وَلَوْ وَاحِدَةً دُونَ الرَّأْسِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى قَائِمَتِهِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ لَا ضَمَانَ وَلَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَنَصَبَ شَبَكَةً بِالْحِلِّ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ لَمْ يَضْمَنْهُ بِذَلِكَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ.
وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِإِرْسَالِ سَهْمٍ (وَبَعْثِ كَلْبٍ) أَيْ: وَضَمَّنُوا الْحَلَالَ بِبَعْثِهِ كَلْبًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ (دَرْبُهُ) أَيْ: طَرِيقُهُ (تَعَيَّنَا) فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الدُّخُولِ فِيهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَشَرْطُهُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لِلْإِمْلَاءِ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا إذْ لَا يُنْسَبُ فِعْلُ غَيْرِهِ لِمُرْسِلِهِ بَلْ لِاخْتِيَارِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي تَضْمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ دَرْبُهُ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَهُ اخْتِيَارٌ (وَ) ضَمَّنُوهُ (بِانْحِلَالِ رَبْطِهِ) أَيْ: الْكَلْبِ وَمُرُورِهِ فِي الْحَرَمِ حَتَّى أَتْلَفَ الصَّيْدَ لِتَقْصِيرِهِ فِي رَبْطِهِ (لَا) إنْ كَانَ (مُتْقَنَا) فَلَا ضَمَانَ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَإِنْ تَبَدَّى الصَّيْدُ) أَيْ: عَرَضَ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ السَّهْمَ أَوْ الْكَلْبَ أَوْ انْحَلَّ رَبْطُهُ (مِنْ بَعْدِ الْعَدَمْ) أَيْ: عَدَمِ الصَّيْدِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ الِانْحِلَالِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ.
وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي النُّسَخِ الَّتِي اخْتَصَرَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ إذْ لَمْ يُوجَدُ مِنْهُ قَصْدُ الصَّيْدِ وَأَرْجَحُهُمَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مِنْهُ أَظْهَرُهُمَا بَدَلَ أَحَدُهُمَا وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَمَدَةٍ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّهُ صَحَّحَ كُلًّا مِنْ الْوَجْهَيْنِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ النَّوَوِيَّ انْعَكَسَ عَلَيْهِ التَّرْجِيحُ (وَحَفْرِ) أَيْ: وَضَمَّنُوا
ــ
[حاشية العبادي]
فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَإِنْ أَصَابَ مَا فِي الْحِلِّ فَإِنْ كَانَ اعْتِمَادُ الصَّيْدِ عَلَى مَا فِي الْحَرَمِ أَوْ عَلَى مَا فِيهِمَا حَرُمَ وَفَدَى أَوْ عَلَى مَا فِي الْحِلِّ فَقَطْ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ م ر وَأَقُولُ إنْ كَانَ الْمُصِيبُ فِي الْحِلِّ وَكَذَا فِي الْحَرَمِ إنْ أَخْرَجَ يَدَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ بِمَا فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى الْآلَةَ إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ.
(قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ) أَنَّهُ لَا ضَمَانَ هَذَا سَلِمَ إنْ أَصَابَ مَا فِي الْحِلِّ فَقَطْ فَإِنْ أَصَابَ مَا فِي الْحَرَمِ فَالْوَجْهُ الضَّمَانُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ إصَابَةِ الرَّأْسِ فِي الْحَرَمِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْتَمِدْهُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي الْحَرَمِ وَخَارِجَهُ فَفِيهِ الضَّمَانُ م ر. (قَوْلُهُ: وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ الْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَرَمَى صَيْدًا فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ م ر كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَنُوزِعَ حِينَئِذٍ ج ج. (قَوْلُهُ: وَبَعْثِ كَلْبٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ عَدَمُ الضَّمَانِ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ لِقَتْلِ آدَمِيٍّ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِلِاصْطِيَادِ فَاصْطِيَادُهُ بِإِرْسَالِهِ كَاصْطِيَادِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُرْسِلِ بَلْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ كَالضَّارِي وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَا) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَعَيَّنَ الْحَرَمُ طَرِيقًا لِلصَّيْدِ كَتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِلْكَلْبِ بِرّ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُنْسَبُ فِعْلُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ضَارِيًا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فِعْلُ غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُعَلَّمِ. (قَوْلُهُ وَبِانْحِلَالِ رَبْطِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَلَ نَحْوَ الْبَازِي كَالْكَلْبِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ مِنْهُ وَقَتَلَ فَلَا ضَمَانَ إنْ فَرَّطَ وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَوَّتَ الْغَرَضَ بِخِلَافِ حَمْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَمُرُورِهِ فِي الْحَرَمِ) أَيْ: إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ بَلْ أَوْلَى.
[حاشية الشربيني]
أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلٌ نَاقِصٌ أَيْ: غَيْرُ مَا ضَمِنَهُ أَوَّلًا وَمَجْمُوعُهُمَا قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْجَزَاءِ الْكَامِلِ اهـ بِإِيضَاحٍ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ إطْلَاقِ الْجَزَاءِ الْكَامِلِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الرَّأْسِ) أَطْلَقَهُ هُنَا وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمِثْلُهُ م ر فِي شَرْحِ الْكِتَابِ وَاعْتَمَدَهُ خ ط فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَحَجَرٌ فِي الْإِمْدَادِ وَالرَّمْلِيُّ فِي النِّهَايَةِ تَقْيِيدُ الزَّرْكَشِيّ كَالْأَذْرَعِيِّ عَدَمَ اعْتِبَارِ الرَّأْسِ بِمَا إذَا أَصَابَ الرَّامِي الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا فِي الْحِلِّ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ إلَخْ) قَالَ سم يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَرَمَى إلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ جَوَازُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ إلَخْ تَبَرَّأَ مِنْهُ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ وَمَالَ إلَى خِلَافِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ لَكِنَّهُ جَزَمَ بِالْإِلْحَاقِ فِي شَرْحِ عب ثُمَّ قَالَ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَبَعْثِ كَلْبٍ إلَخْ) بِخِلَافِ السَّهْمِ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ دَرْبُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ السَّهْمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: دَرْبُهُ تَعَيَّنَ فِي الْحَرَمِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ جُهِلَ لَكِنَّهُ لَا يَأْثَمُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) جَزَمَ بِهِ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ وَرَجَّحَهُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ دَرْبُهُ إلَخْ) قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الضَّمَانِ هُنَا بِمَا إذَا زَجَرَهُ عِنْدَ اتِّبَاعِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ فَلَمْ يَنْزَجِرْ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّ الْكَلْبَ يَتْبَعُ الصَّيْدَ حَيْثُ يُوجَدُ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ هَذَا غَرِيبٌ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ إمَامٌ ثِقَةٌ مُطَّلِعٌ بَلْ هُوَ عَدْلُ الْمَذْهَبِ فِيمَا يَنْقُلُ وَمِنْ ثَمَّ أَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي نَقْلِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: بِانْحِلَالِ رَبْطِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْبُوطًا فَأَتْلَفَ صَيْدًا بِدُونِ أَنْ يَبْعَثَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَبَطَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute