للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَفْرِ (مُحْرِمٍ) بِئْرًا وَلَوْ خَارِجَ الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِهَا صَيْدٌ وَمَحَلُّهُ فِي خَارِجِ الْحَرَمِ إذَا حَفَرَ بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ فَإِنْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ بِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِهَا غَيْرُ الصَّيْدِ (وَ) بِحَفْرِ (حِلٍّ) أَيْ: حَلَالٍ (فِي الْحَرَمِ بِئْرًا وَلَوْ فِي الْمِلْكِ) أَيْ: مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَهَلَكَ بِهَا صَيْدٌ إذْ حُرْمَةُ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمُحْرِمِ.

وَقَوْلُهُ: (فِي ذِي) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: تَقْيِيدُ الْحَفْرِ بِكَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ مَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلَالِ دُونَ مَسْأَلَةِ الْمُحْرِمِ وَضَمَّنُوا بِنَصْبِ شَبَكَةٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ مَعَ الْإِحْرَامِ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَصَبَهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَتَعَقَّلَ بِهَا بَعْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَوْ حَلَّ عِنْدَ الْإِصَابَةِ دُونَ الرَّمْيِ أَوْ بِالْعَكْسِ ضَمِنَ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ (وَالتَّلَفْ) أَيْ: وَضَمَّنُوا بِتَلَفِ الصَّيْدِ (فِي الْيَدِ) أَيْ: يَدِ الْمُحْرِمِ أَوْ يَدِ الْحَلَالِ بِالْحَرَمِ لِحُرْمَةِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَالْغَصْبِ بَلْ لَوْ تَوَلَّدَ تَلَفُهُ بِمَا فِي يَدِهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِعَضِّ مَرْكُوبِهِ أَوْ رَفْسِهِ أَوْ زَلَفِهِ بِبَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَلَتَ بَعِيرُهُ فَأَتْلَفَ صَيْدًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَهَلْ يَشْتَرِكُونَ فِي الضَّمَانِ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ الرَّاكِبُ وَجْهَانِ اهـ وَقِيَاسُ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْيَدَ لِرَاكِبِهَا دُونَ الْآخَرِينَ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِهِ ثُمَّ وَجَدْت كَلَامَ الرَّافِعِيِّ فِي الضَّمَانِ بِإِتْلَافِ الْبَهِيمَةِ دَالًّا عَلَيْهِ (لَا) إنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ وَقَدْ أَخَذَهُ (لِلطِّبِّ) أَيْ: لِلْمُدَاوَاةِ (أَوْ) لِتَخْلِيصِهِ (مِمَّا اخْتَطَفْ) أَيْ: اخْتَطَفَهُ مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ.

(أَوْ صَالَ) عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَزْمَنَهُ فِي الدَّفْعِ فَلَا يَضْمَنُهُ فِي الثَّلَاثِ لِقَصْدِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْتِحَاقِهِ بِالْمُؤْذِيَاتِ فِي الثَّالِثَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ صَالَ رَاكِبُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِ الصَّيْدِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ (كَالْفَرْخِ لِمَا) أَيْ: لِحَمَامٍ مَثَلًا (قَدْ أَخَذَا) أَيْ: أَخَذَهُ الْحَلَالُ (فِي حَرَمٍ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْفَرْخَ بِتَلَفِهِ (فِي الْحِلِّ) لِأَنَّهُ أَهْلَكَهُ بِقَطْعِ مُتَعَهِّدِهِ فَأَشْبَهَ رَمْيَهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ (وَالْعَكْسُ) بِأَنْ أَخَذَهُ فِي الْحِلِّ فَهَلَكَ فَرْخُهُ فِي الْحَرَمِ (كَذَا) أَيْ: يَضْمَنُهُ لِذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْحَمَامَ أَيْضًا فِي الْأُولَى لِأَخْذِهِ مِنْ الْحَرَمِ دُونَ الثَّانِيَةِ أَمَّا إذَا أَخَذَهُ الْمُحْرِمُ فَيَضْمَنُهُمَا مَعًا مُطْلَقًا وَلَوْ نَفَّرَ صَيْدًا فَعَثَرَ وَهَلَكَ بِهِ أَوْ أَخَذَهُ سَبُعٌ أَوْ انْصَدَمَ بِشَيْءٍ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَنْفِيرَهُ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى عَادَتِهِ فِي السُّكُونِ فَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ.

وَكَذَا إنْ هَلَكَ قَبْلَهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ إذْ لَا سَبَبَ وَلَا يَدَ وَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ ثُمَّ الصَّيْدُ ضَرْبَانِ مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فِي الصُّورَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ حُكْمِهِمَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (بِمِثْلِهِ) أَيْ: وَضَمَّنُوا الْمُتَعَرِّضَ لِلصَّيْدِ بِقَتْلٍ أَوْ إزْمَانٍ بِمِثْلِهِ (مِنْ نَعَمٍ يَحْكُمُ بِهْ عَدْلَانِ) قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] (أَيْ) حَيْثُ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (فَقِيهٌ مُنْتَبِهْ) أَيْ: فَطِنٌ؛ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ أَعْرَفُ بِالشَّبَهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ مَنْ لَا فِقْهَ لَهُ وَلَا انْتِبَاهَ لَا يَعْرِفُ الْمِثْلَ وَعَلَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ اعْتِبَارِ الْفِقْهِ بَعْدَ نَقْلِهِ لَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي خَارِجِ الْحَرَمِ) خَرَجَ الْحَرَمُ. (قَوْلُهُ: فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَوَاءٌ أَنَصَبَهَا فِي مِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَصْبَهَا يُقْصَدُ بِهِ الِاصْطِيَادُ فَهُوَ كَالْأَخْذِ بِالْيَدِ بِخِلَافِ الْبِئْرِ حَيْثُ فَصَلَ فِيهَا بَيْنَ حَفْرِهَا عُدْوَانًا وَغَيْرِ عُدْوَانٍ كَمَا سَيَأْتِي وَسَوَاءٌ أَوَقَعَ فِيهِ الصَّيْدُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ أَمْ بَعْدَهُ لِتَعَدِّيهِ حَالَ نَصْبِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا لِإِصْلَاحِ مَا وَهِيَ مِنْهَا أَوْ لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ نَصَبَهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ دَالٌّ عَلَيْهِ اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوُقُوعِ فِيهَا حَالَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ: تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَيُفَارِقُ نَصْبَ الشَّبَكَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ أَثَرُ فِعْلِهِ وَمُتَّصِلٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّلَفِ فِي الْيَدِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ مُحْرِمٌ آخَرُ ضَمِنَهُ الْمُحْرِمُ الْمُتْلِفُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ أَوْ حَلَالٌ ضَمِنَهُ الْمُحْرِمُ ذُو الْيَدِ لَا الْحَلَالُ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ إتْلَافُ الصَّيْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: فَعَثَرَ وَهَلَكَ بِهِ) أَيْ: الْمَعْثُورُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَقَصَّرَ فَكَأَنَّهُ أَرْسَلَهُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلَالِ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب الْحَاصِلُ أَنَّ الْحَفْرَ عُدْوَانًا يَضْمَنُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا وَبِحَقٍّ إنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وُجِدَ الصَّيْدُ مُعَدَّلًا عَنْ الْبِئْرِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَلَتَ بَعِيرُهُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِتَفْرِيطِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ انْحِلَالِ الْكَلْبِ بِتَفْرِيطِهِ بِأَنَّهُ خَارِجٌ بِطَبْعِهِ فَصَارَ كَالسَّهْمِ بِخِلَافِ الْبَعِيرِ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِأَنَّ الْفَرْضَ مِنْ الرَّبْطِ دَفْعُ الْأَذَى أَيْ: الَّذِي هُوَ شَأْنُ ذَلِكَ الْمَرْبُوطِ فَإِذَا انْحَلَّ فَاتَ الْغَرَضُ وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ رَبْطِ الْبَعِيرِ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ حَمَلَ الْجَارِحَةَ فَانْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا وَقَتَلَتْ صَيْدًا حَيْثُ لَا يَضْمَنُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَالَ) ذَكَرَهُ هُنَا لِبَيَانِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ لِبَيَانِ عَدَمِ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ فَلَا تَكْرَارَ. (قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ) لَا فِي الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَلَا فِي الصُّورَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَكَمُوا فِي نَوْعٍ مِنْ الصَّيْدِ بِنَوْعٍ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَدْلَانِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ عَدَالَةٌ بَاطِنَةٌ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ كَفَتْ الظَّاهِرَةُ وَرَدَّهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَالَ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ وَقَالَ م ر يَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ وَلَوْ بِلَا اسْتِبْرَاءِ سُنَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا إذْ الْفَقِيهُ الْمُجْتَهِدُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعِلْمِ بِالشَّبَهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَوَاضِحٌ أَنَّ الْفَقِيهَ يُدْرِكُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ وَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>