنْ نَفْسِ وَمَالِ ذَلِكَا) أَيْ: عَنْ نَفْسِ الدَّافِعِ وَمَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِالْتِحَاقِهِ بِالْمُؤْذِيَاتِ وَيَجُوزُ تَنْوِينُ نَفْسٍ وَمَالٍ بِجَعْلِ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى الْبَرِّيِّ وَمَعْمُولًا لِلدَّفْعِ فَيَشْمَلَانِ نَفْسَ وَمَالَ غَيْرِهِ أَيْضًا لَكِنْ فِيهِ إعْمَالُ الْمَصْدَرِ الْمَقْرُونِ بِأَلْ وَهُوَ ضَعِيفٌ

ثُمَّ أَخَذَ فِي أَسْبَابِ تَضْمِينِ مَا ذُكِرَ وَهِيَ الْمُبَاشَرَةُ وَالتَّسَبُّبُ وَوَضْعُ الْيَدِ فَقَالَ (وَضَمَّنُوا) مَنْ ذُكِرَ (بِالْقَتْلِ وَالْإِزْمَانِ) وَغَيْرِهِمَا (وَلَوْ بِجَهْلٍ مِنْهُ) بِالْحَرَمِ أَوْ بِالْحُرْمَةِ (أَوْ نِسْيَانِ) لِإِحْرَامِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ بِالْحَرَمِ أَوْ إكْرَاهٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَالتَّقْيِيدُ بِالتَّعَمُّدِ فِي الْآيَةِ لَا يُنَافِي النِّسْيَانَ وَأَمَّا حُكْمُ الْخَطَأِ فَمُسْتَفَادٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ كَمَا أَنَّ حُكْمَ التَّعَمُّدِ ثَمَّ مُسْتَفَادٌ مِنْ حُكْمِهِ هُنَا لَكِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمَجْنُونِ وَمِثْلُهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ شَارَكُوا غَيْرَهُمْ فِي الْإِتْلَافِ فِيمَا الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَعْقِلُونَ أَفْعَالَهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ تَضْمِينُهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَلِهَذَا لَمَّا صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ الضَّمَانِ قَالَ وَالْأَقْيَسُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ.

قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إتْلَافًا فَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ (أَوْ لِلطَّوَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ أَيْ: وَضَمَّنُوا بِذَبْحِهِ لِلْجُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِلَا إيذَاءٍ (وَرَمْيِهِ) أَيْ: وَضَمَّنُوا الْحَلَالَ بِرَمْيِهِ مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ (فِي الْحِلِّ مَا) كَانَ (كَالسَّهْمِ) مِنْ سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ وَنَحْوِهِمَا إذَا (جَازَ فِي الْمُرُورِ الْحَرَمَا) وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَرَمُ طَرِيقَهُ؛ لِأَنَّهُ أَرْسَلَ الْآلَةَ إلَيْهِ فِي الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ بِالرَّمْيِ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ وَالْعِبْرَةُ بِالْقَوَائِمِ

ــ

[حاشية العبادي]

رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَكَالْمَوْرُوثِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ) وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْحَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ: وَأَصْلِهَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ لِدَفْعِ رَاكِبِهِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ رَاكِبِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَجْنُونِ) كَأَنْ جُنَّ الْمُحْرِمُ فَقَتَلَ. (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ) فَلَا يَضْمَنُ هُوَ وَلَا الْمَجْنُونُ وَلَا وَلِيُّهُمَا الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُمَا كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ إلَخْ) لَا يُقَالُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ يَشْكُلُ عَلَى الْفَرْقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ وَمِنْ جُمْلَةِ خِصَالِهِ الصِّيَامُ وَلَا دَخْلَ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِالْقَوَائِمِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَوَائِمِ هُوَ فِي الْقَائِمِ أَمَّا النَّائِمُ فَالْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ اهـ فَلَوْ نَامَ وَنِصْفُهُ فِي الْحَرَمِ وَنِصْفُهُ فِي الْحِلِّ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَعَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ شَرْطُهُ أَنْ يُصِيبَ الرَّامِي الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا فِي الْحِلِّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يَقْتَضِيهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ مِمَّا يُوَضِّحُهُ مَسْأَلَةُ مُرُورِ السَّهْمِ مِنْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ وَآلَتَهُ هُنَا صَارَا فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ وَأَصَابَا فِيهِ بَلْ الضَّمَانُ هُنَا أَوْلَى مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرُورِ لِزِيَادَةِ مَا هُنَا بِكَوْنِ الْإِصَابَةِ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ وَمِنْ هُنَا يَتَّضِحُ أَنَّ غَيْرَ الرَّأْسِ كَالرَّأْسِ فِيمَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ نَعَمْ قَدْ يَشْكُلُ الضَّمَانُ بِإِصَابَةِ الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى مَا لَوْ مَالَتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ الْحِلْيَةِ إلَى الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَغْصَانِهَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّجَرَ لَهُ أَصْلٌ يَرْجِعُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّجَرَةَ الَّتِي تَنْبُتُ فِي الْحِلِّ لَوْ غُرِسَتْ فِي الْحَرَمِ لَا تَثْبُتُ لَهَا الْحُرْمَةُ بِخِلَافِ صَيْدِ الْحِلِّ إذَا دَخَلَ الْحَرَمُ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَكَانُهُ وَالشَّجَرَ يُعْتَبَرُ مَنْبَتُهُ اهـ وَالْحَاصِلُ فِيمَا لَوْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَنَّهُ إنْ أَصَابَ مَا فِي الْحَرَمِ مِنْهُ حَرُمَ مُطْلَقًا وَفَدَى سَوَاءٌ كَانَ مَا فِي الْحَرَمِ رَأْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا كَانَ الْمُصِيبُ

ــ

[حاشية الشربيني]

جَزَمَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِرْسَالِ) فِي الرَّوْضَةِ بِإِرْسَالِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: الْمَسَالِكَ الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا بِحَيْثُ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ بِمَشَقَّةِ الِانْحِرَافِ عَنْ طَرِيقِهِ احْتَمَلَ التَّضْمِينَ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ اهـ قَوْلُهُ: الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا أَيْ: بِالْفِعْلِ لَا الَّتِي يُمْكِنُ مُرُورُهُ فِيهَا فَتَأَمَّلْ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ فِي سُلُوكِ تِلْكَ الطَّرِيقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ بِالْقَتْلِ وَالْإِزْمَانِ) فَيَلْزَمُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ وَإِنْ انْدَمَلَ فِي الْإِزْمَانِ فَلَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ جَزَاءٌ آخَرُ وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُزْمِنُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَجَزَاءٌ آخَرُ وَإِلَّا اتَّحَدَ الْجَزَاءُ وَلَوْ أَبْطَلَ امْتِنَاعِي الصَّيْدَ كَالْعَدُوِّ وَالْجَنَاحِ فِي النَّعَامَةِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ وَأَحَدُهُمَا اعْتَبَرَ مَا نَقَصَ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلِ وَالْجَنَاحِ فَالزَّائِلُ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ أَمَّا غَيْرُ الْقَتْلِ وَالْإِزْمَانِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ وَإِنْ حَصَلَ مَعَهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ نَقْصٌ فَلَا شَيْءَ سِوَى الْإِثْمِ نَعَمْ لَوْ جَرَحَهُ فَبَرِئَ بِمُدَاوَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ أَوْجَبَ الْقَاضِي فِيهِ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ بِمِقْدَارِ الْوَجَعِ الَّذِي أَصَابَهُ وَقِيلَ يَضْمَنُ نَقْصَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ وَجَبَ الْجَزَاءُ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَوْ جَرَحَهُ فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَخْرَجَ عُشْرَ مِثْلِهِ لَحْمًا أَوْ قَوَّمَهُ وَأَخْرَجَ بِقِيمَتِهِ أَوْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَالْوَاجِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ طَعَامٌ اهـ يَعْنِي أَوْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. اهـ. سم عَلَى ع وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَفْدِي نَقْصَ مَالِهِ مِثْلٌ بِجُزْءٍ مِنْ مِثْلِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ كَامِلٌ أَيْ: لِلتَّدَاخُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>