للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ» ، وَبِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مَضْمُونٌ عَلَى سَيِّدِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَأَمَّا النَّقِيعُ بِالنُّونِ فَلَيْسَ بِحَرَمٍ، وَلَكِنْ حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ، وَالْجِزْيَةِ، فَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ نَبَاتَهُ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، بِخِلَافِ الصَّيْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، وَالْجِزْيَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَصْرِفُهَا بَيْتَ الْمَالِ

. (وَقَدْ تَدَاخَلَ الْجَزَا إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ) مِنْ الْمَحْظُورَاتِ وَتُعَدَّدُ كَتَطْيِيبٍ أَوْ لُبْسِ بِأَنْوَاعٍ، أَوْ بِنَوْعٍ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَالْوَقْتُ) بِأَنْ تَتَوَالَى الْأَفْعَالُ عَلَى الْعَادَةِ، وَالْمَكَانُ بِأَنْ لَا يَنْتَقِلَ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ (فِي الِاسْتِمْتَاعِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ حِينَئِذٍ خَصْلَةً وَاحِدَةً وَلَا يَقْدَحُ فِي اتِّحَادِ الْوَقْتِ طُولُهُ فِي تَكْوِيرِ الْعِمَامَةِ وَلُبْسِ ثِيَابٍ كَثِيرَةٍ كَالرَّضْعَةِ فِي الرَّضَاعِ، وَالْأَكْلَةِ فِي الْيَمِينِ وَخَرَجَ بِاسْتِمْتَاعِ الِاسْتِهْلَاكُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: طُولُهُ فِي تَكْوِيرِ الْعِمَامَةِ) أَيْ: عَلَى الرَّأْسِ، أَمَّا تَكْوِيرُهَا عَلَى الْقُبَّعِ مَثَلًا بَعْدَ لُبْسِهِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِلُبْسِ الْقُبَّعِ أَوَّلًا، وَكَذَا لُبْسِ قَمِيصٍ فَوْقَ قَمِيصٍ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَحَكَى فِيهِمَا الِاتِّفَاقَ، وَمِنْ الْعِلَّةِ يُؤْخَذُ أَنَّ الْعِمَامَةَ، وَالْقَمِيصَ الثَّانِيَ لَمْ يُسْتَرْ بِهِمَا شَيْءٌ آخَرُ لَمْ يُسْتَرْ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ إنْ لَمْ يَتَّحِدْ الزَّمَنُ كَمَا لَوْ لَبِسَ سَرَاوِيلَ، ثُمَّ قَمِيصًا؛ لِحُصُولِ سَتْرٍ بِالثَّانِي لَمْ يَحْصُلْ بِالْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَكَسَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَبِسَ الْقَمِيصَ سَتَرَ مَحَلَّ السَّرَاوِيلِ بِالْمُحِيطِ، وَوَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ فَلَا تَتَكَرَّرُ بِسَاتِرٍ آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ لَبِسَ قَمِيصًا فَوْقَ قَمِيصٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ. اهـ.

وَفَرَّقَ الدَّمِيرِيِّ كَالسُّبْكِيِّ بَيْنَ الْبَدَنِ، وَالرَّأْسِ فَقَالَ بِالتَّعَدُّدِ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ فِيهِ اللُّبْسُ وَاسْمُهُ صَادِقٌ مَعَ التَّعَدُّدِ وَفِي الرَّأْسِ السِّتْرُ وَهُوَ قَدْ حَصَلَ بِالْأَوَّلِ؛ إذْ الْمَسْتُورُ لَا يُسْتَرُ، لَكِنْ أَطَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَمُولِيُّ: لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ ثُمَّ بِإِزَارٍ آخَرَ مُطَيَّبٍ فَلَا فِدْيَةَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَلِمَ يَجْعَلْهُ مَلْبُوسًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الطِّيبِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّوْعِ؟ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالِاسْتِمْتَاعِ الِاسْتِهْلَاكُ) أَقُولُ: تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالِاسْتِمْتَاعِ وَتَصْرِيحُ الشَّارِحِ بِالِاحْتِرَازِ كِلَاهُمَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّك إذَا تَأَمَّلْت وَجَدْتَ الِاسْتِهْلَاكَ كَالِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ مَثَلًا نَوْعٌ وَاحِدٌ فَإِنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ فِي حَلْقِ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَغَيْرِهَا اتَّحَدَ الْجَزَاءُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّمَانُ، أَوْ الْمَكَانُ تَعَدَّدَ، وَلَوْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ فِي حَلْقِ بَدَنِهِ وَتَقْلِيمِ جَمِيعِ أَظْفَارِهِ وَجَبَ جَزَاءَانِ لِتَعَدُّدِ نَوْعِ الِاسْتِهْلَاكِ كَتَعَدُّدِ نَوْعِ الِاسْتِمْتَاعِ.

فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ إنْ تَعَدَّدَ نَوْعُهُ تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ مُطْلَقًا، أَوْ اتَّحَدَ فَإِنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ اتَّحَدَ الْجَزَاءُ، وَإِلَّا تَعَدَّدَ وَهَذَا هُوَ حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ مَا نَصُّهُ ثَالِثُهَا أَيْ: مِمَّا أَوْرَدَ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ جَمِيعَ رَأْسِهِ، أَوْ قَلَّمَ جَمِيعَ أَظْفَارِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَانِ وَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا جَزَاءٌ وَاحِدٌ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بَلْ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ وَقَدْ أَطْلَقَ فِي الِاسْتِهْلَاكِ التَّعَدُّدَ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَحْظُورٌ وَاحِدٌ، وَالْكَلَامُ فِي مُبَاشَرَةِ مَحْظُورَيْنِ. اهـ. وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَيَرِدُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ نَحْوَ لُبْسِ الْقَمِيصِ، وَالْعِمَامَةِ، وَالسَّرَاوِيلِ مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ مَحْظُورٌ وَاحِدٌ مَعَ أَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَدَارُ فِي اتِّحَادِ الْمَحْظُورِ عَلَى اتِّحَادِ الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ فَهُوَ جَارٍ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ عَلَى اتِّحَادِ مَحَلِّ الْمَحْظُورِ فَالْيَدَانِ، وَالرِّجْلَانِ لَمْ يَتَّحِدَا حَتَّى يَكُونَ قَلْمُ أَظْفَارِ الْجَمِيعِ وَاحِدًا، وَكَذَا الرَّأْسُ وَمَوَاضِعُ الشَّعْرِ مِنْ الْبَدَنِ لَمْ يَتَّحِدْ حَتَّى تَكُونَ إزَالَةُ شَعْرِ الْجَمِيعِ وَاحِدًا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى اتِّحَادِ الْمَحْظُورِ بَلْ عَلَى اتِّحَادِ نَوْعِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَلْمِ الْأَظْفَارِ وَمِنْ حَلْقِ جَمِيعَ الشَّعْرِ نَوْعٌ وَاحِدٌ.

وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ الْإِرْشَادُ بِقَوْلِهِ: وَتَدَاخَلَ حَلْقٌ أَوْ قَلْمٌ، أَوْ نَوْعُ اسْتِمْتَاعٍ وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضِ سم.

(قَوْلُهُ: بِالِاسْتِمْتَاعِ الِاسْتِهْلَاكُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ الْمَحْظُورَاتُ تَنْقَسِمُ إلَى: اسْتِهْلَاكٍ كَالْحَلْقِ إلَخْ وَاسْتِمْتَاعٍ كَالطِّيبِ وَلَا تَتَدَاخَلُ إلَّا إنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ، وَالْمَكَانُ، وَالزَّمَانُ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ تَكْفِيرٌ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّا يُقَابَلُ بِمَثَلٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَتَدَاخَلُ الصَّيْدُ وَنَحْوُهُ أَيْ: كَالشَّجَرِ، وَإِنْ اتَّحَدَ نَوْعُهُ أَيْ: وَالْمَكَانُ، وَالزَّمَانُ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ تَكْفِيرٌ وَإِنْ نَوَى بِالْكَفَّارَةِ بَيْنَ الْحَلْقَيْنِ، وَاللُّبْسَيْنِ الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلِ فَفِي إجْزَائِهَا أَيْ: عَنْ الثَّانِي وَجْهَانِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. اهـ. وَفِي شَرْحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ كَسَرَ بَيْضَةَ نَعَامٍ وَفِيهَا فَرْخٌ وَمَاتَ لَزِمَهُ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ وَلَا يَجِبُ بِكَسْرِ الْبَيْضَةِ شَيْءٌ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ يَدْخُلُ ضِمْنًا فِي فِدْيَةِ الْفَرْخِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ وَنَحْوَهُ لَا تَدَاخُلَ فِيهِمَا وَلَا أَثَرَ لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ فِيهِمَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى آخَرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالثَّانِي لِفُقَرَاء الْمَدِينَةِ، وَالثَّالِثُ لِبَيْتِ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعٍ) أَيْ: مِنْ الْمَلْبُوسِ وَإِنْ كَانَ نَوْعُ اللُّبْسِ وَاحِدًا وَكَذَا يُقَالُ فِي الطِّيبِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَلْقَ، وَالْقَلْمَ مُتَّحِدُ النَّوْعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>