للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَعَوْسَجٍ، فَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْمُرُورَ كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي، وَفِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحْرُمُ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ الْمُؤْذِي أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى، بِخِلَافِ الشَّجَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلِلْقَائِلِ بِالْمَذْهَبِ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الشَّوْكَ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَكَيْفَ يَجِيءُ التَّخْصِيصُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّوْكَ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْذِيَ، وَغَيْرَهُ، وَالْقَصْدُ تَخْصِيصُهُ بِالْمُؤْذِي.

(وَ) لَا (إذْخِرًا) لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَهَذَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا لِاحْتِيَاجٍ وَكَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِيُفِيدَ حِلَّ قَطْعِهِ وَقَلْعِهِ، وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ لِغَلَبَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ وَ (فِي) قَطْعِ، أَوْ قَلْعِ (الشَّجَرَهْ إنْ صَغُرَتْ) بِحَيْثُ تُقَارِبُ سُبْعَ كَبِيرَةٍ (شَاةٌ، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ كَبُرَتْ بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا فَفِيهَا (بَقَرَهْ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، سَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا، فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَفِيهَا الْقِيمَةُ، وَكَذَا فِي الْخَلَاءِ إنْ لَمْ يُخْلِفْ فَإِنْ أَخْلَفَ سَقَطَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إخْلَافُهُ كَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ، وَإِنْ أَخْلَفَ الشَّجَرُ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانِ كَسِنِّ الْمَثْغُورِ وَفِي قَطْعِ الْغُصْنِ مَا نَقَصَ إنْ لَمْ يَخْلُفْ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: كَالسِّوَاكِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا وَجَبَ، ثُمَّ إذَا أَخْلَفَ لَمْ يَسْقُطْ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ، أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ، أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَتِهِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا أَخْلَفَ لَمْ يَسْقُطْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرُ إذَا كَانَ الْغُصْنُ لَا يُخْلِفُ عَادَةً وَإِلَّا فَهُوَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ أَشْبَهَ فَلَا ضَمَانَ إلَخْ. اهـ. وَبَيَّنَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ رَدَّ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ م ر وَقَوْلُهُ: فِي سَنَتِهِ أَيْ: سَنَةٍ تَمْضِي مِنْ الْقَطْعِ وِفَاقًا لِحَجَرٍ وَم ر.

(قَوْلُهُ: يَقْصِدُ الْأَذَى) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْفِعْلَ الْمُتَأَذِّيَ بِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ لَا يُدْرِكُ الْأَذَى فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ يَقْصِدُهُ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) قِيلَ يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهَا الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْذِي بِالْفِعْلِ، أَوْ الْقُوَّةِ. اهـ. وَأَقُولُ: لَكِنْ مَنَعَ الصَّرَاحَةَ الْمَذْكُورَةَ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِالطَّرِيقِ قَدْ يُؤْذِي بِالْفِعْلِ مَنْ يَدْخُلُ مَحَلَّهُ لِغَرَضٍ مَا وَقَدْ لَا يُؤْذِي كَذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ لَا يُنَافِي التَّخْصِيصَ بِالْمُؤْذِي بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْمُؤْذِي بِالْقُوَّةِ فَتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ تَخْصِيصُهُ بِالْمُؤْذِي) أَيْ إخْرَاجُ الْمُؤْذِي مِنْ النَّهْيِ بِالْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِذْخِرُ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِخَبَرِ الْعَبَّاسِ «إلَّا الْإِذْخِرَ» فَشَمِلَ مَنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْإِذْخِرَ مُبَاحٌ قَالَ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ وَقَدْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ، وَالنَّقِيعِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِمَادِهِ مَنْعَ الْبَيْعِ، وَلَوْ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ بِنَحْوِ الْعَلَفِ. نَعَمْ الْمُتَّجَهُ جَوَازُ نَحْوُ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمُتَّهَبِ لَهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِقْلَالِ بِأَخْذِهِ مِنْ مَحَلِّهِ الْجَائِزِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْإِذْخِرُ قَطْعًا وَقَلْعًا) ، وَلَوْ لِنَحْوِ الْبَيْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُقَارِبُ إلَخْ) احْتِرَازٌ عَمَّا صَغُرَ جِدًّا لَا عَمَّا بَلَغَ السُّبْعَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ) ، وَلَوْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي: وَإِنْ أَخْلَفَ الشَّجَرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْلَفَ سَقَطَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ عَامَّةٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُصْنِ عَلَى هَذَا وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالْغُصْنِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بَيْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ) أَيْ: وَلَوْ الْإِذْخِرَ عَلَى مَا نَقَلَهُ م ر فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ وَخَالَفَ خ ط نَاقِلًا عَنْ الشِّهَابِ م ر. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالْمَذْهَبِ) أَيْ: الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي قَطْعِ الْمُؤْذِي. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَبَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْمَارَّةِ، وَإِلَّا جَازُ قَطْعُهُ قَطْعًا وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَزَادَ أَنَّهُ يُسَنُّ قَطْعُهُ. (قَوْلُهُ: مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ) أَيْ: مُخَصَّصٌ بِغَيْرِ الْمُؤْذِي بِالْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُؤْذِي لِلْمَارَّةِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بِدَلِيلِ حِكَايَتِهِمْ التَّفْصِيلَ وَجْهًا ضَعِيفًا، فَإِنْ قُلْت: هُوَ يَتَنَاوَلُ شَدِيدَ الْإِيذَاءِ وَضَعِيفَهُ، وَالْقَصْدُ تَخْصِيصُهُ بِالْأَوَّلِ فَتَجُوزُ إزَالَتُهُ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تُقَارِبُ السُّبْعَ) وَكَذَا مَا بَلَغَتْهُ فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَبْلُغْ الْكَبِيرَةَ اُعْتُبِرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ عَلَى قِيمَةِ مَا يُجْزِئُ فِي الصَّغِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وَعِ ش عَلَيْهِ وَاسْتَوْجَهَ حَجَرٌ إجْزَاءَ الْمُجْزِيَةِ فِي السُّبْعِ فِيمَا بَلَغَ سِتَّةَ أَسْبَاعٍ مَثَلًا. اهـ. وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ أَنَّ مَا دُونَ الْكَبِيرَةِ يُضْمَنُ بِشَاةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخْلَفَ الشَّجَرُ لَمْ يَسْقُطْ) قَالَ الْمَدَنِيُّ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعٌ: أَحَدُهَا مَا لَا يُضْمَنُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ الْحَشِيشِ الْأَخْضَرِ، وَالْإِذْخِرِ وَكَذَا عُودُ السِّوَاكِ؛ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ، ثَانِيهَا مَا لَا يُضْمَنُ إذَا أَخْلَفَ مُطْلَقًا وَهُوَ الْحَشِيشُ الْأَخْضَرُ الْمَقْطُوعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثَالِثُهَا مَا لَا يُضْمَنُ إذَا أَخْلَفَ فِي سَنَةِ الْقَطْعِ، وَإِلَّا ضُمِنَ وَهُوَ غُصْنُ الشَّجَرَةِ رَابِعُهَا مَا يُضْمَنُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَخْلَفَ فِي حِينِهِ وَهُوَ قَطْعُ الشَّجَرِ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْلَفَ) قَضِيَّةُ الْمَجْمُوعِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي السِّوَاكِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاجُ لِأَخْذِهِ عَلَى الْعُمُومِ فَسُومِحَ فِيهِ فَالْقَيْدُ فِي غُصْنِ غَيْرِ السِّوَاكِ. اهـ. حَجَرٌ بِالْمَعْنَى. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>