وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ جَرْحِ الصَّيْدِ فَإِنْ أَخْلَفَ فِي عَامِهِ؛ لِصِغَرِهِ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ كَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ، فَلَا ضَمَانَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَفِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ الْبَدَنَةُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ وَلَا عَنْ الشَّاةِ. اهـ. وَيُجَاب بِأَنَّهُمْ رَاعُوا الْمِثْلِيَّةَ فِي الصَّيْدِ بِخِلَافِهَا هُنَا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَقَرَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجْزَائِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الدِّمَاءُ وَصَرَّحَ بِهِ شَارِحُ التَّعْجِيزِ فَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ لِابْنِ دِرْبَاسٍ عَلَى الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّبِيعُ، بِخِلَافِ الشَّاةِ لَا بُدَّ مِنْ إجْزَائِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَإِنَّ وُجِّهَ بِأَنَّ الشَّاةَ لَمْ يُوجِبْهَا الشَّرْعُ إلَّا فِي هَذَا السِّنِّ بِخِلَافِ الْبَقَرَةِ بِدَلِيلِ التَّبِيعِ فِي ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، مَعَ أَنَّ التَّوْجِيهَ بِهَذَا مَرْدُودُ فَإِنَّ الشَّاةَ قَدْ تَجِبُ فِي دُونِ هَذَا السِّنِّ هُنَا، وَفِي الزَّكَاةِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ صَغِيرًا. وَمَا ذَكَرْته فِي ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَخَالَفَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ فَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ، ثُمَّ قَالَ: وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبْعَ الْكَبِيرَةِ وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبْعِ الْكَبِيرَةِ. وَجَزَاءُ قَطْعِ وَقَلْعِ مَا ذُكِرَ مُخَيَّرٌ مُعَدَّلٌ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ
. (قُلْتُ لِأَحْجَارٍ) الْحَرَمُ (وَتُرْبِ الْحَرَمِ يُكْرَهُ نَقْلٌ) قَدَّمَ مَعْمُولَ الْمَصْدَرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ أَيْ: يُكْرَهُ نَقْلُ ذَلِكَ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ كَذَا فِي الرَّافِعِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهِيَ عِبَارَةُ كَثِيرِينَ، أَوْ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُهُ. وَيُكْرَهُ نَقْلُ أَحْجَارِ الْحِلِّ وَتُرَابِهِ إلَى الْحَرَمِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْدُثَ لَهَا حُرْمَةٌ لَمْ تَكُنْ وَلَا يُقَالُ: مَكْرُوهٌ؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ فِيهِ (لَا) النَّقْلُ (لِمَاءِ زَمْزَمِ) فَلَا يُكْرَهُ لِاسْتِخْلَافِهِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَهْدَاهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَلِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَنْقُلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَتْ تُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ
، وَمِنْ هُنَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِاسْتِحْبَابِ نَقْلِهِ؛ تَبَرُّكًا، وَحَكَاهُ عَنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ (وَ) أَبُو عَمْرٍو (ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ) كَالرَّافِعِيِّ عَنْ ابْنِ عَبْدَانَ مَنْعَ قَطْعِ سُتُورِ الْبَيْتِ وَنَقْلِهَا وَبَيْعِهَا (لِلْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ (نَزْعُ سُتُورِ الْبَيْتِ كُلَّ عَامِ وَصَرْفُهَا وَلَوْ بِلَا اسْتِبْدَالِ) كَهِبَتِهَا (فِي بَعْضِ مَا يَصْرِفُ) إلَيْهِ (بَيْتُ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ؛ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبَلَاءِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَجَوَّزُوا لِمَنْ أَخَذَهَا لُبْسَهَا، وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا، وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْوَقْفِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالًا: أَحَدُهَا أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ، وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ، وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِي مَرَّ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا وُقِفَتْ، فَلَا يَتَعَقَّلُ عَالِمٌ جَوَازَ صَرْفِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْلَفَ فِي عَامِهِ إلَخْ) لَا يُشْكِلُ هَذَا بِالرِّيشِ إذَا أَخْلَفَ؛ لِأَنَّ الرِّيشَ يَقِي الطَّائِرَ الْحَرَّ، وَالْبَرْدَ. (قَوْلُهُ: لِصِغَرِهِ سَقَطَا إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خِلَافَ الْكَبِيرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: الْأَحْجَارِ وَتُرْبِ الْحَرَمِ) لَا فَرْقَ فِي كَرَاهَةِ نَقْلِ ذَلِكَ، أَوْ حُرْمَتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ بَيْنَ أَخْذِهِ مِنْ مِلْكٍ، أَوْ مَوَاتٍ وَبَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ نَقْلِهِ لِدَوَاءٍ زَادَ ابْنُ الْعِمَادِ، أَوْ لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الشَّجَرِ، وَالْحَشِيشِ عب أَقُولُ: قَدْ يَقْتَضِي جَوَازُ نَقْلِهِ لِلْحَاجَةِ جَوَازَ نَقْلِ مَا اُتُّخِذَ مِنْهُ كَالْكِيزَانِ لِحَاجَةِ الشُّرْبِ فِيهَا، وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ لِفَرْقٍ وَاضِحٍ فَلْيُحَرَّرْ. .
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُهُ) أَيْ: النَّقْلِ، وَلَوْ إلَى حَرَمِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: بِلَا جَزَاءٍ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرُّويَانِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَامٍّ فَأَشْبَهَ الشَّجَرَ الْيَابِسَ وَإِنَّمَا حَرُمَ نَقْلُهُ لِحُرْمَتِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الشَّجَرَ الْيَابِسَ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ إخْرَاجِ الْيَابِسِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) نَقْلُ هَذَا الِاتِّفَاقِ يَقْتَضِي تَفْرِقَةَ الْأَصْحَابِ بَيْنَ خِلَافِ الْأَوَّلِ، وَالْمَكْرُوهِ مَعَ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَمَا بَيَّنَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ. (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ الْمُخَالَفَةُ بِحَمْلِ مَا فِي آخِرِ الْوَقْفِ عَلَى مُجَرَّدِ جَوَازِ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي جَوَازَ شَيْءٍ آخَرَ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
مَرْصِفِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْلَفَ) أَيْ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ ضَمِنَ النَّقْصَ. اهـ. سم عَلَى ع وَشَرْحِ عب وَتُعْتَبَرُ الْمِثْلِيَّةُ بِالطُّولِ، وَالتُّخْنِ فِي الْعُرْفِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ الْمُزَالِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ خَلَفٌ لَهُ كَذَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَجَرٌ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي عَامِهِ) هَذَا فِي غُصْنِ الشَّجَرِ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ مَتَى أَخْلَفَ لَا ضَمَانَ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَقَرَةَ إلَخْ) كَذَلِكَ الشَّاةُ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: لِابْنِ دِرْبَاسٍ) هُوَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) صَادِقٌ بِالْحَمَامِ وَفِيهِ خِلَافٌ نَقَلْنَاهُ فَانْظُرْهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ: مَكْرُوهٌ) يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى جَرْيًا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُتَقَدِّمِينَ. اهـ. شَرْحُ عب.
(قَوْلُهُ: اسْتَهْدَاهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُهَيْلٍ) فَبَعَثَ إلَيْهِ بِمَزَادَتَيْنِ. اهـ. شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ) أَيْ: كَحُصُرِ الْمَسْجِدِ إذَا بُلِيَتْ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ) وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ إذَا