للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصِّيعَانَ وَبَاعَ صَاعًا مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفَاوَتَتْ فِي الْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ. وَعَبَّرَ الْحَاوِي عَمَّا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: أَوْ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَجَعَلَ الشَّرْطَ، إمَّا الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ، أَوْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ فِي مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فَالثَّانِي كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ: يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ إلَّا فِي صَاعِ صُبْرَةٍ فَقَوْلُ النَّظْمِ: كَبَيْعِ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ تَمْثِيلٌ بِتَنْزِيلٍ مَعْلُومِ الْقَدْرِ فِي مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ مَنْزِلَةَ مَعْلُومِ الْعَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ صُنْعُ كَثِيرٍ وَيُؤَيِّدُهُ عُدُولُهُ عَنْ أَوْ السَّالِمُ مَعَهُ الْجُزْءُ مِنْ الْخَبْنِ إلَى مَا فِيهِ خَبْنٌ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا، وَفِي عُدُولِهِ إلَى ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّاعِ وَيَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ شَيْءٍ، وَلَوْ بِمِثْلِهِ مِنْهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الذَّكَاةِ صِحَّةُ بَيْعِ حَمَامِ بُرْجٍ اخْتَلَطَ بِآخَرَ مِنْ مَالِكِ الْآخَرِ وَبَيْعِهِمَا مِنْ ثَالِثٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا الْعَيْنَ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ)

لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ قَالَ الْإِمَامُ: فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ وَشَبَّهَهُ بِالْأُنْمُوذَجِ إذَا لَمْ يَدْخُلْهُ فِي الْمَبِيعِ (لَا) بَيْعُ (صُبْرَهْ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ إلَّا صَاعًا) ، فَلَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْرِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، أَمَّا الْمَعْلُومَةُ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِالْقَدْرِ (وَالْقَدْرَ ذِمَّةً) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعِ عَلِمَ الْعَاقِدَانِ عَيْنَهُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا مَرَّ وَقَدْرَهُ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا أَيْضًا فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِمِلْءِ أَوْ مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً، أَوْ بِزِنَةٍ، أَوْ زِنَةَ هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْعِوَضَ كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِمِلْءِ، أَوْ مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ تَنْكِيرُ الرَّافِعِيِّ الْحِنْطَةَ فِي مِثَالِ الْبُطْلَانِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي السَّلَمِ وَمَثَّلَ بِالْكُوزِ فَقَالَ: وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ؛ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ خَطَأٌ مَنْشَؤُهُ عَدَمُ التَّأَمُّلِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ عِلْمِهِمَا بِجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ فَلَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ أَوْ بِنَقْدٍ مُطْلَقًا وَثَمَّ نُقُودٌ لَا غَالِبَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْجِنْسِ فِي الْأُولَى، وَالصِّفَةِ فِي الثَّانِيَةِ نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيَمُ النُّقُودِ صَحَّ الْبَيْعُ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهَا.

وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ فَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَتَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهُمَا، أَوْ قَدْرَ إحْدَاهُمَا صَحَّ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ (فَائِدَةٌ)

الذِّمَّةُ لُغَةً: الْأَمَانُ وَاصْطِلَاحًا: النَّفْسُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ وَمَثَّلَ لِلْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومِ الْعَيْنِ بِالصُّبْرَةِ وَلِمَا فِي الذِّمَّةِ الْمَعْلُومِ الْقَدْرِ بِالْعَشَرَةِ فِي قَوْلِهِ (كَمَا لَوْ بَاعَا صُبْرَتَهُ بِعَشْرَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا فَيَصِحُّ (وَيَبْطُلُ) الْبَيْعُ (بِدَكَّةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: مَعَ وُجُودِ دَكَّةٍ (مِنْ تَحْتِهَا) أَيْ: الصُّبْرَةِ حَيْثُ (لَا يَجْهَلُ) الْمُشْتَرِي الدَّكَّةَ؛ لِمَنْعِهَا تَخْمِينَ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ نَعَمْ إنْ رَأَى الْمَوْضِعَ قَبْلَ وَضْعِ الصُّبْرَةِ عَلَيْهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ (وَجَاهِلًا خَيِّرْ) أَيْ، وَالْجَاهِلُ بِالدَّكَّةِ بِأَنْ ظَنَّ الصُّبْرَةَ عَلَى مُسْتَوٍ، ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ؛ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. وَخَرَجَ بِالدَّكَّةِ الْحُفْرَةُ فَفِي التَّهْذِيبِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ، وَرَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ، وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ التَّفْرِيقَ يَحْصُلُ بِهِ التَّبَايُنَ فَيَصِيرُ كُلُّ صَاعٍ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَصِيرُ الصُّبْرَةُ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ تَمَاثَلَتْ أَجْزَاؤُهَا فَيَبْعُدُ الِاخْتِلَافُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا وَهَذَا أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا وَزْنًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَثَمَّ نُقُودٌ لَا غَالِبَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَجِبُ تَعْيِينُ نَوْعِ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ لَفْظًا إنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فُلُوسًا، وَكَذَا مُكَسَّرًا وَلَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَتُهُ. اهـ. أَيْ: فَإِنْ تَفَاوَتَتْ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ، إلَّا إنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ فَلَا يَصِحُّ. اهـ. . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَفَاوُتُ قِيمَتِهِ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةَ الْقِيمَةِ لَا تَفَاوُتُ قِيمَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحِيحِ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفَاوَتَتْ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا صَارَتْ أَعْيَانًا مُتَمَيِّزَةً لَا دَلَالَةَ لِأَحَدِهَا عَلَى الْأُخْرَى فَصَارَ كَبَيْعِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْحَاوِي إلَخْ) أَوْ بَعْدَ قَوْلِهِ: مَعْلُومُ الْعَيْنِ، وَالْمَمَرِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِيمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ غِبْطَةٌ وَإِلَّا كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ مَحْجُورِهِ أَوَّلَهُ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا؛ إذْ لَا غِبْطَةَ نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ فَائِدَةٌ مِمَّا سَيَأْتِي صَحَّ وَفَائِدَةُ صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ مَنْعُ رُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَةِ الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ لِوَلَدِهِ وَمَنْعُ رُجُوعِ الزَّوْجِ فِيمَا أَصْدَقَهُ لِزَوْجَتِهِ إذَا فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَمَنْعُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ، أَوْ فَلَسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ عب عَنْ الزَّرْكَشِيّ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيَمُ النُّقُودِ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ كُلٌّ مِنْهَا غَالِبًا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ الدَّمْهُوجِيِّ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ غَلَبَةٌ لِأَحَدِ النُّقُودِ وَتَسَاوَتْ قِيَمُهَا صَحَّ وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي عب أَيْضًا حَيْثُ مَثَّلَ لِلصَّحِيحِ بِقَوْلِهِ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ بِلَا غَلَبَةٍ وَلَا تَفَاوُتٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْقِيمَةِ: فَلَا يَجِبُ التَّعْيِينُ حَيْثُ لَا غَالِبَ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّرْحِ: نَعَمْ إلَخْ شَامِلٌ لِلْقِسْمَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا غَلَبَ كُلٌّ، أَوْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: قِيَمُ النُّقُودِ) أَيْ وَرَوَاجُهَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ الدَّمْهُوجِيِّ (قَوْلُهُ: لَا يَجْهَلُ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ عَلِمَ بِهَا بِالْإِخْبَارِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالدَّكَّةِ الْحُفْرَةُ) أَيْ: إذَا عَلِمَهَا بِالْإِخْبَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَهَا بِالْمُعَايَنَةِ فَيَصِحُّ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ: وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَا ظَهَرَ وَمَا فِي الْحُفْرَةِ وَعَلَى مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>