للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِقَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ حُكْمَهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَالْعَبْدِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْفِقْهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِقْهِ الْخَاصِّ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ هُنَا.

وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّ الْفِقْهَ مُسْتَحَبٌّ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَتِهِ (حَتَّى) الْعَدْلَانِ (اللَّذَانِ لِاضْطِرَارٍ أَتْلَفَا) أَيْ: أَتْلَفَاهُ لِاضْطِرَارِهِمَا إلَيْهِ (أَوْ خَطَإٍ) بِالنَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِحُكْمِهِمَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ رَجُلًا قَتَلَ ظَبْيًا بِالْحُكْمِ فِيهِ فَحُكِمَ فِيهِ بِجَدِّيٍّ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَكَانَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَمِينًا فِيهِ كَالزَّكَاةِ أَمَّا إذَا أَتْلَفَاهُ عَمْدًا بِلَا اضْطِرَارٍ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ فَلَا يُكْتَفَى بِحُكْمِهِمَا لِفِسْقِهِمَا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَبِيرَةً فَكَيْفَ تَسْقُطُ الْعَدَالَةُ بِارْتِكَابِهِ مَرَّةً وَيُجَابُ بِالْمَنْعِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ وَقَوْلُهُ: كُلٌّ فَقِيهٌ مُنْتَبِهٌ مَعَ قَوْلِهِ لِاضْطِرَارٍ أَتْلَفَا مِنْ زِيَادَتِهِ (قُلْتُ وَحَيْثُ اخْتَلَفَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ (فِي الْمِثْلِ عَدْلَانِ وَعَدْلَانِ) بِأَنْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِمِثْلٍ وَآخَرَانِ بِآخَرَ (فَقَدْ قِيلَ) يُؤْخَذُ (بِتَخْيِيرٍ) بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ (وَقِيلَ: بِالْأَشَدْ) أَيْ: الْأَغْلَظِ مِنْهُمَا وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُفْتِيَيْنِ أَمَّا لَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِأَنَّ لَهُ مِثْلًا وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَمِثْلِيُّ هَذَا كُلِّهِ فِيمَا لَا نَقْلَ فِيهِ.

أَمَّا مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ صَحَابِيَّيْنِ أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ مِنْ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ فَيُتَّبَعُ مَا حَكَمُوا بِهِ وَفِي مَعْنَى الْأَخِيرِ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ (وَ) ضَمَّنُوا (الْجُزْءَ) مِنْ الْمِثْلِ (لِلْجُزْءِ) مِنْ الصَّيْدِ أَيْ: لِإِتْلَافِهِ فَلَوْ جُرِحَ الصَّيْدُ وَانْدَمَلَ جُرْحُهُ مِنْ غَيْرِ إزْمَانٍ فَنَقَصَ عُشْرَ قِيمَتِهِ ضَمِنَ عُشْرَ مِثْلِهِ لَا عُشْرَ قِيمَتِهِ تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثَلَةِ قَالَ الْجُمْهُورُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ شَرِيكًا فِي ذَبْحِ شَاةٍ فَأَرْشَدَهُ إلَى مَا هُوَ أَسْهَلُ فَإِنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ مُخَيَّرٌ فَفِي الْمِثَالِ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ عُشْرَ مِثْلِهِ وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِقِيمَتِهِ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا (كَمَا) ضَمَّنُوا (عَنْ ذِي الصِّغَرْ وَالْمَرَضِ) مِنْ الصَّيْدِ (الْمِثْلَ) مِنْ النَّعَمِ أَيْ: صَغِيرًا عَنْ الصَّغِيرِ وَمَرِيضًا عَنْ الْمَرِيضِ وَالتَّصْرِيحُ بِالصَّغِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) ضَمَّنُوا (الْأُنْثَى) مِنْ النَّعَمِ (لِلذَّكَرْ) مِنْ الصَّيْدِ كَالزَّكَاةِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَخْتَلِفُ كَمَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي اللَّوْنِ.

وَقَدْ تُفْهِمُ عِبَارَتُهُ تَعَيُّنَ الْأُنْثَى عَنْ الذَّكَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاجِبُ لِإِتْلَافِ الذَّكَرِ الذَّكَرُ وَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهَا أَغْلَى لَكِنَّ الذَّكَرَ أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ (لَا الْعَكْسَ) أَيْ: لَا يَضْمَنُ الذَّكَرَ لِلْأُنْثَى لِعَدَمِ الْمِثْلِيَّةِ وَلِأَنَّ الْأُنْثَى أَغْلَى وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إجْزَاؤُهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ اللَّحْمُ فِي الْقِيمَةِ وَلَا فِي الطِّيبِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ قَطْعًا قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ (وَ) ضَمَّنُوا (الْمَعِيبَ لِلْمَعِيبِ) وَلَوْ بِاخْتِلَافِ نَوْعِ الْعَيْبِ (لَا بِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فِي التَّعْيِيبِ) فَيُجْزِئُ الْأَعْوَرُ عَنْ الْأَعْوَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَوَرُ يَمِينًا وَشِمَالًا لِتَقَارُبِ شَأْنِ النَّوْعِ بِخِلَافِ الْأَعْوَرِ عَنْ الْأَجْرَبِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ الْمَرِيضِ صَحِيحًا أَوْ عَنْ الْمَعِيبِ سَلِيمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَالْمَعِيبُ لِمِثْلِهِ

(وَيَضْمَنُ) الْمُنْقَرِضُ لِلصَّيْدِ (النَّقْصَ مِنْ) قِيمَةِ (الْأُمِّ الَّتِي جَنَى عَلَيْهَا فَأَتَتْ بِمَيِّتِ) بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) عَطْفًا عَلَى الِاضْطِرَارِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَرِّ) عَطْفًا عَلَى اضْطِرَارٍ. (قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَجِدُ شَرِيكًا إلَخْ) وَلَوْ قَتَلَ مُحْرِمٌ وَمُحِلٌّ صَيْدًا ضُمِنَ قِسْطُهُ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ وَقِيلَ يَضْمَنُ الْكُلَّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا عَنْ ذِي الصِّغَرِ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَغِيرَ الْحَمَامِ فِيهِ صَغِيرَةٌ مِنْ الشِّيَاهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَحْمُولٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ حَكَّمْنَاهُ فِي بَابٍ اُعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِيهِ لَا فِي غَيْرِهِ. اهـ. أَذْرُعِيٌّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْفِقْهِ الْخَاصِّ) بِأَنْ يَعْرِفَ الْأُمُورَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الشَّبَهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِهِ لِاضْطِرَارٍ أَتْلَفَا) عِبَارَةُ الْحَاوِي بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ وَإِنْ قَتَلَاهُ خَطَأً. (قَوْلُهُ: عَدْلَانِ وَعَدْلَانِ) أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ عَدْلٌ وَعَدْلٌ فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ لِاعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ هُنَا بِخِلَافِ الْمُفْتِي. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَمِثْلِيٌّ) أَيْ: اعْتِبَارًا بِقَوْلِ الْمُثْبِتِ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمِ تَدْقِيقِ الشَّبَهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ جَوَّزْنَا الْأُنْثَى فَهَلْ هِيَ أَفْضَلُ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَفْضِيلُ الذَّكَرِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ لَكِنْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ فَدَى الذَّكَرَ بِالْأُنْثَى فَطُرُقٌ أَصَحُّهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْإِجْزَاءُ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَالثَّالِثُ إنْ أَرَادَ الذَّبْحَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَرَادَ التَّقْوِيمَ جَازَ لِأَنَّ قِيمَةَ الْأُنْثَى أَكْثَرُ وَالرَّابِعُ إنْ لَمْ تَلِدْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ إلَّا عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَلِذَا أَخَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>