لَا بِشَاةٍ، وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ. وَالتَّمْثِيلُ بِطَيْرِ الْمَاءِ، وَالْعُصْفُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(لَوْ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ مَثَلَا مِنْ النَّعَامِ الْمَنْعَتَيْنِ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ كَمَا سَلَكَهُ النَّاظِمُ (أَبْطَلَا) أَيْ: وَلَوْ أَبْطَلَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ مَنَعَتَيْ نَعَامَةٍ وَهُمَا قُوَّةُ عَدْوِهَا وَطَيَرَانِهَا (يَتَّحِدُ الْجَزَا وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (فِي الْحَرَمِ) لِاتِّحَادِ الْمُتْلَفِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُ الْجَزَاءِ كَمَا يَتَّحِدُ تَغْلِيظُ الدِّيَةِ.
وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ وَنَبَّهَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: مَثَلَا عَلَى أَنَّ اتِّحَادَ الْجَزَاءِ يَجْرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَكَمَا لَوْ كَانَ الْمُبْطِلُ لِذَلِكَ غَيْرَ قَارِنَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا قَارِنًا، وَالْآخَرُ غَيْرَ قَارِنٍ أَوْ كَانَ أَكْثَرُ مِنْ مُحْرِمَيْنِ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ ذَلِكَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى، وَالْبَاقِي بِالْمُسَاوَاةِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الْإِزْمَانُ يُوجِبُ تَمَامَ الْجَزَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَزْمَنَ عَبْدًا لَزِمَهُ تَمَامُ الْقِيمَةِ فَإِنْ انْدَمَلَ جُرْحُ مَا أَزْمَنَهُ مِنْ الصَّيْدِ، ثُمَّ قَتَلَهُ لَزِمَهُ أَيْضًا جَزَاءُ مِثْلِهِ زَمِنًا كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَانْدَمَلَ فَقَتَلَهُ يَلْزَمُهُ لِلْقَطْعِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَلِلْقَتْلِ قِيمَتُهُ مَقْطُوعًا، ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ، وَلَا يَجِبُ فِي إبْطَالِ إحْدَى الْمَنَعَتَيْنِ تَمَامُ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ مَا نَقَصَ وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ جُرْحِ الصَّيْدِ
(وَمَيْتَةٌ مَذْبُوحُهُ) أَيْ: وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِمَّا يَحْرُمُ تَعَرُّضُهُ لَهُ مَيْتَةٌ (فَلْيَحْرُمْ) عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ تَحَلَّلَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْمَجُوسِيِّ. وَكَذَبْحِهِ كَسْرُهُ الْبَيْضَ وَقَتْلُهُ الْجَرَادَ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الرُّويَانِيِّ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي الطَّبَرِيُّ حِلُّ الْبَيْضِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ بِدَلِيلِ حِلِّ ابْتِلَاعِهِ بِلَا كَسْرٍ وَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحُ هَذَا عَنْ جَمْعٍ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي، وَالْقَطْعُ بِهِ عَنْ آخَرِينَ وَقَالَ بَعْدَ هَذَا بِأَوْرَاقِ: إنَّهُ أَصَحُّ وَقَالَ هُنَا: إنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: حَلْبُ لَبَنِ الصَّيْدِ كَكَسْرِ بَيْضِهِ (وَ) مَذْبُوحٌ (مِنْ سِوَى الْمُحْرِمِ) أَيْ الْحَلَالِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ (لِلْمُحْرِمِ حَلْ) أَيْ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ كَغَيْرِهِ (مَا لَمْ يُصَدْ لَهُ أَوْ الْمُحْرِمُ دَلْ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَدُلَّهُ الْمُحْرِمُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا صِيدَ لَهُ أَوْ دَلَّهُ عَلَيْهِ الْمُحْرِمُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا عَقَرَ أَبُو قَتَادَةَ، وَهُوَ حَلَالُ الْأَتَانَ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَمَّا مَذْبُوحُهُ بِالْحَرَمِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَمَيْتَةٌ تَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَغَيْرِهِ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي مَذْبُوحِهِ لِلْبَرِّيِّ وَكَسْرُ مِيمِ مِنْ أَيْ: وَمَذْبُوحُ الْبَرِّيِّ مِنْ الْمُحْرِمِ مَيْتَةٌ، وَمِنْ سِوَى الْمُحْرِمِ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ
. (وَإِنْ أَعَانَ) الْمُحْرِمُ (الْحِلَّ) أَيْ: الْحَلَالُ (أَوْ دَلَّ) أَيْ: دَلَّهُ (عَلَى صَيْدٍ عَصَى) كَعَكْسِهِ وَكَنَظِيرِهِ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ كَمَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ قَتْلِ الْآدَمِيِّ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ؛ لِوُجُوبِ حِفْظِهِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ
(وَلَا جَزَا إنْ أَكَلَا) أَيْ: وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِأَكْلِهِ لَحْمَ صَيْدٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهُ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ هُوَ أَمْ غَيْرُهُ؛ لِعَدَمِ نَمَائِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ كَبَيْضٍ مَذِرَ، وَلِأَنَّ جَزَاءَ ذَبْحِهِ إنْ ذَبَحَهُ هُوَ، أَوْ مُحْرِمٌ آخَرُ يُغْنِي عَنْ جَزَاءٍ آخَرَ وَلَوْ قَتَلَ مُحْرِمٌ وَمُحِلُّونَ صَيْدًا ضَمِنَ الْمُحْرِمُ الْقِسْطَ وَقِيلَ الْكُلَّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ حَتَّى قَتَلَهُ حَلَالٌ ضَمِنَهُ؛ لِتَعَدِّيهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْحَلَالِ عَلَى الْأَصَحِّ لِحِلِّ تَعَرُّضِهِ لَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَوْ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَإِنْ أَتْلَفَ قَارِنَانِ صَيْدًا حَرَمِيًّا فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ أَوْ أَحَدُ امْتِنَاعَيْ نَعَامَةٍ فَمَا نَقَصَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَتَعَدَّدُ) فِي نُسْخَةٍ فَإِنَّهَا. (قَوْلُهُ: كَقَتْلِ الصَّيْدِ) فَمِثْلًا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا بَعْدَهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: كَقَتْلِ الصَّيْدِ) أَيْ: أَوْ إزْمَانِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ ذَلِكَ) كَإِزْمَانِ مَا دُونَ النَّعَامَةِ مِنْ الصُّيُودِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ الْمُبْطِلَانِ غَيْرَ قَارِنَيْنِ بِأَنْ انْتَفَى الْقِرَانُ عَنْهُمَا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي بِالْمُسَاوَاةِ) كَقَتْلِ الصَّيْدِ مِنْ نَعَامَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَكَمَا لَوْ كَانَ الْمُبْطِلُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ مَا نَقَصَ) فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ رُبْعَ الْقِيمَةِ مَثَلًا وَجَبَ مِنْ الْبَدَنَةِ رُبْعُهَا، أَوْ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا، أَوْ صَامَ مِنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: حِلُّ الْبَيْضِ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْمُحْرِمِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ لِلْحَلَالِ مِنْهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ الْمُحْرِمُ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِلصَّائِدِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ الدَّالِّ وَغَيْرِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ ظَاهِرُ قِصَّةِ أَبِي قَتَادَةَ بِرّ.
(قَوْلُهُ: هَلْ مِنْكُمْ إلَخْ) مَفْهُومُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ، أَوْ أَشَارَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَتَأَمَّلْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَتَّبَ حِلَّ الْأَكْلِ عَلَى عَدَمِ أَمْرٍ، أَوْ إشَارَةِ أَحَدٍ فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ أَمْرٌ، أَوْ إشَارَةُ أَحَدٍ امْتَنَعَ الْأَكْلُ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ) أَيْ بِالْإِمْسَاكِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ لِلْإِتْلَافِ مَعَ عَدَمِ ضَمَانِ الْمُبَاشِرِ فَغَلَبَ السَّبَبُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ؛ لِعَدَمِ التَّعَدِّي بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ الْمُحْرِمُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَسَبُّبٌ لِإِتْلَافِ الْحَلَالِ بَلْ مُجَرَّدُ الْمُشَارَكَةِ لَهُ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ إلَّا الْقِسْطُ فَلَا تُشْكِلُ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى
(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمُ. (قَوْلُهُ: لِحِلِّ تَعَرُّضِهِ لَهُ) قَدْ يُشْكِلُ حِلُّ التَّعَرُّضِ مَعَ أَنَّ فِي التَّعَرُّضِ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ عَبَثًا وَهُوَ حَرَامٌ بَلْ مِنْ الْكَبَائِرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ مِنْ حَيْثُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ وَهُوَ
ــ
[حاشية الشربيني]
؛ لِأَنَّ الْعَبَّ أَعَمُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعَصَافِيرِ وَهُوَ الْغِفْرُ يَعُبُّ وَلَا يَهْدِرُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْهَدِيرِ مَعَ الْعَبِّ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) حَكَاهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْحَمَامِ كَالْفَوَاخِتِ وَنَحْوِهَا
(قَوْلُهُ: يَجْرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَخَّرَ مَثَلًا بِأَنْ قَالَ: لَوْ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ أَبْطَلَا مِنْ النَّعَامِ الْمَنْعَتَيْنِ مَثَلَا كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَتَلَهُ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ، سَوَاءٌ انْدَمَلَ جُرْحُهُ، أَوْ لَا، فَإِنَّ عَلَيْهِ جَزَاءَهُ زَمِنًا كَمَا فِي الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: حِلُّ الْبَيْضِ) تَقَدَّمَ حِلُّ الْجَرَادِ أَيْضًا لِغَيْرِهِ عَنْ حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ أَيْ: دُونَ الْحَلَالِ، أَمَّا